-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الافتتاحية: استعمار بدون مروحة

الشروق أونلاين
  • 1334
  • 0
الافتتاحية: استعمار بدون مروحة

سالم زواوي

بين ذكرى استقلال الجزائر وذكرى العيد الوطني الفرنسي أيام معدودات، استغل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وقعها ليزور الجزائر، وتصدر كثير الرسائل وتطلق بالونات الاختبار ويلوح بكثير المعاني والمغازي ويؤكد، بالتحدي الذي تمثله المناسبتين ورموزهما بالنسبة لكل طرف، أحيانا وبالمباشر والصريح أحيانا كثيرة، أن الجزائر، بالنسبة للدولة الفرنسية على الأقل، لا تزال قطعة من فرنسا وبالمعايير الاستعمارية القديمة، فما بالك أن تعترف فرنسا بجرائمها المقترفة في حق الشعب الجزائري.كما يطالب بذلك الجزائريون، أو أن تترك الجزائر تهنأ وتنمو كدولة مستقلة وذات سيادة كباقي الدول. لكن موقف الطرف الجزائري المتخاذل هو الذي جعل فرنسا تنقل معركتها في نفي الجزائر والجزائريين وتضحياتهم التاريخية إلى قلب الجزائر، حتى أن المسؤولين الفرنسيين لم يعودوا يكلفون أنفسهم حتى عناء ضبط ألسنتهم ومراقبة ما يقولون تجاه الجزائر متخلين عن كل الضوابط والقواعد الدبلوماسية.

وبعد الرئيس ساركوزي الذي صرح من أعالي الجزائر العاصمة بأن فرنسا لن تعترف بما يطالب به الجزائريون ويلمح إلى ثبات تمجيد الأعمال الاستعمارية كأعمال حضارية في الجزائر، وعلى الجزائر أن تقبل التعامل مع فرنسا على هذا الأساس، يأتي السفير الفرنسي في الجزائر ليدق المسمار إلى عمق أكبر ليأمر بعزف النشيد الوطني الجزائري، “قسما”، إلى جانب النشيد الوطني الفرنسي بمناسبة إحياء ذكرى العيد الوطني الفرنسي بالسفارة، وهو الأمر الفريد من نوعه الذي إن لم يكن ذا مغزى سياسي واضح فهو “استفزاز” مؤلم في إطار نقل فرنسا لمعركة الجزائر فرنسية إلى أرض الجزائر حتى تشلها عن ردة الفعل المشلولة أصلا أمام الزحف الفرنسي الجديد بالشروط الفرنسية المحضة وغير القابلة للنقاش..

كما صرح السفير أن فرنسا جاهزة لتقديم مساعدات هامة للجزائر من أجل تفعيل عملية تدريس اللغة الفرنسية، في الجزائر، وأن حرية تنقل الأشخاص “يقصد حرية تنقل الجزائريين إلى فرنسا” هي تلك الحرية التي تضمن الحد من الهجرة إلى فرنسا.. مع ما تحمله هذه العيارات من احتقار مكشوف للجانب الجزائري. لقد أصبحت مقولة الجنرال ديغول المبنية على التخطيط والحسابات الدقيقة، من أن الجزائر ستعود إلى فرنسا على طبق من ذهب بعد 30 سنة من الاستقلال، هي الثابت الذي لا يتحرك في السياسة الفرنسية تجاه جزائر مابعد 1962، خاصة بعد أن تأكدت فرنسا أنها لا تحتاج إلى صفعة من مروحة “الداي الجديد” على وجه السفير الفرنسي، لكي تعود وتصول وتجول رغم أنف الجزائريين وما عانوه من استعمار فرنسا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!