-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الافتتاحية: شجاعة نادرة

الشروق أونلاين
  • 1833
  • 0
الافتتاحية: شجاعة نادرة

سالم زواوي:infos@ech-chorouk.com

المعروف عن السيد بلعيد عبد السلام أنه من الساسة الجزائريين النادرين الذين لا يعرف الخوف السياسي طريقا إلى نفوسهم مهما كان ما يمرون به مخيفا وخطيرا، ولذلك جاءت مذكراته الصادرة مؤخرا فاضحة تماما لفضائح الأزمة التي مرّت بها الجزائر ولخباياها وأسرارها.وإن كانت لا تخلو من التنديد وتصفية الحسابات مع بعض الذين أساؤوا إليه وحاولوا تشويه سمعته وتاريخه النضالي لأنه رفض السير في سياق سياسة التدمير للبلاد والعباد التي انتهجوها من أجل خدمة مصالحهم الشخصية الضيقة، فقد كشف، دون أن يصرح بذلك، علنا أن الأزمة الأخيرة التي عصفت بالجزائر بدءا من سنة 1991 كانت مبرمجة بدقة في أحداث أكتوبر 1988، إذ يقول إنه وجد نفسه في زحمة تلك الأحداث بصحبة رضا مالك بهدف التوقيع على تصريح الـ18 الذي يطالب الرئيس الشاذلي بن جديد بتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى ما بعد وضع النظام الاقتصادي وما يسمى بالديمقراطية، ولما رفض كان الذهاب إلى تفجير الأزمة تحت ذريعة إلغاء المسار الانتخابي لما يشكله من خطر على الدولة..

وكان الهدف الأساسي هو الوصول إلى اقتصاد ليبرالي متوحش المبني على تحرير التجارة الخارجية التي يستفيد منها الأشخاص والمسؤولون والنافذون أكثر مما يستفيد منها المجتمع أو الاقتصاد الوطني، كما كان الهدف سياسيا من تفجير الأزمة هو الوصول بالبلاد إلى ما وصلت إليه وماهي عليه اليوم، خاصة أمام فرنسا التي اشترت الديون الجزائرية في إطار الجدولة التي سار فيها المغامرون الجدد، لتحكم قبضتها على السيادة الوطنية وتجريد الدولة من حرية القرار، فأصبحت هذه الدولة غير موجودة اليوم في تعاملات فرنسا التي لا نذكرها حتى في الوثائق الرسمية، وتقتصر على الحديث عن الشعب الجزائري وعلاقته بالدولة الفرنسية والشعب الفرنسي وترفض الاعتراف بجرائم الاستعمار، بل وتمجّد هذا الإستعمار وتجعل من أعماله الإجرامية أعمالا بطولية من أجل التحضير، لأنه لو تعلق الأمر فقط بتحديد الاقتصاد الوطني والخوصصة والديمقراطية – كما يشير بلعيد عبد السلام – لسارت الأمور على ما يرام منذ بداية الثمانينيات عندما بادر هو شخصيا باقتراح عدد من القوانين والإجراءات التي من شأنها الانتقال التدريجي والهادئ إلى الاقتصاد الحر والخوصصة والديمقراطية دون المساس بأمن البلاد وبالسلم الاجتماعي.

ولكن النيّة وسبق الإصرار والترصد لدى بعض النافذين جعلتهم يفرضون الخوصصة واقتصاد السوق والجدولة التي تعود عليهم بالفائدة الشخصية حتى ولو كانت الفتنة والحرب الأهلية وهلاك مئات الآلاف من الجزائريين هي وسيلتهم إلى تحقيق ذلك، معترفا أنه هو أيضا في المطب وذهب ضحية المغالطات عندما وجد نفسه ناكرا لقناعاته الشخصية المترسخة، تماما مثلما وقع المرحوم محمد بوضياف في هذه المطبات واعترف في النهاية بذلك ولكن بعد فوات الأوان، فلم يجد إلا القول: “لعبوهالي لباندية”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!