الجزائر
بعد ثبات فساد رجالاته ومحيطه القريب

“البوتفليقيون” يورّطون الرئيس المستقيل!

محمد مسلم
  • 20024
  • 33
ح.م

سُجن إلى حد الآن العديد من رجالات الرئيس السابق، وعلى رأسهم مدير التشريفات برئاسة الجمهورية، مختار رقيق، وقبله السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق ومستشاره الخاص، ووزيران أولان والعشرات من الوزراء والمديرين وإطارات الدولة المعينين بمراسيم.

ومن بين الرجال الذين يوجدون خلف القضبان، المدير العام الأسبق للأمن الوطني، عبد الغني هامل، وهو من المقربين جدا للرئيس السابق، وأحد أبرز الرجالات المحيطين به، وقد رشح في مراحل معينة لخلافته في قصر المرادية، ووزير العدل الأسبق، الطيب لوح، الذي يعتبر بمثابة الذراع التي كان يضرب بها خصومه، وإطارات كبار ثبت تورطهم لصالحه فيما عرف بقضية التآمر على سلطة الدولة والجيش.

كما تبين أيضا أن رجال الأعمال الذين كانوا يوفرون المال السياسي الفاسد لمعسكر الرئيس السابق، من أجل شراء الذمم، كانوا مجرد ناهبين للمال العام مستغلين نفوذ الدولة وجبروتها، الذي كان رهينة بأيدي قوى غير دستورية، في إشارة إلى شقيق الرئيس.

ولا تزال التحقيقات جارية، وهي مرشحة لأن تلقي برجالات آخرين، اختارهم الرئيس السابق للعمل معه، خلف القضبان، ما يعني أن الفساد السياسي والمالي اللذين نخرا الدولة في عهد النظام السابق، أخذ الطابع المؤسساتي وأصبح جزءا من تسيير ما تبقى من أطلال الدولة.

خلال محاكمات المتهمين بالفساد، ذكر اسم الرئيس السابق في العديد من المرات على لسان غالبية المسؤولين الكبار الذين تمت محاكمتهم، وعلى رأسهم الوزير الأول الأسبق، عبد المالك سلال، أثناء محاكمته في قضية تركيب السيارات، بمحكمة سيدي محمد بالعاصمة، حيث قال بصريح العبارة وعلى المباشر إن “بوتفليقة خدعه”، وكذلك الشأن بالنسبة للوزير الأول الآخر، احمد أويحيى، الذي قال إنه أصدر قرارات بتوجيهات من رئيس الجمهورية.

الكثير ممن أودعوا السجون، ذُكرت أسماؤهم في قضايا فساد من قبل متهمين، وقد تم استدعاؤهم وسجنوا بتهم الفساد والرشوة، كما تحول وزراء ومديرون من مجرد شهود إلى متهمين بعد الاستماع إليهم أيضا، فلماذا لا تطبق هذه القاعدة على الرئيس المستقيل، وهو الذي يفترض أن يكون المسؤول الأول عن كل ما عاشته البلاد طيلة فترة حكمه؟

البعض ممن يتحفظون على مثول الرئيس السابق أمام العدالة، يدفعون بالظروف الصحية الصعبة التي يعاني منها منذ سنوات، وهو أمر قد تكون له وجاهة، غير أن “الجمهورية الجديدة”، كما تقول سلطات ما بعد 22 فبراير، يفترض ألا تعير هذه القراءات اهتماما، لأن إرادة القانون يجب أن تكون فوق كل الاعتبارات، وإلا بطل توصيف “الجمهورية الجديدة”.

وحتى وإن تم التسليم بهذا الاعتبار، فإن مسؤولية الرئيس السابق في ما تعيشه البلاد من فساد وفضائح سياسية، تبقى قائمة وبقوة، وهنا يرى مراقبون أنه يمكن محاكمة الرئيس السابق “سياسيا” مع إعفائه من التهم الأخرى، على أن تكون هذه المحاكمة احتراما لسيادة العدالة، وتماشيا مع مطالب الآلاف من المتظاهرين الذين ينزلون إلى الشارع كل جمعة، على مدار أزيد من سنة.

مقالات ذات صلة