رياضة

التجربة الإنجليزية في الكرة الجزائرية

ياسين معلومي
  • 4593
  • 0

أسبوعان فقط ويسدل الستار على مرحلة الذهاب من البطولة المحترفة، التي تميزت هذا الموسم بتفاقم ظاهرة العنف، فلم تمر جولة دون الحديث عن هذه الظاهرة التي أصبحت “ماركة مسجلة” في بطولتنا المنحرفة، وعجزت كل “الأدمغة” الجزائرية عن إيجاد حلول مستعجلة لها، فلا الملتقيات ولا حتى عمليات التحسيس التي تقوم بها بعض الجمعيات مكنت من إيصال الرسالة مباشرة إلى الأنصار، الذين هم السبب والضحية معا.

فعندما يعرف هؤلاء أن 22 لاعبا في بطولة “العميان والطرشان” يتقاضون أكثر من 300 مليون سنتيم شهريا، وآخر يلعب في شرق البلاد ينال أكثر من 400 مليون سنتيم شهريا، وأن مدربا يشرف ربما على خمسة أندية في الموسم بمبالغ مالية قد تفوق الأجرة الشهرية للرؤساء والوزراء بأضعاف، ومسؤولين يتحدثون عن اللقب في بداية الموسم، لكنهم يصارعون من أجل البقاء في النهاية.. وأمورا أخرى “مزرية” يطالعونها عبر وسائل الإعلام.. كلها معطيات تجعلهم يتجهون إلى العنف مباشرة، للانتقام بطريقتهم ممن نصبوا أنفسهم أوصياء على الكرة الجزائرية، التي تراجعت في الآونة الأخيرة بشكل مذهل، ولم يستطع أصحاب القرار إيجاد تفسيرات لذلك، والخاسر الأكبر -حسب رأيي- هو الكرة الجزائرية والأنصار الذين طلقوا المدرجات، وأخشى أن يلعب صاحب اللقب والمتوج بالكأس أمام مدرجات فارغة أو تسلط عليهم الرابطة عقوبة “الويكلو”، الوسيلة الوحيدة التي تجدها الرابطة مناسبة للهروب من الواقع المر لكرتنا، التي ضاعت ووصلت إلى طريق مسدود لا يمكن الرجوع منه.

أتذكر أنه في سنة 2010 زار وفد من الاتحاد الإنجليزي الجزائر، للحديث أمام المسؤولين والمختصين والإعلاميين، حول الطريقة التي اعتمدها الإنجليز للقضاء على العنف، الذي حصد العديد من الأرواح، إلى درجة أنه قتل سنة 1989 في  مباراة نصف نهائي الكأس بين نوتنغهام فورست وليفربول 98 مناصرا، وهي المباراة التي غيّرت كل الأمور في كرة القدم الإنجليزية، حيث أعطى الإنجليز”الورقة البيضاء” إلى القاضي “لورد تايلر”، الذي أعد برنامجا مهما بعد تشريحه لأسباب العنف، حيث اعتمد على ورقة طريق حملت 76 نقطة، مكنت من القضاء على الظاهرة، لكن بمساعدة الجميع، بداية من الحكومة إلى أبسط شخص في إنجلترا، حتى أصبحت لقاءات البطولة الإنجليزية الأكثر روعة ومتعة، وتلعب في ظروف حسنة، فلم نسمع منذ سنوات عن حدوث أعمال شغب في بطولة يتابعها أكثر من ثلاثين مليون مناصر سنويا، رغم الأموال الكبيرة التي تصرف.

ما زلت أتذكر الحلول التي منحها الخبراء الإنجليز للحد من ظاهرة العنف، إلا أن تلك التوصيات بقيت حبرا على ورق، وهي حاليا “مخبأة” في أدراج من لا تهمهم أرواح المناصرين.

لا أظن أن المسؤولين على  كرتنا المسكينة يفكرون في القضاء على هذه الظاهرة الدخيلة على كرتنا، فما الذي يمنعهم من الاستفادة من التجربة الإنجليزية التي أعطت ثمارها، وماذا لو أعاد أصحاب القرار الكرة مرة ثانية وجلبوا “المهندسين” الإنجليز، فربما نتمكن من إيجاد حل سريع وفي أقرب وقت ممكن.

رسالتي إلى مسيري الكرة الجزائرية، مفادها ضرورة إيجاد حلول لهذه الظاهرة، التي تفشت في مجتمعنا، والقضاء على العنف وهي أمانة في أعناقكم، فعندما تسقط الأرواح في الملاعب والجميع يتفرج، الأولى بنا تجميد “منافسة كرة القدم”، التي تجلب للجزائريين الحزن أكثر من الأفراح.

مقالات ذات صلة