الجزائر
هذه شهادات بلعيد عبد السلام لـ"الشروق" حول الثورة:

التحاق “ضباط فرنسا” بالثورة كان مبرمجا

الشروق
  • 8501
  • 16
ح.م
بلعيد عبد السلام

يعتقد رئيس الحكومة الأسبق بلعيد عبد السلام، أن التحاق الضباط الجزائريين الذين كانوا في صفوف الجيش الفرنسي بالثورة التحريرية منذ 1958، كان خيارا مُبرمجًا ومُمنهجا، حيث صرّح في مقابلة مع “الشروق”، أن الجنرال ديغول خطّط لإدماج هؤلاء في الثورة منذ وصوله للسلطة في عهد الجمهورية الخامسة، بعدما اقتنع بأن أسطورة “الجزائر الفرنسية” قد انتهت، وأن تقرير مصير الشعب الجزائري واقع لا مفرّ منه، وبالتالي يتوجب على فرنسا أن تحضّر نفسها للتعامل مع “الجزائر المستقلّة”، هذه الرؤية، يقول بلعيد عبد السلام، دفعت بالقائد العسكري إلى تسريح الضباط الجزائريين في الجيش الفرنسي، بغرض تسهيل التواصل والتفاوض وبناء علاقات جديدة في المستقبل، فهو يعتبر أنه من الصعوبة بمكان، التفاهم أو التعاون مع قادة الثورة المُشبعين بالفكر الوطني التحرري.

وأضاف المتحدث أن بعض “ضباط فرنسا” لم يلتحقوا بالثورة إلا في عام 1961، أي بعد انطلاق المفاوضات الرسمية مع الحكومة المؤقتة بشأن وقف إطلاق النار وتقرير المصير، وذكر بهذا الخصوص كلّ من الجنرال محمد تواتي واللواء محمد العماري، القائد السابق لقيادة الأركان في الجيش الجزائري .

وعن شهادته حول سقوط طائرة القادة الخمسة يوم 22 أكتوبر 1956، صرّح بلعيد “كان مقررا أن يتم ركوب القادة الخمسة في نفس الطائرة مع السلطان محمد الخامس، ولكن في نهاية الأمر تم تغيير الطائرة، من قام بهذه المبادرة ليس ثم شيء مؤكد، ولكن هناك من يقول إن المؤامرة كانت من تدبير أوفقير، كونه رجلا عسكريا له نفوذ وتأثير أمام السلطان محمد الخامس وبالاتفاق مع ولي العهد الحسن الثاني”.

أمّا عن موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين المثير للجدل من العمل الثوري المسلّح، فقال بلعيد “كانت الجمعيّة ضد استعمال العنف في السياسة، والمعلومات التي جاءتني فيما بعد أن البشير الإبراهيمي كان قريبا جدا من الإخوان المسلمين في مصر، وهؤلاء يعتبرون جمال عبد الناصر عدوا، غير أن الإبراهيمي يراه خصما، وبالنسبة إليه التقارب بين أحمد بن بلة وجمال عبد الناصر لا ترى فيه الجمعية خيرا للجزائر… سمعت فيما بعد أنه حدثت خلافات داخل الجمعية، من بينها موقف العربي تبسي، فبعضهم كانوا يعيشون داخل البلاد ويعرفون واقعها، يقولون لم يبق لنا أي موقف إلا الالتحاق بالثورة، في حين آخرون يقولون نحن جمعية ثقافية وإصلاحية لا ينبغي أن يكون لنا أي موقف سياسي، ولا نخوض في السياسة ولا ندخل في جبهة التحرير ونبقى خارجها مع المحافظة على وجودنا كجمعية”.

وبخصوص أول رئيس للحكومة المؤقتة الذي كان قبل اندلاع الثورة عرّابًا للاندماج، فقد شهد بلعيد عبد السلام بالآتي “فرحات عباس عندما كان ذاهبا إلى القاهرة مرّ بباريس واتصل بالطلبة واجتمع بهم قائلا لهم: شخصيا ظلمت من طرف الثورة لكن أنا معها، ثم أردف: كان عندي برنامج سياسي لكن جعلته في الجيب ووضعت فوقه منديلا، وهذا موقف شريف بالنسبة لعباس فرحات الذي رفع من صدى جبهة التحرير عندما اتصل بها وانضم إليها، لأن الفرنسيين كانوا يتساءلون من المتكلم باسم الجبهة؟ كخصوم سياسيين معهم… وقد جمعتني مناقشة طيبة بعباس فرحات، وشخصيا أحترمه كثيرا لأنه صريح في مواقفه، قال لي: شوف جميع لمهابل نتاعنا خرجوا من عندكم، ويقصد بذلك قادة جبهة التحرير جلهم سليلي وأصلاء حزب الشعب، أجبته: أنت المسؤول الكبير قال لي كيف؟ أجبته: كان من المفروض أن تكون أنت قائدا لهذه الثورة رد: أنا ضد العنف في السياسة، كونه يؤمن بالإصلاحات وبفضلها يتغير وضع الجزائريين داخل بلدهم، وهنا لا ننسى بأن فرحات عباس في 20 أوت 1955 تم اغتيال ابن أخيه علاوة عباس في مدينة قسنطينة، وهناك من يرى أن فرحات عباس بحد ذاته كان مستهدفا”.

ع. ع

مقالات ذات صلة