-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

 التغريب، نقيض بناء الدولة الوطنية…

 التغريب، نقيض بناء الدولة الوطنية…

مشكلتنا الأساسية في الجزائر هي مع التغريب قبل أي شيء آخر، هو أصل الاستبداد والداعم له وسبب الاضطهاد والمبرر له، وقبل هذا وذاك المدخل لنهب الثروات… وقد تَجدَّدَت أساليبه اليوم، وأصبح هدفه القضاء على ما بقي من أسس للدولة الوطنية بعد أن اعتقد أنه همّش الدين وأبعده عن الحياة السياسية منذ التسعينيات…

لم يحدث هذا بالنسبة لنا فقط، بل حدث أيضا لأكثر من شعب من الشعوب بما في ذلك غير لإسلامية. وكان لكل منها أساليبه للمواجهة. وكانت الصين وروسيا خير مثالين على ذلك. لقد نجحتا معا في مواجهة هذا التيار الهادف للقضاء على دولهما الوطنية ونهب ثرواتها بإتباع نفس المنهجية: العودة إلى القيم والدين والتقاليد التاريخية لإعادة بناء الدولة، أي رفض التغريب.

واستسلم الغرب اليوم لانتصار هذين البلدين، وفقد الأمل في أن يُصبحا ديمقراطيات ليبرالية غربية كما أراد.

 لقد شق كل منهما طريقه المستقل عن الغرب: روسيا باعتماد النظرية السياسية الرابعة القائمة على التراث التاريخي والمقّدس الروسي، والصين على الحضارة الاشتراكية الروحية القائمة على القيم والتقاليد الكنفوشيوسية. واستطاعا أن يبنيا ثقافتهما الوطنية واقتصادهما المستقل وقوتهما العسكرية الضاربة.

إلا أن هذا الغرب لم يفقد الأمل في بقية بقاع العالم وبخاصة في البلدان العربية والإسلامية، والجزائر إحداها. مازال مشروع التغريب قائما ويطمع في النجاح، ولأجل بلوغ هذا الهدف كل شيء مباح:  تشويه الإسلام والتلاعب بالوطنية وبالتاريخ وبالثقافة والهوية. كل ما تعلق بهذه المجالات ينبغي أن يكون مُستباحا، ليبقى هو المشروع البديل الوحيد..

وهذا الذي ينبغي التوقف عنده: إننا في حاجة إلى بناء نظام سياسي بمعالم خاصة بنا، وبقيم نابعة من خصوصياتنا الدينية والثقافية والتاريخية، أي إلى إحياء كل من الدين والوطنية وكل ما يرمز لهما بدل قبرهما من أجل مشروع التغريب المفروض.

بلادنا اليوم، في مرحلة تتم فيها محاولة فصل الوطنية والتاريخ عن السياسة، كما جرت محاولة فصل الدين عنها. وعلينا أن نَمنع ذلك. هناك موجة عاتية لتشويه تاريخنا القريب والبعيد والتشكيك فيه وفي رموزه، كما كانت هناك موجة عاتية لتشويه ديننا الحنيف والتشكيك في رموزه.

إن الديمقراطية الاجتماعية ينبغي بالضرورة أن تكون في إطار المبادئ الإسلامية أو لا تكون. وليست هناك طريق ثالث إذا أردنا أن نكون مستقلين كما الصين أو روسيا في اختيار نظامنا السياسي. لن نتمكن أبدا من استعادة شخصيتنا الوطنية ولا هيبتنا الدولية ولا مكانتنا الاقتصادية ولا قوتنا العسكرية دون ذلك.

إن قوتنا بداخلنا، ونحن الذين ينبغي أن نبتكر نظامنا السياسي. لا يوجد نظام سياسي عالمي نموذجي نأخذ به اليوم. حتى الروس أو الصينيين يقول منظروهم لنا لا تَتْبعونا: ابتكروا أنظمتكم السياسية… فقط لا تُقلِّدوا الغرب الليبرالي السائر نحو الأفول…

 وعلينا أن نفعل، بعيدا عن كل شوفينية أو انغلاق، لأن في ذلك تحقيق لمصلحتنا الوطنية ولوجودنا ذاته.

 إن التخلص من التغريب هو البداية الحقيقية للتخلص من الاستبداد وإعادة بناء الدولة الوطنية القوية والعادلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • المتأمل

    الدولة الوطنية لا تبنى لا بالتغريب ولا بالتشريق بل بدولة جزائرية جزائرية " جزائر جزائرية l’Algérie algérienne " أي لسنا غربيين ولسنا شرقيين بل نحن جزائريين لكن للأسف الكثير من الجزائريين تنكروا لجزائريتهم فهذا يريدها غريبة ويسمي ابنته بالكسوندرا وليديا .... وذاك يريدها شرقية فيسمي ابنه عقبة ومهند ... فكأن هذه الأرض ليس لها تاريخ ونحن ليس لنا جذور ولا أجداد ولا حضارة ولا ماضي ... مما جعلنا نتشبث بكل من هب ودب ونرحب به وبكل ما له .. وهنا يكمن مربط الفرس . بل وهذا هو سبب كل مصائبنا حيث لا نزال نبحث عن من نحن !!

  • المتأمل

    التغريب، نقيض بناء الدولة الوطنية… الدولة الوطنية لا تبنى لا بالتغريب ولا بالتشريق بل بدولة جزائرية جزائرية " جزائر جزائرية l’Algérie algérienne " أي لسنا غربيين ولسنا شرقيين بل نحن جزائريين لكن للأسف الكثير من الجزائريين تنكروا لجزائريتهم فهذا يريدها غريبة ويسمي ابنته بالكسوندرا وليديا .... وذاك يريدها شرقية فيسمي ابنه عقبة ومهند ... فكأن هذه الأرض ليس لها تاريخ ونحن ليس لنا جذور ولا أجداد ولا حضارة ولا ماضي ... مما جعلنا نتشبث بكل من هب ودب ونرحب به وبكل ما له .. وهنا يكمن مربط الفرس . بل وهذا هو سبب كل مصائبنا حيث لا نزال نبحث عن من نحن !!

  • دولة ميؤوس منها

    مشاكل المصطلحات و غموض مفهوم القومية .. القومية التحريرية للمناضلين الجزائريين من الماضي لأنها مِكباح تطورنا قعدنا نمشو بي الوراء ننضر في كل وقت للماضي أما المستقبل المتحول بي التنمية الاقتصادية والتصنيع؛ التحضر الاجتماعي والتحديث. وبناء الدولة على المستوى السياسي. مازال ;ويعود ذلك لمصالح ذوي الحقوق تتحرر الجزائر منهم ننفتح للعالم الخارجي ونمودج المصغر هو المغترب الجزائري من أذمغة . أما الهوية عندنا إنسداد ,لأننا نرفض تعدد أُصول الجزائريين .

  • عزيز

    الجزائر يجب ان تكون مرجعيتها غير تابعة لموسكو ولا واشطن ولا القاهرهعلى وزن ما قالوا مجاهدين وشهدائنا في مؤتمر الصومام ان الثورة الجزائرية ليست تابعة لموسكو ولا واشطن واضاف لها العربي بن مهيدي ولا القاهرة

  • مواطن

    السلام عليكم بارك الله فيك على هذه المواضيع القيمة او النصائح النافعة أسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان تجد ارضا خصبة وقلوبا............ و ابصار ا......... و أذانا.............حتى لا تذهب سدا

  • عبد الحق

    إن دعاة التغريب كثيرون ولا يفوتون أية مناسبة للظهور وإنتقاد أية مبادرة للعودة للجذور الثقافية الوطنية فحتى كتابة أسماء اللاعبين على القمصان في المقابلة الأخيرة للفريق الوطني لكرة القدم لم يعجبهم الأمر و أنتقدوه بشدة رغم أن المقابلة كانت ودية وهو ما تسمح به الفيفا فهؤلاء القوم يستعملون اللغة الفرنسية يوميا مع أفراد عائلاتهم أما عن اللباس فحدث ولا حرج لا يربطهم مع هذا الوطن إلا نشيد وطني يسمع في المناسبات و راية وطنية ترفع فوق البنايات فجتى الدينار الجزائري يستحون من الإمساك به أما عن المرجعية الوطنية أو الدينية لا يعجبهم منها أي شيء فكلها عرضة للإنتقاد ويبحثون دوما عن النقائص ولو لم تكن موجودة بحجة حرية الفكر و النقد و الإجتهاد .

  • ع . جمال - كندا

    حسن جدا يا سي سليم...واصل..