-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الثروة الخضراء

الثروة الخضراء

اهتمامُ الجزائر في الفترة الأخيرة بالهيدروجين الأخضر، والبدء في إنتاجه، وعرض مشاريعه المستقبلية العملاقة على شراكات أجنبية، هو في حد ذاته تحدّ كبير سينقل البلاد من ثروة النفط الزائلة إلى ثروة الطاقات المتجددة الدائمة، ضمن ثورة الثروات، وسيجعل الجزائرَ سلّة “النقاء الطاقوي”. والجميل في الأمر، أن الجزائر ستستعمل مداخيل الطاقات الكلاسيكية في الاستثمار في الطاقات المتجددة، وستحافظ على أسواقها القديمة بسلعتها الجديدة، في واحدة من أهمِّ رهانات البشرية، من أجل إنقاذ كوكب الأرض بطاقات نظيفة تقي العالمَ إفرازاتِ التطور الصناعي الرهيب الذي ضرب البيئة وغيّر المناخ جذريا وهدّد قوت الإنسان والحيوان.

تابعنا منذ أكثر من عشر سنوات حوارا لقناة مصرية مع صاحب جائزة نوبل في الكيمياء أحمد زويل، وعندما سُئل عن أفضل طريقة من أجل اللحاق بالقطار العلمي والصناعي السريع جدا من دول الغرب، قدّم وجهة نظره المبنية على خبرات وتتبُّع لما تحقق تاريخيا في الدول الصناعية، ونصح بعدم البحث عن تصنيع السيارات والطائرات مثلا، لأن الدول المتمكِّنة من هذه الصناعات تغلبنا بأكثر من قرن من الخبرات، واقترح الانتقال إلى الطاقات المتجددة، ومنها الطاقة الشمسية، والدخول بقوّةِ العلم والمبادرة والثقة بالنفس، حتى نكون في نفس خط الانطلاق، ولِم لا نكون البادئين في الصناعات الجديدة، حتى ننسف المسافة العلمية الشاسعة التي تفصلنا عن الغرب، وتابع المرحوم أحمد زويل شرح الصفحة الصناعية الجديدة، وضرورة أن نكون جزءا منها وأن لا نترك المبادرة للغرب، كما تركناها سابقا، فمن غير المعقول أن نمنحهم النفط ليمنحونا الصناعة، وسيكون من الغباء أن نمنحهم أيضا الطاقات المتجددة ليمنحونا الصناعة أيضا.

شعَر العالم الغربي بعد الأزمة الأوكرانية بالوهن الطاقوي، فوجد نفسه في وضع بائس، وبعد أن كان يضع الطاقات المتجددة حلّا بعيد المدى، صار يسارع الزمن لبلوغ هذا الهدف الطاقوي، ولن يجد سوقا أكثر أمانا من السوق الجزائرية، خاصة أن الخبرة المكتسبة على مدار أكثر من ستين سنة مع الطاقات الكلاسيكية تجعل المَهمّة يسيرة ومقدورا عليها، وأكثر طمأنينة للغرب.

نعلم جميعا بأن الثورات الصناعية والتكنولوجية، التي هزّت العالم حدثت في ظروف لم تكن في صالحنا بسبب الاستعمار الذي ضرب بلادنا، وما تبعه من ألم ومخاض الثورات والاستقلال وما بعده، مع تركيز بلاد الغرب على أن تجعل ما بين مكتسباتها العلمية والتكنولوجية وبيننا سدّا منيعا، لا يمكن أن ينهار، حتى تبقى تعيش من “زَبونيتنا” مدى الدهر، ولن تجد بلداننا فرصة لقلب المعادلة مثل الطاقات المتجددة، إذ سيكون الجميع على خط الانطلاق، مع أسبقية لأهل الدار والثروة التي لا تزول.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!