الجزائر
ملايين الشقق والفيلات غير مؤمَّن عليها

الجزائريون يرفضون التأمين على بيوتهم ضد الكوارث

الشروق أونلاين
  • 6917
  • 11

مع عودة النشاط الزلزالي إلى المناطق الشمالية الجزائرية، وبهزات محسوسة أرعبت الجزائريين الذين لا يزالون يتذكرون كارثة الأصنام وعين تيموشنت، ومنذ عشر سنوات زلزال بومرداس، الذي حصد الآلاف من الأرواح والآلاف من المنكوبين وخسائر بملايير الدولارات، لا تزال العائلات الجزائرية لا تتعامل بمنطق الحذر مع الكوارث الطبيعية من خلال عزوفها الكبير عن إجراءات تأمين منازلها وعقاراتها ضد الكوارث، خاصة الزلازل والفيضانات وانزلاق التربة، رغم صدور قانون يجبر أصحاب الممتلكات العقارية والاقتصادية على التأمين ضد هذه الكوارث منذ عشر سنوات.

لا يوجد إقبال على مصلحة “كات نات” لدى شركات التأمين الموجودة في الجزائر، ما عدا الأشخاص الذين تجبرهم المعاملات العقارية كالبيع والإيجار وتحرير عقود الهبة والقسمة، وهي الإجراءات الوحيدة التي تجبر الجزائريين على التوجُّه إلى شركات التأمين ودفع مبالغ مالية قليلة مقابل التأمين على مبان بالملايير. فالمعاملات العقارية أمام مكاتب الموثقين لا تتم إلا إذا كانت الممتلكات مؤمَّنة ضد الكوارث الطبيعية لحظة تحرير العقود بكل أنواعها، وغير ذلك فالجزائريون غير “معنيين” بقانون التأمين ضد الكوارث لغياب ثقافة التأمين واللامبالاة بهذا الجانب، حتى الذين تجبرهم المعاملات العقارية على التأمين ضد الكوارث لا يجددون عقود التأمين بعد إبرام العقود، وتبقى ملايين المباني والفيلات والشقق المملوكة من طرف العائلات الجزائرية غير مؤمَّن عليها.

 بعض الأشخاص الذين التقيناهم أمام الشركة الجزائرية للتأمين وإعادة التأمين “لا كار” تقدموا لإبرام عقود “كات نات” أي التأمين ضد الزلازل والكوارث الطبيعية، لكنهم لم يتقدموا بصفة تلقائية لتأمين منازلهم بل كانوا مجبَرين على هذا الإجراء الذي لا يعرفون تفاصيله ويعتبرونه “مجرد بيروقراطية تفرضها إدارة البنوك لمنح قروض السكن”، فالبنوك بكل أنواعها تجبر كل الزبائن الذين يرغبون في الحصول على قرض عقاري أن يكون العقار المرهون لدى البنك مؤمَّنا ضد الكوارث الطبيعية، بعقد يتم تجديده كل سنة. علما أن قيمة العقد تتراوح بين 1500 إلى 3000 دينار سنويا، حسب قيمة العقار والقرض، فلولا الإجراءات المفروضة من طرف إدارة البنوك والتي تلزم المتعاملين بالخضوع لقانون التأمينات على الكوارث وحاجة المواطنين إلى القرض العقاري لشراء المنازل والشقق، لكانت نسبة المؤمّنين من الجزائريين شبه معدومة.

 وبعد سن قانون ينص على التأمين منذ عشر سنوات، تبقى أسقف الجزائريين وكل ما يملكون غير مؤمَّنة، وفي حال وقوع خطر الزلزال أو الفيضانات، فإنهم لن يحصلوا على تعويضات مالية مقابل خسائرهم، فالجزائر بعد كل زلزال عنيف كانت سخية جدا مع الضحايا والمنكوبين وأعادت إسكانهم وقد كلفها ذلك أموالا كبيرة ولجأت إلى سن قانون التأمين على الكوارث الكبرى حتى يتحمَّل المواطنون جزءا من الخسائر وتتكفل شركات التأمين تعويضهم عن عقاراتهم في حال إصابتها بالضرر، ولا شك أن سخاء الدولة بعد كل نكبة جعل الجزائريين لا يتحمسون لإجراءات التأمين على البيوت.

 وتقول التقارير الأخيرة الصادرة عن شركات التأمين في الجزائر إن عدد عقود التأمين ضد الكوارث الطبيعية لسنة 2012 بلغ نصف مليون عقد، أغلبها تم تحريرُه في إطار معاملات عقارية أو قروض بنكية، وهي نسبة بسيطة مقابل حجم الحظيرة السكنية والمباني الاقتصادية والتجارية في الجزائر والتي تفوق الـ6 ملايين وحدة سكنية، كذلك فإن حجم الأموال الناتجة عن التأمين ضد الكوارث الطبيعية لا تشكل سوى 1.5 بالمائة من التحصيل السنوي لمختلف التأمينات التي بلغت 100 مليار دينار، خاصة وأن قيمة التأمين ضد الكوارث الطبيعية لا تمثل سوى نسبة بسيطة من قيمة العقار، وهي أسعار ثابتة لدى كل الشركات بموجب القرار المؤرخ في 31 أكتوبر 2004 لوزير المالية. فالشقة في الجزائر العاصمة التي قيمتها 4 ملايين دينار يبلغ التأمين عليها بحوالي 3000 دينار سنويا، أي أقل من التأمين على أبسط سيارة.

مقالات ذات صلة