الجزائر
كانت بالتنسيق بين باريس والمخزن

الجزائر تحبط مناورة فرنسية ضد الصحراء الغربية

محمد مسلم
  • 48824
  • 22
أرشيف

في تطور ينذر بتفاقم الأزمة الدبلوماسية بين الجزائر وباريس، نقلت مصادر دبلوماسية إقدام فرنسا على رفضها إدخال تعديلات على مشروع قرار تجديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لمراقبة الاستفتاء في الصحراء الغربية “مينورسو” ليتضمن بندا حول توسيع مهمة المينورسو لتشمل مراقبة وضع حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.

ويأتي الموقف الفرنسي هذا، قبل اجتماع الجمعة المقبل على مستوى الأمم المتحدة، والذي سيخصص لبحث موضوع تجديد ولاية البعثة الأممية لمدة سنة إضافية، إلى غاية 31 أكتوبر 2022.
وتعتبر فرنسا إحدى الدول المتمتعة بحق الفيتو على مستوى مجلس الأمن الدولي، وهو ما يجعل موقفها مؤثرا في أي قرار للهيئة الأممية.

كما لا يعتبر الموقف الفرنسي من قضية الصحراء الغربية جديدا، لأن باريس من أشد الداعمين للمملكة المغربية حتى عندما كانت العلاقات مع الجزائر تعيش استقرارا لافتا، مثلما كان الحال خلال العشريتين الأخيرتين.

ومعلوم أن العلاقات الجزائرية الفرنسية كانت قد دخلت الثلاجة منذ نهاية الشهر المنصرم، بسبب التصريحات المستفزة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكون، وعليه، فالموقف الفرنسي الذي سيتم ترسيمه خلال اجتماع الجمعة المقبل من شأنه أن يزيد من منسوب التوتر الحاصل بين البلدين.
ويعتبر الموقف الفرنسي أحدث قرار في خضم الصراع الدبلوماسي بين البلدين، وهو مؤشر على أن التصعيد سيستمر، لأن باريس تدرك أن القضية الصحراوية تعتبر من بين المسائل الحيوية بالنسبة للأمن القومي في الجزائر.

وإن كان الموقف الفرنسي الداعم للطرح المغربي في قضية الصحراء الغربية، متفهما من قبل السلطات الجزائرية قبل اندلاع الأزمة، انطلاقا من قاعدة نعمل فيما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، إلا أن السلطات الجزائرية هذه المرة سوف لن تغفر لفرنسا ما أقدمت عليه، بالنظر لطبيعة الظرف الراهن وللعديد من الاعتبارات.

أولى هذه الاعتبارات، التصعيد الحاصل بين الجزائر ونظام المخزن، والذي وصل حد اتخاذ السلطات الجزائرية قرارات عقابية صارمة ضد الرباط، على رأسها قطع العلاقات الدبلوماسية، وإيقاف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، المار بالتراب المغربي، والذي كانت تتزود منه الرباط بكميات معتبرة من الغاز وتحصل منه على موارد مالية تعينها على التخفيف من أزماتها المالية الخانقة.

السلطات الفرنسية وبوفائها لتقاليدها غير المتفهمة للانشغالات الجزائرية، تكون قد وضعت الجزائر أمام حتمية الرد عليها بقرار آخر أكثر إيلاما، بعد قرارها حظر الأجواء الجزائرية على الطيران الحربي الفرنسي، الذي يقوم بمهمات عسكرية في منطقة الساحل، الأمر الذي زاد باريس أتعابا جديدة إلى متاعبها السابقة.

والواقع أن الجزائر لم تكن تنتظر من باريس خدمة على صعيد القضية الصحراوية أو أي قضية أخرى، وذلك انطلاقا من تراكمات الماضي، التي بينت أن فرنسا لا تكن للجزائر ذلك الود الذي لطالما أشيع على ألسنة بعض الساسة الفرنسيين، لأن الواقع كذب ذلك في أكثر من مناسبة.

وانطلاقا من هذه القناعة، جاء تفكير السلطات الجزائرية في معاملة باريس بقرارات من جنس مواقف فرنسا، كما هو حاصل على أكثر من ملف، وعلى رأسها ملف الذاكرة وأخيرا الملف المالي، الذي يكون قد أصاب الطرف الفرنسي بالجنون، لأن باريس تعتبر منطقة الساحل جزءا لا يتجزأ من نفوذها الحيوي، والذي بات محل شكوك مع وصول أولى عناصر “فاغنر” الروسية إلى المنطقة.

مقالات ذات صلة