العالم
ساوت بين "النعناع" و"القنب الهندي"

الحكومة المغربية تفتتح جلسة تقنين المخدرات بحمد الله والصلاة على الرسول!

الشروق أونلاين
  • 6225
  • 21
أرشيف

“بحمد الله تعالى على نعمه الكثيرة على بلادنا وبالصلاة على أشرف المخلوقين سيدنا ومولانا محمد”، بهذا الكلمات، افتتح رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني الذي يترأس كذلك حزب العدالة والتنمية المحسوب على “التيار الإسلامي”، اجتماع مجلس الحكومة، الذي عُقد، أول أمس الخميس.

اجتماع الخميس، سيبقى عالقا في الأذهان، لأنه ارتبط بفاحشة كبيرة، بعدما قننت الحكومة المغربية “زراعة القنب الهندي تحت ذريعة الاستعمال الطبي”، بعد محاولات عدة على مستوى فعاليات مجتمعية، بدعم من بعض الأحزاب، ثم تحرك رسمي، لتنتهي هذه الخطوة بقانون يشرعن زراعة “الحشيش”.

وقدمت الحكومة المغربية عددا من المبررات لهذه الخطوة الخطيرة، حيث تحججت بمساعدة المزارعين الفقراء وتحسين دخلهم في جبال الريف، شمال المملكة المغربية الذي يعاني سكانه أزمة اقتصادية واجتماعية حادة عمقتها جائحة كورونا وغلق الحدود الجزائرية – المغربية وانحصار محاولاتها البائسة في خلق أصدقاء لها تحت المظلة الإفريقية، وزاد الطين بلة الحرب المستعرة بين جبهة البوليزاريو ونظام الاحتلال المغربي حول القضية الصحراوية العادلة أو بالأحرى آخر مستعمرة في إفريقيا التي تسعى اليوم انطلاقا من عقيدة راسخة بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة بعد تجربة الحل السلمي على مدى ثلاثة عقود من الوعود المسمومة.

ولامتصاص هذا التردي والأداء الباهت داخليا وخارجيا لنظام المخزن وكذا امتصاص الغضب السوسيو -اقتصادي سارعت الحكومة المغربية بإيعاز من”المخزن” إلى مباركة نبتة غير مباركة بمحاولة إضفاء الشرعية على زراعة القنب الهندي وتصديره وبيعه في خطوة تهدف حسب المتتبعين إلى إسكات الأصوات المطالبة بالعيش بكرامة في البلاد.

ويرى المتتبعون أن مثل هاته الخطوة تأتي في ظروف يميزها الحراك الشعبي خاصة بشمال المغرب واشتداد الاحتجاجات على الوضع الاجتماعي الذي يعيشونه والمطالب المتزايدة في العيش الكريم.

وأمام الوضع الاجتماعي الذي يتخبط فيه المواطن المغربي، لم تجد الحكومة سبيلا لانتشاله من ذلك إلا اعتماد تجارة قننتها رسميا، من أجل إسكات الأصوات المطالبة بالعيش بكرامة والتي زادت حدتها في الآونة الأخيرة كما يجري في مدينة الفنيدق ومدن أخرى مجاورة لها.

ويزرع القنب الهندي بشكل أساسي في جبال الريف بشمال المملكة المغربية التي شهدت حراكا في السنوات القليلة الماضية احتجاجا على التفاوت الاقتصادي.

وتؤكد تقارير محلية ودولية أن القانون الجديد لا يأتي في الحقيقة بجديد، كون الحكومة المغربية تتسامح أصلا وتغض النظر عن زراعة القنب الهندي وبيعه، كما أن المملكة من أكبر المنتجين العالميين لها، بحسب وكالة المخدرات التابعة للأمم المتحدة.

وبقراءة متأنية لأبواب القانون يفهم منه إصرار “نظام المخزن ” عن سبق إصرار مضيه في استنزاع مصادقة البرلمان عليه وإقناع الطبقة السياسية كما المجتمع المغربي بأنه لا فرق بين نبات “النعناع” و”القنب الهندي” كمهدئ. ولا يستبعد أن تصدر فتوى دينية لاحقا بجواز زراعته وحصده وبيعه وتعاطيه ما دامت شرعنته السياسية النهائية قد قربت، كما ورد في تقرير للإذاعة الوطنية قبل فترة، ومنه فإنه لا ضير أن “هزة جديدة ستضرب العلاقة بين السلطة والمجتمع إذا ما لم تجف عروق الكبرياء”.

هيئة فورام تحذر من تداعيات خطوة المخزن
تقنين “الزطلة” مجرد غطاء للاتجار بالمخدرات وإغراق الجزائر

يرى رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث “فورام”، البروفيسور خياطي مصطفى، أن مساعي المغرب لتقنين زراعة القنب الهندي بمزاعم الاستعمال في أغراض طبية وصناعية هي “مجرد غطاء لأغراض أخرى، لأن الكميات المنتجة والموجهة للاستهلاك الشخصي للمدمنين أكبر من ذلك”.

وأوضح رئيس هيئة “فورام” في تصريح للشروق، تعليقا على خطوة الحكومة المغربية تقنين زراعة القنب الهندي، بأن استخدام القنب الهندي في المجالات الصحية معمول به في عدة دول منها فرنسا وليس بالأمر الجديد، لكن يبقى ذلك مرهونا بأوجه الاستعمال وطرقه والكميات الموجهة للغرض الصحي، إذ تكفي فقط –يقول- كمية طن أو نصف طن للاستخدامات الطبية كمهدئ في بعض الأمراض، والحالات على غرار السرطان والعمليات الجراحية، وهو الشيء المعمول به في كل دول العالم، واستخدمه حتى الأطباء العرب أمثال ابن سينا، لكن دولة المغرب -يضيف- تقوم بإنتاج حوالي 30 ألف طن سنويا وهو ما يطرح تساؤلات عن الغرض الحقيقي من وراء تقنين زراعة القنب الهندي بعيدا عن الاستعمالات الطبية، والتي يتم من خلالها تغطية أفعال غير مشروعة والمتعلقة بالاتجار في المخدرات وتسويقها لدول أخرى لتهديم عقول الشباب وربح المال، بالإضافة إلى الهروب من الضغوط الدولية عن طريق الإدعاء باستخدام القنب الهندي في مجال الصحة.

وأفاد خياطي بأن الجزائر لم تمنح أي اهتمام للنباتات الطبية ولم تقنن بعد استخدام القنب الهندي في الأغراض الطبية ماعدا اعتمادها على بعض الأقراص المهدئة في بعض العلاجات والأمراض.

وأبدى المتحدث تخوفه من تداعيات هذا التقنين على الجزائر باعتبارها المستهدفة من السموم التي تنتجها المغرب، مشيرا إلى أن الكميات التي يتم حجزها تقدر بحوالي 86 طن سنويا إلا أنها في الواقع أضعافا مضاعفة وهذا رغم تشديد المراقبة على الحدود، وأضاف بأن الخطورة تكمن في استخراج العنصر المهلوس من القنب الهندي وتكديسه حتى يصبح مادة قوية وأكثر فعالية من خلال إضافة مواد كيميائية أخرى له لبيعه بأثمان باهظة، وهو أخطر وأشد فتكا وتأثيرا من القنب الهندي في شكله الخام.

بنكيران يجمّد عضويته في “العدالة والتنمية” بسبب القنب الهندي

أعلن الأمين العام السابق لحزب “العدالة والتنمية”، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، عبد الإله بنكيران، مساء الخميس، عن تجميد عضويته في الحزب، في خطوة تكشف حدة الاحتقان الذي يسود داخله، بعد أن فوجئ الإسلاميون بإقرار الحكومة التي يقودونها لمشروع قانون الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.

وسارع بنكيران، بعد نحو ساعات على مصادقة الحكومة التي يقودها خلفه سعد الدين العثماني على مشروع القانون المثير للجدل، إلى تنفيذ التهديد الذي كان قد أطلقه في الأول من الشهر الجاري، بتجميد عضويته في الحزب في حال موافقة الأمانة العامة للحزب (أعلى هيئة تنفيذية) على المشروع.

وقال الأمين العام السابق للحزب الإسلامي، في بيان مكتوب بخط يده تم نشره على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إنه قرر قطع علاقاته بالأمين العام الحالي للحزب ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بالإضافة إلى قياديين بارزين هما: وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، المصطفى الرميد، ووزير الطاقة عزيز رباح، ووزير الشغل والاندماج المهني، محمد أمكراز، والوزير السابق، لحسن الداودي.

تعرف على  خطة الحكومة المغربية لتسميم العالم بالمخدرات

تقوم خطة زراعة القنب الهندي، بحسب القانون الذي صادقت عليه الحكومة الغربية، على إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع وتسويق وتصدير منتجات القنب الهندي للترخيص، وإنشاء وكالة وطنية “تتولى التنسيق بين القطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية والشركاء الوطنيين والدوليين من أجل تنمية سلسلة فلاحية وصناعية تعنى بالقنب الهندي، مع الحرص على تقوية آليات المراقبة”.

ويفسح القانون المجال للفلاحين للانخراط في التعاونيات الفلاحية، مع “إجبارهم” على تسليم المحاصيل إلى شركات التصنيع والتصدير، فيما ستحدد الحكومة لاحقا الأقاليم المعنية بزراعة وإنتاج القنب الهندي، والمناطق التي يمكن لأفرادها الحصول على ترخيص بعد استيفاء طالب الرخصة شروط حمل الجنسية المغربية، وبلوغ سن الرشد القانوني، والسكن بأحد الدواوير المكونة للإقليم المرخص له.

ويشترط القانون الانخراط في تعاونيات تنشأ خصيصا لهذا الغرض، وأن يكون طالب الرخصة مالكا لقطعة الأرض المخصصة لهذا الغرض، أو حاصلا على إذن من المالك لزراعة القنب الهندي، أو على شهادة من السلطة الإدارية المحلية تثبت استغلاله لهذه الأرض، كما يتعيّن على المزارعين والمنتجين المرخص لهم التقيد بشروط الوكالة الرسمية بالتنسيق مع السلطات المعنية، واستعمال البذور والشتلات المعتمدة، وتسليم المحصول بالكامل إلى التعاونيات مقابل الثمن المحدد في عقد البيع.

ويزعم القانون أنه لا يمكن تسويق وتصدير القنب الهندي ومنتجاته التي وقع تحويلها وتصنيعها، إلا لأغراض طبية وصيدلية وصناعية.

مقالات ذات صلة