الجزائر
مريم يزة لـ "جواهر الشروق"

الحكومة تجاهلتني واستقبلت متسابقة ستار أكاديمي في المطار!

جواهر الشروق
  • 16640
  • 0

لم تكن تعرف أن معاناتها مع النسيان أثناء دراستها سترسم لها طريقا مغايرا يقودها نحو النجاح والشهرة، ويعدها بمستقبل ليس أقل إشراقا من لحظات تتويجها بالمراكز الأولى وطنيا وعريبا، إنها مريم يزة بطلة الجزائر و العرب في الذاكرة، التي احتفت بها مدينتها الصغيرة تكوت بولاية باتنة وأصبحت تراقب خطواتها في المسابقات العربية و العالمية للذاكرة، التقتها ” جواهر الشروق” على هامش الملتقى الدولى للمرأة العربية لتأهيل القيادات النسائية، حيث صالت معها وجالت في مشوارها الناجح الذي لم يتعد أربع سنوات، ولكنه منحها لقب بطلة الجزائر و العرب في الذاكرة.

– كيف اكتشفت أنك تتمتعين بذاكرة قوية؟

– لم يكن في طفولتي ما يشي أنني سأتمتع بذاكرة قوية في المستقبل، بل بالعكس، كنت كثيرة النسيان في المواد التي تتطلب الحفظ مثل التاريخ والجغرافيا، مع أنني كنت متفوقة في كل مراحلي الدراسية، إلى أن بلغت الجامعة ودرست الهندسة الزراعية لمدة خمس سنوات، ولكن في أعماق نفسي كان مجال العقل يستهويني كثيرا، لأنه مجال كبير و شامل، وكنت حينها مولعة ومتأثرة إلى حد كبيربالبرامج والدروس التي كان يقدمها رائد التنمية البشرية إبراهيم الفقي بشكل خاص، والتنمية البشرية بشكل عام، ولكن لم أكن أعرف أسلوب الانخراط في هذا المجال، إلى أن تخرّجت من الجامعة وبدأت أطلّع على الكتب والمواقع الالكترونية التي تعنى بهذا الميدان الرحب، ولم أتأخر في المشاركة في الدورات التدريبية في كل التخصصات مثل التخطيط الاستراتيجي الشخصي، وعلم الريكي ( العلاج بالطاقة) والاسترخاء، وفي إحدى الدورات تعرفت على الاستاذ رياض بن صوشة الذي حدثني عن فكرة البطولة في الذاكرة، تحمست كثيرا للفكرة مع ضرورة تنمية قدراتي، وبعدها خضعت للدورة وقررت حينها المشاركة في النسخة الاولى من البطولة العربية التي اقيمت في الجزائر العاصمة، وتحصلت على المركز الثاني عربيا مع أنني كنت في آخر دفعة مشاركة.

– هل في أسرتك من يتمتع بذاكرة قوية؟

نعم، جدتي المعمّرة التي ناهزت 100 سنة تتمتع بذاكرة قوية جدا، وتتذكر تفاصيل دقيقة عن الأشخاص الذين تشاهدهم.  

– ما طبيعة المسابقات التي شاركت فيها ضمن بطولات للذاكرة؟

هي عبارة عن اختبارات للتذكر في خمس مجالات أساسية في حياة الإنسان، وهي الكلمات أو النصوص بشكل عام، سلاسل طويلة من الارقام، مجال الأسماء و الوجوه و الصور، و أخيرا الأوراق التي تشبه أوراق اللعب و لكن بنسخة إسلامية.

– إحرزاك المركز الثاني في البطولة العربية للذاكرة التي أقيمت بالجزائر، هل كانت حافزا لك لمواصلة المشاركة في هذه البطولات؟

نعم بالتأكيد، بعد هذا الإنجاز قرّرت أن أواصل رحلة البطولات، ففي سنة 2013 توجت بالمركز الأول جزائريا، ثم شاركت في الطبعة 23 لبطولة العالم في الذاكرة بلندن و تحصلت على المركز الثامن عالميا صنف إناث .

– هل تختلف معايير البطولات العالمية عن البطولات المحلية و العربية؟

نعم، تختلف المعايير من حيث الوقت الذي يمنح للمتسابق، ففي البطولات المحلية مثلا اختبار الأرقام العشوائية يتم في 15 دقيقة، بينما في البطولات العالمية يتم اختبار الارقام خلال ساعة من الزمن، وخلال هذه الساعة يستطيع المتسابق أن يبرز قدرات فائقة في التذكر.

– بعد بطولة لندن، أين شاركت؟

شاركت في ثاني بطولة عربية للذاكرة التي أقيمت في مدينة الحمامات التونسية، حيث حصلت على المركز الأول عربيا، و شاركت في بطولة العرب للذاكرة في شرم الشيخ بمصر وحصلت على المركز الأول، و بعدها مباشرة شاركت في بطولة العالم للذاكرة سنة 2014 التي أقيمت في الصين، حيث حصلت على المركز الثامن عالميا، وكنت العربية الوحيدة التي حصلت على الماستر العالمي .

-هل تلاحظين أن ذاكرتك أصبحت أقوى من السابق نتيجة المشاركة في هذه المسابقات؟

نعم، ذاكرتي تزداد قوة كلما شاركت في هذه البطولات بدليل أن مجموع النقاط التي حصلت عليها ترتفع من بطولة إلى أخرى، ففي البطولة العالمية مثلا حصلت على المرتية الثامنة لكوني جديدة على هذه البطولات التي انطلقت سنة 1991 على يد البريطاني توني بوزن، وهو أب الذاكرة ومؤسس كل أعمدتها .

– إذن تتوقعين أن تحرزي مراتب متقدمة في البطولات المقبلة؟

بإذن الله، أنا أطمح إلى المرتبة الأولى عالميا و أسعى إلى تقديم تقنيات جديدة في الذاكرة من ابتكاري و أن أكون مدربة عالمية في مجال الذاكرة، وأقصى ما أتمناه أن أكون المحفز و الدافع لبنات جنسي لإحراز نجاحات في هذا الميدان، باعتبار أن مجتمعاتنا العربية، مجتمعات ذكورية تتوقع النجاح من الرجل و لا تتوقعه من المرأة.

الآن نأتي إلى عائلتك، هل تلقيت الدعم و التحفيز من أسرتك خاصة و أنك تنتمين إلى منطقة محافظة في ولاية باتنة؟

أولا دعيني أقول لك أن الحافز يأتي من الداخل، فأنا من أردت أن أسلك هذا الطريق،ومع أن أسرتي كانت متخوفة في البداية من هذا المجال لأنه جديد و غير واضح المعالم، و لكنها بعد أن رأت حماسي و اجتهادي فتحت لي كل الأبواب و لم تبخل علي بأي دعم، و هذا الدعم هو الذي ساعدني على إحراز هذه النجاحات، فأمي التي لا تعرف القراءة و الكتابة كانت تحفزني بطريقتها الخاصة، لطالما قالت لي أريدك أن تحققي مالم أحققه أنا، أما أبي فلم يقيدني بأي شروط، بل وضع ثقته الكاملة في وأنا كنت في مستوى هذه الثقة.

– قوة الذاكرة لديك هل جعلتك تفكرين في حفظ القرآن الكريم؟

أكيد، وبدأت فعلا في حفظه منذ سنة 2013 والحمد لله حققت نتائج رائعة في الحفظ العادي، لأن مع ممارسة استراتيجية التذكر، تتحسن الذاكرة ويرتفع مستواها.

– ماهو المجال الذي خدمتك فيه الذاكرة بصرف النظر عن بطولات التذكر؟

الذاكرة فتحت لي آفاق واسعة، جعلتني أتعلم اللغة الانجليزية التي لم أكن أجيدها قبل المشاركة في البطولات العالمية، و جعلتني أتواصل مع المشاركين بشكل سلس، الذاكرة عرفتني على أشخاص من مختلف دول العالم، و أتاحت لي فرصة التدريب في الجزائر و تونس و المجال مازال مفتوحا أمامي .

– بعد إحرازك على الماستر الدولي في الذاكرة، دعا نشطاء على” فيس بوك” إلى استقبالك في المطار استقبال الأبطال، هل وجدت هذا الاستقبال؟

بالنسبة للحكومة، لم أجد أي مسؤول بانتظاري في المطار، مع أن الوزير الأول استقبل قبل أسبوع من ذلك متسابقة جزائرية في ستار أكاديمي، ولكني سعدت باستقبال عدد من الجزائريين في المطار و بعض الأشخاص الذين كانوا متواجدين هناك، بالإضافة إلى وسائل الاعلام الجزائرية التي كانت حاضرة بقوة، وعندما عدت إلى باتنة وجدت والدي رفقة عدد كبير من مواطني دائرة تكوت في انتظاري.

مقالات ذات صلة