الرأي

“الحلزون العنيد”!

عمار يزلي
  • 5812
  • 0

القنبلة “الموقوتة” التي أقدم على تفجيرها رشيد بوجدرة قبل أيام على قناة الشروق، بالتزامن مع “مهرجان السينما” في وهران وتكريمه بالمناسبة.. وفي وهران.. ومع اقتراب رمضان، كان لها وقع مريع على المواطن الجزائري! وما كنا لنرضى هذا، لا للجزائري المهان في دينه كما يراه، من خلال تصريح “المتهم” بتفضيله للبوذية على الإسلام! ولا لبوجدرة الذي يبقى أكبر روائي جزائري! ما كان يجدر برشيد أن يعلن إلحاده أمام الملأ! فليس هو الأديب والجزائري الوحيد الملحد! هناك الآلاف منهم، لكن لا أحد يناصبهم العداء طالما بقي أمرهم خاصا بهم كون الإيمان والإلحاد مسـألة خاصة ذاتية لا تعني إلا الإنسان نفسه والإنسان وربه!

قرار بوجدرة هذا، كان خاطئا وغير استراتيجي بالمرة، خاصة لأديب له مكانته الأدبية في الجزائر والعالم! لأن هذا الأمر سيفتح المجال أمام التطرف الديني والمتطرفين  لإيجاد مبرر للتطرف أكثر أمام مثل هؤلاء المثقفين ذوي المواقف الخصوصية، خاصة من الدين والأخلاق! فلا أستبعد أن يخرج علينا يوما في قناة تلفزيونية، أديب أو فنان، ليصرح لنا بأنهشاذ جنسيا“! مع أننا نعلم أن هناك الكثير منهم، ويمارسونعملهمبكل حرية ورعاية وحماية قانونية!! لكن أن تجاهر برأيك في قضية خلافية كبرى تمس مشاعر الناس، فهذا أمر فيهقول“!

نمت على هذا، لأجد نفسي أدخل فيتجربة الاقتراب من الموتمن النوع السلبي! وهي نفس التجربة التي حصلت مع الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي قبل أن ينتقل من عالم المجون، إلى عالم التصوف! يروي ابن عربي فيالفتوحات المكيةأنه مرض مرضا شديدا ودخل في الاحتضار (كوما) ليجد نفسه على مشارف جهنم! لقد رأى العذاب الذي ينتظر المشركين والكفار والمنافقين والمنتحرين، ورأى نفسه سيهوي في الحميم مع المعذبين في أنهار من نار وحميم ، قبل أن ينتشله صوت! لما سأله محيي بن عربي هذا الصوت: من أنت؟ قال له أنايس“! وإذا به يخرج من الغيبوبة ليجد أباه، عند رأسه يبكي يقرأ عليه سورةيس“! (بالمناسبة لي مؤلف ينتظر النشر بعنوان  التصوف والباراسيكولوجيا، أتناول فيه هذا الموضوع!). وجدت نفسي أحتضر، وأنا أغرق في حمأة من عذاب جهنم أعاذنا الله منها جميعا! كنت أصرخ وأنا أكرر الشهادة التي لم أنطقها في حياتي أبدا! لكن النار وصلت إلى قدمي، فبطني فصدري، ولم يبق إلا القلب! عندها، سمعت بوجدرة يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله! ولم أشعر إلا وأنا أخرج من هذا الكابوس المرعب وأتمنى لرشيد أن يعلن التوبة! ليكون الرجل الرشيد!

عندما أفقت فعلا، وأنا لم أفق بعد، وجدت نفسي نمت وأنا أقرأالحلزون العنيد“!

مقالات ذات صلة