-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الداخلية في خدمة الخارجية

الداخلية في خدمة الخارجية

قال وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، إبراهيم مرّاد، إن المخطط الوطني لتهيئة الإقليم، يهدف إلى جعل المدن الأربع الكبرى قاطرة تنمية شاملة، ومؤثر على ما جاورها من مدن، حتى تكون الجزائر العاصمة وبقية المدن الكبرى نموذجا في العصرنة يمنح الصورة الحقيقية لمدننا الكبرى، التي ستجرُّ بقية الحواضر إلى ما يجب أن تكون عليه، ولا تختلف عن المدن والعواصم الكبرى في العالم.

خطأ الجزائر على مدار أزيد من نصف قرن، أنها بقدر ما كانت تحاول تمدين الأرياف وزرع عمارات الطوابق الخمسة فيها، وشق الطرقات على حساب المراعي والحقول والغابات، بقدر ما ريّفت المدن، فما صار في الجزائر ريفٌ نشمّ فيه رائحة الأرض، وما صارت فيها مدينة نشم فيها رائحة العراقة ومنها ما تجاوز عمرها الثلاثة آلاف سنة، فلا نحن ثمنّا التراث الثقيل للمدن العريقة التي أنجبت دائما عباقرة الفكر وكانت منارات عالمية للمعارف، ولا نحن حافظنا على الريف الحاضن الأول للكنوز الطبيعية التي امتلكنا فيها من كل الخيرات.

لا بدّ للجزائر، وهي أكبر بلاد القارة السمراء وأغناها في كل شيء، أن تقدِّم عاصمة نموذجية لا تختلف جمالا وأبّهة ونظاما وتحضرا، عن لندن وباريس وروما، حتى تجرّ ما جاورها من مدن إلى ما هي عليه، ولا بدّ لها أن تزرع في مختلف المناطق عواصم أخرى للذكاء والخضرة والراحة والعصرنة والاقتصاد تجرّ بقية قاطرات الجزائر العميقة، من دون التفريط في العدالة الاجتماعية والمساواة ما بين كل أبناء الوطن، وكل الظروف البشرية والمادية وخاصة المعنوية مهيأة لتحقيق الوثبة الكبرى. فقد تابعنا كيف صار الجزائريون يبتهجون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمدّ مزيد من خطوط الميترو في الجزائر العاصمة ويتجاوب مع الإنجاز أبناءُ الصحراء والقرى، وكيف يهنئ أبناء العاصمة سكان أرياف القبائل وهم يحصدون جوائز أجمل وأنظف قرية، ويفتخر أبناء وهران بما حققه فلاحو وادي سوف من معجزات فلاحية، ولن يكون صعبًا تحيينُ المخطط الوطني لتهيئة الإقليم الذي باشرته الحكومة، والذي سيكون عبارة عن ثورة اقتصادية واجتماعية وعمرانية وبيئية تضع المدينة والريف كتوأم تنمية مشتركة، كالبنيان يشدّ بعضه بعضا.

احتلت الجزائر العاصمة في العقود السابقة مراكز متأخرة ضمن عواصم العالم، على مستوى الراحة والمعيشة، إلى درجة أن كل الأحداث البائسة كانت تقع فيها، من صدامات دامية ومسيرات واعتصامات وحتى الزلازل والفيضانات، ولم تنج بقية المدن الكبرى، فكان التدهور سمتها من خلال برامج الإسكان “الفولكلورية” التي توزع السكن الإسمنتي فقط من دون السكينة، فانقطع الضوء عن مدننا وما أشعلت الأنوار في أريافنا، وصار كل مسؤول من وال أو من يسمّون “المنتخبين المحليين” مجرد عابري سبيل يجعلون من توقفهم في منصب القيادة، طريقا للحصول على الثروات والامتيازات، على أمل أن يكون المخطط الوطني لتهيئة الإقليم مخططا حاسما لقبر فوضى الأشياء والعمران التي قتلت المدينة والريف معا، ويكون مخطط الداخلية من أجل صورة خارجية أكثر سحرا وجمالا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!