رياضة

“الرؤساء”.. هم السبب

ياسين معلومي
  • 2097
  • 0

ترك اللاعبون الجزائريون الذين كانوا ينشطون في البطولة الفرنسية أنديتهم سنة 1958، والتحقوا بالثورة الجزائرية، ولم يفكروا ولو لحظة واحدة في أنفسهم. لقد صالوا وجالوا في بلدان عديدة من أجل التعريف بالقضية الجزائرية. ورغم أن التاريخ لم يعطهم حقهم كاملا، إلا أنهم ساهموا، كلّ بطريقته، في استقلال وطننا الحبيب. وبعده جاءت أجيال أخرى ساهمت في تطوير الكرة الجزائرية. وكان الجزائريون يتنقلون إلى الملعب كل يوم أحد وكأنهم يتنقلون إلى المسارح وبملابس جديدة من أجل الاستمتاع بفنيات لاعبين سجلوا أسماءهم بأحرف من ذهب على المستويين الوطني والإفريقي وحتى الدولي، وكانوا قدوة لكل الجزائريين، الذين لا يزالون يحتفظون بفنياتهم وأهدافهم وتمريراتهم وتتويجاتهم إلى يومنا هذا..

ألم يعد هواري بومدين من منتصف الطريق بعد أن عدل عمر بطروني النتيجة سنة 1975 أمام المنتخب الفرنسي، وأعاد الكرة في نهائي كأس إفريقيا 1976 أمام حافيا كوناكري؟ ومن ينسى أول فوز مونديالي أمام ألمانيا في 1982   بثنائية ماجر وبلومي وتمريرة عصاد، وهدف وجاني في نهائي كأس إفريقيا بالجزائر وعنتر يحيى الذي قهر المصريين..؟ وأحداث كروية يطول المقام لذكرها لا تنسى وتبقى راسخة في أذهاننا لأننا كبرنا معها. ويشهد الجميع أن الكرة يومها بحلاوتها ومراراتها أحسن وبكثير على ما نشاهده في بطولتنا، التي انحرفت عن مسارها ولا تؤدي الدور التربوي الذي كان سائدا من قبل.

تاريخ الكرة الجزائرية وكأنه يتوقف مع الجيل الحالي من اللاعبين، الذين أصبحوا يتقاضون شهريا أموالا طائلة يصرفونها في تناول مواد محظورة، كالكويايين والزطلة والحشيش والخمر، ويسهرون ليلة المباراة أمام أعين رؤسائهم، الذين لا يتقاسمون معهم “نفس الطاولة” فقط، ويبقى الخاسر الأكبر هو المناصر والمتفرج، الذي ذنبه الوحيد هو أن يحب فريقه ولا يستطيع التخلي عنه. 

عندما استضفت رئيس لجنة مكافحة المنشطات على مستوى الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، الدكتور جمال الدين دمارجي، وتحدثت معه عن اللاعب الجزائري “غير المحترف” لا في تصرفاته ولا في أفعاله، لأنه يأكل ويشرب في أي مكان، ويستطيع أي شخص أن يضع له مواد محظورة ليلة المقابلة دون علمه، وبعيدا عن أعين فريقه وخاصة رئيسه الذي يمنح له أموالا طائلة دون محاسبته ولا مراقبته… فهل راقب رئيس اتحاد العاصمة حداد لاعبه بلايلي الذي تناول مادة الكوكايين؟ وهل احتضن رئيس أمل الأربعاء عماني لاعبه بوسعيد حتى يبتعد عن تناول تلك المادة المحظورة..؟ أنا متأكد أن كل رؤساء الأندية الجزائرية لا يراقبون لاعبيهم، وربما لا يتحدثون معهم لأسابيع، ويتركونهم يفعلون ما يشاؤون، وعندما يكتشف تعاطيهم للمنشطات يتنصلون من مسؤولياتهم ويفسخون عقودهم..

هؤلاء الرؤساء وكم هم كثر، دخلوا ميدان الكرة من أجل مصالحهم وأغراضهم الشخصية، فلم أسمع في حياتي المهنية برئيس قدم استقالته، بل يدفع إلى الاستقالة أو يبقى في منصبه لسنوات حتى تمتلئ خزينته الخاصة دون حسيب ولا رقيب.

بلايلي وبوسعيد ولاعبون آخرون ضحية رؤساء “جبناء”، يضحون بالمدرب واللاعب من أجل البقاء في مناصبهم ولا يعيرون أدنى اهتمام للضغوطات ولا حتى للعدالة ويخرجون بطريقتهم الخاصة كالشعرة من العجين..؟ رحم الله المسؤولين السابقين، الذي ربوا أجيالا… لكن الرؤساء الحاليين خانوا الجيل الحالي فهل من حسيب أو رقيب.

مقالات ذات صلة