الجزائر
بنجامان ستورا سلم تقريره والأنظار تتجه نحو شيخي

الرئيس الفرنسي يغلق ملف الاعتذار!

محمد مسلم
  • 24596
  • 45
أرشيف

جددت الرئاسة الفرنسية، الأربعاء، نسخة إيمانويل ماكرون، رفضها قضية الاعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها فرنسا المحتلة، في الجزائر، وهو القرار الذي أعقب إيداع المؤرخ بنجامان ستورا، تقريره حول الاستعمار و”حرب الجزائر”، كما تسمى في الأدبيات السياسية الفرنسية.

وشدد قصر الإيليزي على أن باريس سوف لن تقدم اعتذارا للجزائر عن جرائم الاحتلال، لكنها تعتزم القيام بـ”خطوات رمزية” لمعالجة هذا الملف، الذي كثيرا ما تسبب في تسميم العلاقات الثنائية، ولا يزال، متنكرا (ماكرون) بذلك لوعود كان قد أطلقها خلال زيارته للجزائر في فبراير من العام 2017، عندما كان مجرد مرشحا لسباق الانتخابات الرئاسية الفرنسية.

وخلال تلك الزيارة، أدلى ماكرون بتصريحات اعتبرت في حينها ثورية وغير مسبوقة، ومما قاله “من غير المقبول تمجيد الاستعمار” الذي “يعتبر جزءا من التاريخ الفرنسي”، كما قال، وأكثر من ذلك اعتبره “جريمة ضد الإنسانية”، وهي التصريحات التي خلفت استحسانا كبيرا لدى الجزائريين، غير أنه تبين فيما بعد أن تصريح المرشح للرئاسة الفرنسية، ليس كمن أصبح نزيل قصر الإيليزي.

كما تبين لاحقا أن ماكرون يومها، كان يغازل الوعاء الانتخابي للجزائريين في فرنسا، وكذا من أجل الحصول على “الشكارة” لدعم حملته الانتخابية، ويتذكر الجزائريون اللقاء الذي دار بينه وبين “رجل أعمال العصابة” علي حداد، في أعالي القصبة بالعاصمة الجزائرية. وبينما رحب الجزائريون بتلك التصريحات، قوبل ماكرون، لدى عودته إلى بلاده بانتقادات واسعة من قبل الأوساط اليمينية، وكذا من قبل الحركى والأقدام السوداء، قبل أن يتراجع محاولا مجاراة مطالب تلك الأوساط.

وفي الوقت الذي كان على ماكرون اتخاذ موقف تاريخي يخرجه من دائرة الرؤساء الفرنسيين الذين عجزوا عن حل هذه المعضلة، حاول ماكرون اللعب على جميع الأوتار، أملا في عدم خسارة الكل وهو أمر غير ممكن واقعيا في ظل العداوة التاريخية المستحكمة بين البلدين، عندما قرر الجمع بين التناقضات، من خلال الاحتفال بذكرى قمع تظاهرة الجزائريين في باريس في 17 أكتوبر 1961، واليوم الوطني للحركى الموافق لـ25 سبتمبر، وتاريخ توقيع اتفاقيات إيفيان في 19 مارس 1962، كما جاء في بيان قصر الإيليزي.

ورغم رفض ماكرون تقديم الاعتذار للجزائريين، إلا أنه اعتذر لأرملة مناضل من أجل استقلال الجزائر قتله الفرنسيون هو موريس أودان. وإن تقاسم هذا المناضل مع الجزائريين الدفاع عن القضية ذاتها، إلا أنه يختلف عنهم في كونه فرنسي الأصل، وقد اعتبر الجزائريون ذلك الاعتذار تمييزا، وإن رحبوا بالقرار واعتبروه منصفا.

وفي انتظار رفع الستار عما تضمنه تقرير بنجامان ستورا، تبقى الأنظار متوجهة إلى الطرف الجزائري، الذي يعكف بدوره على إعداد تقرير يعبر عن وجهة النظر الأخرى، وقد كلف به، كما هو معلوم، المستشار برئاسة الجمهورية عبد المجيد شيخي، الذي قدم خلال تصريحاته الأخيرة بعض الخطوط العريضة عن تصوره للتقرير الذي يعده، والذي سوف لن يكون بالضرورة كما يتمناه الفرنسيون.

مقالات ذات صلة