الرئيس تبون يعيّن رئيس ديوانه العرباوي وزيرا أول

أنهى الرئيس، عبد المجيد تبون، مهام الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمن، وعيّن مكانه القانوني والدبلوماسي، نذير العرباوي، الذي كان يشغل منصب رئيس الديوان برئاسة الجمهورية. كما تم تعيين المستشار القانوني برئاسة الجمهورية، بوعلام بوعلام، رئيسا للديوان بالرئاسة بالنيابة.
وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية: “بناء على الدستور، لاسيما المادة 91 (5 و7) منه وبمقتضى المرسوم الرئاسي رقم 21-275 المؤرخ في 19 ذي القعدة عام 1442 الموافق لـ30 جوان سنة 2021 والمتضمن تعيين الوزير الأول، عيّن رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، نذير العرباوي وزيرًا أول، خلفًا لأيمن بن عبد الرحمن الذي أنهيت مهامه”، علما أن الرئيس تبون كان قد عبّر في بعض المرات عن عدم رضاه على الأداء الحكومي.
وتحدث البيان أيضا عن تعيين بوعلام بوعلام المستشار لدى رئيس الجمهورية المكلف بالشؤون القانونية والشؤون القضائية والعلاقات مع المؤسسات والتحقيقات والتأهيلات، “مديرًا لديوان رئاسة الجمهورية بالنيابة”.
وأمضى بن عبد الرحمن على رأس الوزارة الأولى، أزيد من سنتين (منذ جويلية 2021)، وهو التاريخ الذي شهد تكليفه بتشكيل أول حكومة بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في 12 جوان 2021، وقد كان يشغل يومها حقيبة وزارة المالية، وذلك خلفا لأول رئيس جهاز تنفيذي يعينه الرئيس تبون منذ وصوله إلى سدة الرئاسة، ممثلا في عبد العزيز جراد.
وكما هو واضح من خلال بيان رئاسة الجمهورية، فإن البيان لم يتحدث عن تكليف الوزير الأول المعيّن بتشكيل حكومة جديدة، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول ما إذا كان هذا التكليف، يتضمن الدعوة إلى تشكيل حكومة جديدة، أم أن الوزير الأول الجديد سيواصل العمل بالتشكيلة الحكومية الموروثة عن الوزير الأول المغادر.
ويختلف نذير العرباوي عن سلفه أيمن بن عبد الرحمن، فخلفية الأخير ذات بعد تكنوقراطي محض تنزع نحو قطاع المالية، فقد شغل منصب محافظ بنك الجزائر، ثم وزيرا للمالية، قبل أن يضبح وزيرا أول، فيما يعتبر الوزير الأول الجديد رجل قانون ودبلوماسي معروف، فقد عمل محام، قبل أن ينتقل إلى العمل في وزارة الخارجية، حيث شغل منصب سفير لدى باكستان، ثم مدير عام للشؤون القانونية والقنصلية، ومدير للمغرب العربي، ومدير للعلاقات الاقتصادية الدولية بوزارة الخارجية، وممثلًا للجزائر في الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي.
وفي أكتوبر 2019، تم تعيينه سفيرا في القاهرة وممثلا دائما للجزائر لدى جامعة الدول العربية، قبل أن يتم تعيينه مستشارًا لوزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية في الخارج سابقا، رمطان لعمامرة، ثم ممثلاً دائما للجزائر لدى هيئة الأمم المتحدة بنيويورك، في سبتمبر 2021، وفي هذا المنصب، نجح في الحصول على دعم الدول العربية لترشيح الجزائر كعضو غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الفترة 2024 ـ 2025.
وتوهج محمد نذير العرباوي سياسيا بشكل لافت في مارس المنصرم، عندما عينه الرئيس، عبد المجيد تبون، مديرا للديوان برئاسة الجمهورية، وقد جاء المرسوم الرئاسي الصادر في الجريدة الرسمية رقم 62 بتاريخ 26 سبتمبر 2023، المتضمن إعادة تنظيم مصالح رئاسة الجمهورية، ليوسّع من صلاحيات الرجل، الذي أصبح متابعا لكل صغيرة وكبيرة في الجهاز التنفيذي.
وتشكّل الأشهر الثمانية الأخيرة التي قضاها الرجل الأول حاليا في قصر الدكتور سعدان، في رئاسة الجمهورية وعمل خلالها عن قرب مع رأس السلطة التنفيذية، بمثابة تربص ميداني مكّنه من الوقوف على الهواجس الحقيقية التي تشغل بال الرئيس تبون، ولا شك أن هذا المعطى سيساعد الوزير الأول الجديد على الذهاب مباشرة إلى الهدف، ووضع الأصبع على الجرح.
المعطى الآخر الذي يكون الرئيس عبد المجيد تبون قد راهن عليه من خلال هذا التكليف، هو الخلفية الدبلوماسية التي ينحدر منها نذير العرباوي، وهو الأمر الذي سيساعد المؤسسة الأولى في البلاد، على إيصال الرسائل التي تريدها وبالكيفية التي تريدها، بالاعتماد على شخصية متمرسة لها علاقات متشعبة في الخارج، بحكم قيادته للبعثة الجزائرية في الأمم المتحدة، وعربيا من خلال تمثيله الجزائر في الجامعة العربية، لاسيما وأن الرئيس تبون راهن منذ وصوله إلى قصر المرادية على البعد الدبلوماسي من أجل استعادة البلاد لما فقدته خلال المرحلة السابقة، ولا شكّ أن وجود العرباوي على رأس الجهاز التنفيذي وتمثيله مستقبلا لرئيس الجمهورية خارجيا سيمكّن الدولة الجزائرية أكثر من الدفاع عن مصالحها العليا، خاصة في ظل الملفات الساخنة التي تحيط بها اقليميا، وكذا رهاناتها الدبلوماسية في السعي مع آخرين لتكريس نظام دولي جديد متعدد الأقطاب، يحفظ مصالح الشعوب ويكون منصفا وعادلا في خدمة الإنسانية.