الشروق العربي
يخون ولا يقبل الخيانة

الرجل الجزائري… بين كازانوفا وعمر قتلاتو

فاروق كداش
  • 6334
  • 9
بريشة: فاتح بارة

يعيش الرجل الجزائري حالة من الانفصام العاطفي، ويتأرجح قلبه بين كازانوفا العاشق للنساء وبين عمر قتلاتو الرجلة، وباسم هذه الرجولة ينصب نفسه المشرع لقانون المشاعر والأحاسيس، وما ينطبق على القوارير لا ينطبق عليه بالمطلق.. الشروق العربي، تفتح قلب الرجل، وتغوص في أغواره، وتجيب عن السؤال: لماذا يخون ولا يخان؟

إن سألت أي امرأة جزائرية عن عقلية الرجل الجزائري، فستقول لك إنه يصبح عدوانيا بمجرد التفكير في موضوع الخيانة، لذا، تراه يراقب كل شاردة وواردة في حياة حبيبته أو خطيبته أو زوجته، وأي خلل في لغة جسدها، قد يعتبره خيانة تأخذ حجما لا يصدق، فاللسان يخون مرة والعين تخون مرتين والقلب يخون ألف مرة. ويا ويل من تسول لها نفسها أن تمدح رجلا غيره، خاصة في شكله ومدى نجاحه في عمله، وإن كان أوسم وأغنى وأنجح.

يوميات خائن لا يخان

هذا الاستطلاع لا يمكنه أن يكون بوجهة نظر واحدة، لذا قررنا الحيادية وسؤال الجنسين عن هذا الأمر… كانت البداية مع مروان، وهو مثقف، يعمل في شركة “ليزينغ”، فاستغرب السؤال: “الرجل لا يخون من تلقاء نفسه، بل بسبب الإغراءات المحيطة به، خاصة أننا في زمن تحرر المرأة المزيف من قيود المجتمع… والرجل المتزوج يخون زوجته بسبب إهمالها له، أو بسبب المشاكل الأسرية أو المالية، فيهرب من البيت بحثا عن متنفس، فيجد من تترصده في الخارج”. ولم يستسغ حكيم فكرة أن يكون الرجل ضحية خيانة: “هذه قضية أخرى، فخيانة المرأة للرجل طعن في رجولته وشرفه”. ويبرر سليم، وهو مخرج مسرحي، ذلك بقوله: “الرجل يخون ثم يعود إلى بيته بعد أن يكتشف أنها كانت نزوة عابرة، بينما خيانة المرأة وإن لم تكن جسدية هي نهاية لكل حب وبداية لكل حقد وكره”.

أما فوزي فيرى الأمر سيان: “في الكثير من الأحيان، خيانة الرجل هي البداية لخيانة المرأة، إما انتقاما أو مللا، وهجره لها في المضجع يزيد الأمر سوءا، ونحن في أيام حالكة أصبحت قضايا خيانة المرأة لزوجها تملأ المحاكم، وكم من خيانة انتهت بقتل أو تشويه.. على المرأة ألا ترد الصاع صاعين، بل تحفظ شرفها، مهما كانت الظروف، فإن ذهب فلن يعود”.

القبيلة تحاكم القتيلة

لحواء رأي آخر، يميل إلى نصرة بنات جنسها، فحسيبة، ترى أن الخيانة هي نفسها، وإن كانت عواقبها في المجتمع وخيمة أكثر بالنسبة إلى المرأة. وتضيف: “المرأة الحرة لا تخون، وتصون شرفها وإن خانها زوجها ألف مرة، ولها أن تطلب الطلاق إن تحولت حياتها مع هذا الرجل إلي جحيم لا يطاق”. وعبرت كاميليا عن أسفها من نظرة الرجل الدونية إلى المرأة الخائنة: “حتى الرجل مسؤول عن خيانة المرأة له، بإهماله لها، ولدهسه على كرامتها، وإهانتها، وعدم إعطائها حقوقها الزوجية”. وتسترسل مستهزئة: “بدل التفاخر بعلاقته غير الشرعية، عليه أن يثبت أنه رجل فعلا”.

وتذكرت مروى عنوان رواية، للكاتبة غادة السمان، عنوانها “القبيلة تحاكم القتيلة”: “هذا العنوان، يلخص حال الرجل، فهو يدوس على المرأة كل يوم، وإن هي أخطأت يوما يحاكمها على الملإ أمام عائلته وعائلتها، بينما تستره هي في اليوم مئة مرة”.

نسرين، روت تجربة، هي لسان حالها: “تعرفت على شاب محترم، وكان يعتزم التقدم لخطبتي، غير أنه غير رأيه بمجرد أن رآني أقف مع زميلي في العمل في موقف الحافلات، عرض علي مرافقتي، كي لا أتعرض للتحرش أو الاعتداء، لأننا تأخرنا في الدوام، وليس لديه أي نية من ناحيتي.. هل هذا يعقل؟ ورغم أن زميلي تحدث إليه، وفسر له الموقف، إلا أنه لم يصغ إلى أحد… وحكم علي بالخيانة”.

وبمنظور آخر، يرى أخصائيو العلاقات الاجتماعية أن الخيانة موضوع شائك، ويختلف من شخص إلى آخر، تتحكم فيه ضوابط كثيرة، منها الوازع الديني وقيود المجتمع والعادات والتقاليد وكل أحمال الماضي وأثقال التجربة الشخصية… والجزائري، بطبعه الحاد وارتفاع نسبة التستوسترون في دمه، لا يقبل دور الضحية، فالخيانة هنا قد تكون مجرد التفكير في شخص آخر، أو خيانة للأمانة أو الثقة، فالأصل واحد والفروع متعددة، وليس بالضرورة الخيانة بالمعنى الحقيقي.

مقالات ذات صلة