رياضة

الرشوة على “المباشر” في جلدنا المنفوخ

ياسين معلومي
  • 2036
  • 5
ح.م

فضيحة من العيار الثقيل، نشرها موقع الهيئة البريطانية للإذاعة والتلفزيون “بي بي سي” عما يحدث في الكرة الجزائرية، من ملفات فساد ورشوة وبيع وشراء للقاءات كرة القدم، مدعمة بشهادات لبعض أهل الاختصاص الذين فضلوا عدم الكشف عن هويتهم، ربما خوفا من المتابعات القضائية… فضيحة قد تدخل كرتنا المسكينة في دوامة جديدة من المشاكل، بعد أن علم الاتحاد الدولي لكرة القدم بفحوى وجزئيات التحقيق الذي قامت به الهيئة البريطانية، وقد تعرف القضية أبعادا أخرى في المستقبل.
الهيئة الدولية لكرة القدم تأخذ مثل هذه المواضيع بجدية كبيرة لحماية نزاهة اللعبة، وكم من رؤوس سقطت في المدة الأخيرة، بداية ببلاتير ومساعده بلاتيني، وعدد كبير من أعضاء المكتب التنفيذي لـ”الفيفا”، وبعض الحكام الأفارقة الذين تأكد ضلوعهم في قضايا فساد ورشوة. فالمتتبع للكرة الجزائرية يكون قد لاحظ في السنوات الأخيرة التصريحات اللامسؤولة من بعض مسيري كرتنا المتعبة، فهناك من قال بأعلى صوته إن الكل يبيع والكل يشتري، ولا أحد من المسؤولين تدخل يومها ولا أحد منهم أحال صاحب هذه الاتهامات إلى العدالة، وكأن الأمر لا يهمه، وآخر مازلت أتذكر حين قال إن ركلات الجزاء والبطاقات الحمراء والصفراء تباع بعلم جميع مسيري اللعبة، ولا أحد يومها كانت له الشجاعة لتقديمه أمام القضاء لجلب الدلائل مثلما يتغنى به المسؤولون، وأمثلة أخرى لا تعد ولا تحصى تنشر في الجرائد على لسان رؤساء الأندية والمقربين منهم، من اتهامات وتلاعب بنتائج المباريات الكروية.
ما لفت انتباهي في تحقيق الهيئة البريطانية، أن صاحب التحقيق يملك معلومات مدققة عن رشوة اللاعبين والمسؤولين أدى إلى نشوء “قائمة أسعار” شبه رسمية تتفق عليها كل الأطراف، ويُرجع إليها في تقرير المبالغ اللازمة لشراء ذمم اللاعبين والمسؤولين- أي فساد حسب الطلب- آخذا بنظر الاعتبار أهمية كل مباراة وسياقها. وضربت مثالا بالبطولة المحترفة، حيث قالت: “ففي دوري الدرجة الأولى، على سبيل المثال، يكلف منح ضربة جزاء من جانب أحد الحكام الفاسدين نحو مليون دينار جزائري على الأقل، وهو مبلغ كبير إذا أخذنا بنظر الاعتبار أن الحكام الدوليين في الجزائر لا يتقاضون إلا أقل من 10 بالمئة من هذا المبلغ شهريا”.
هل الكرة الجزائرية التي عادت إلى نقطة الصفر في حاجة اليوم إلى مثل هذه الفضائح؟ وهل يملك أصحاب هذه الاتهامات الدلائل التي قد تدخلنا في فضائح نحن في غنى عنها، ألم يحن الوقت لأصحاب وصناع القرار أن يبعدوا هؤلاء المتطفلين عن الكرة الجزائرية، والحل ليس بالصعب، وتم تطبيقه في منتصف السبعينيات حين أقرت الدولة الإصلاح الرياضي ومنحت كل الأندية للشركات الوطنية، فلا مجال لأشباه المسيرين الذين صنعوا ثروات نظير دخولهم عالم الكرة… الحل عند من يبحث عنه، أما الدخلاء فعليهم البقاء في بيوتهم ومتابعة اللقاءات على شاشة التلفاز، من باب فسح المجال لتطهير المحيط الكروي الغارق في التعفن.

مقالات ذات صلة