-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الرهان على رفض الارتهان

عمار يزلي
  • 562
  • 0
الرهان على رفض الارتهان

مع نهاية هذه السنة، سنكون قد خرجنا من نفق كان إلى وقت قصير يبدو لنا غير ذي ضوء، خاصة مع الأزمة التي عصفت بنا خلال التسعينيات، وبعدها فترة الركود والفساد السياسي والاقتصادي لنحو عشرين سنة، ثم ثلاث سنوات تقريبا من آثار عدم الاستقرار وجائحة كوفيد 19 وتبعاتها وما أسفر عنها من أضرار.

جاءت سنة 2022، لتعيد الكرّة وترأب الصدع ولربح ما فات فكانت بحسب تصريح رئيس الجمهورية عند انطلاقها “سنة اقتصادية بامتياز”، وهذا ما حدث فعلا: المئات من المؤسسات الصناعية في كل المجالات فُكَّ وثاقها بعدما بقيت طويلا معطلة لأساب بيروقراطية، رغم أنها كانت قائمة وجاهزة للإنتاج، لا ينقصها إلا رخصة الاستغلال.

بمبادرة شخصية من رئيس الجمهورية، فُكَّ الحصارُ عن هذه المؤسسات استثنائيا لإدماجها فورا في الدورة الاقتصادية والصناعية وربح معركة التصنيع والإنتاج الوطني والخروج من دائرة التبعية والاستيراد.

خلال سنة فقط، لاحظنا ارتفاعا في حجم الصادرات خارج المحروقات، إذ كنا قبل أقل من ثلاث سنوات ومنذ انتخاب رئيس الجمهورية قبل ثلاث سنوات من الآن، لا نصدِّر خارج إطار المحروقات، وفي أحسن الأحوال مبلغ 1.8 مليار دولار. خلال سنتين، وصلنا الآن إلى نحو 6 مليار دولار، وقد نسجِّل رقما مع نهاية السنة قد يصل إلى 7 مليار دولار. هذا الرقم لم يكن إلا حلما، في نظر كثير منا، وحتى لما أعطى رئيس الجمهورية رقم 3 ثم 4 مليار دولار في سنة 2021، كان الكثير يشكك في قدرتنا على تحقيق هذا الرقم في هذا الظرف القياسي. غير أن الرغبة والإرادة تفوّقت على إرادة إدارة الاقتصاد على النحو القديم، وأحدثت شبه ثورة في نظام التسيير والعقلنة والمراقبة ولكن أيضا تحت مراقبة صارمة لأجهزة الدولة الرقابية لا البيروقراطية، من أجل احترام دفاتر الشروط والامتثال لقواعد السوق، فكانت الحرب على المضاربة التي شكَّلت عائقا أمام التحوُّل الاقتصادي والمسار السياسي في التغيير، وشكَّلت إلى حد كبير عبئا كبيرا على ديناميكية التنوع والمنافسة بل وشكلت نوعا من “الثورة المضادة” التي تهدف إلى الضغط على أجهزة الدولة الاقتصادية والسياسية وزعزعة الثقة بها لدى غالبية المواطنين الذين حاول اللوبي الخفيّ، أن يُفهم الشعب أنه لولاهم، وهم النافذون المتربِّحون في عهد العصابة والنهب والفساد وترك الحارب على الغارب ليتربَّح هؤلاء بكل السبل على حساب الخزينة العمومية ورهن البلاد والعباد للخارج، لولاهم وبدونهم لن يتمكنوا من العيش ولا البقاء. هذا الطابور الخامس الذي عمل في الخفاء تحت عدة أستار ومنها ستار الاقتصاد الانتهازي عبر المضاربة والغش والفوترة المضخمة والتهرب الضريبي والتخزين العشوائي والتهريب الحدودي، والذي كان على الدولة أن تجفف منابعه بعدة إجراءات ردعية وبعمل ضخم من طرف أجهزة الأمن والرقابة على الحدود، ولكن أيضا داخل البيئة الاقتصادية والتجارية في المدن.

سنة كاملة من الحرب على كل المستويات لضمان تحوُّل جديد جدي، لا تتحكم فيه بقايا العصابة.

كانت سنة انطلاقٍ فعلي لماكينة الاقتصاد الجديد والأسلوب الجديد في التسيير والمراقبة وتأمين حاجيات المواطن في ظل التضخُّم الدولي وغلاء الأسعار، عبر ضخِّ مزيدٍ من التحويلات المالية لصالح دعم بعض المواد الأساسية وامتصاص هامش الغلاء العالمي في مجال النقل والتصنيع بعد غلاء الطاقة وتردي سلاسل التوريد بسبب أزمة كوفيد وأزمة أوكرانيا والعقوبات على روسيا.

سنة 2023 يُتوقع أن تشكّل إضافة نوعية أكبر مع دخول صناعة السيارات غمار الرهان الكبير للدولة الجزائرية الجديدة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!