الجزائر
صارت التخصصات الأكثر استقطابا للمتفوقين في البكالوريا

الرياضيات والإعلام الآلي والذكاء الاصطناعي… خيارات المستقبل!

إلهام بوثلجي
  • 29417
  • 10

تشهد السنوات الأخيرة اهتماما ملحوظا من الناجحين بمعدلات امتياز في شهادة البكالوريا بتخصصات الذكاء الاصطناعي والرياضيات والإعلام الآلي بعيدا عن التخصصات التقليدية كالطب والهندسة والمدارس العليا للأساتذة، وهو ما دفع بالسلطات العليا في البلاد إلى دعم هذا التوجه من خلال فتح مدرستين وطنيتين عليين للرياضيات والذكاء الاصطناعي.

والملاحظ أن نوابغ الجزائر المتحصلين على شهادة البكالوريا بمعدلات 18 وحتى 19 لم تعد تغريهم العلوم الطبية كالسابق، ما عدا القلة القليلة، بل إن طموحهم تعدى إلى تخصصات المستقبل والحاضر، على غرار الرياضيات والذكاء الاصطناعي والإعلامي الآلي وعالم البرمجيات، حيث جذبت ولا زالت نوابغ العالم، كما تفتح للمتخصصين فيها آفاقا متنوعة على الصعيد المعرفي والبحثي وحتى المالي والعملي، وهو ما لمسناه من خلال رغبة  المتحصلة على المرتبة أولى وطنيا آية شعيب وصال في دراسة تخصص الرياضيات، وأخبار عن توجه كل من هبة عبد الرحمان من ورقلة ولهوازي قايا من تيزي وزو المتحصلين أيضا على المراتب الأولى وطنيا في بكالوريا 2021  نحو مدرسة الذكاء الاصطناعي والإعلامي الآلي، ما ينم عن وعي تلاميذ المستقبل ومحيطهم الاجتماعي بالتغيرات التكنولوجية والرقمية الحاصلة في العالم، ورغبتهم في سلوك نهج البحث العلمي تيمنا بعلماء الجزائر الناجحين في الخارج أمثال العالم الجزائري المتواجد بكاليفورنيا بلقاسم حبة وغيرهم ممن استطاعوا تخطي حواجز الوظيفة وكان سقف طموحاتهم أعلى منها، فضلا عن وجود إرادة سياسية لتشجيع النوابغ وتكوينهم لتستفيد منهم الجزائر والتي تجسدت ببناء مدرستين عليين للذكاء الاصطناعي وللرياضيات بالقطب العلمي والتكنولوجي سيدي عبد الله، حيث ستفتتح رسميا مع الدخول الجامعي الجديد للمساهمة في تكوين النوابغ في أهم تخصصين في العالم.

الجزائر ستربح 80 مليار دولار بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي

وفي السياق، يرى الخبير في الذكاء الاصطناعي والأستاذ سابقا بكندا، محمد لمين خرفي، في تصريح لـ”الشروق” بأن تخصص الذكاء الاصطناعي بصفة عامة هو تخصص المستقبل والحاضر في العديد من الدول، ففي  أمريكا الشمالية مثلا خلال خمس سنوات قادمة ستنشأ 2 مليون وظيفة عمل بسبب الذكاء الاصطناعي، كما يتوقع – يقول – أن ينمو الاقتصاد العالمي بين 2020 و2030 بحوالي 51 ألف مليار دولار، وفي الجزائر يمكن أن نصل إلى 80 مليار دولار إذا ما تم الاعتماد على الذكاء الاصطناعي وعلم البيانات والذي سيلقي بظلاله على الاقتصاد الجزائري.

وأوضح البروفيسور بأن للذكاء الاصطناعي وعلم البيانات تأثيرا على الجانب الاجتماعي، لاسيما ما تعلق بتطوير أداء الإدارات العمومية، والصحة وجميع المجالات.

ويرى مؤسس المدرسة العليا للذكاء الاصطناعي بأن المستقبل لهذا التخصص كبير في الجزائر، مشيرا إلى أنه من قبل كان مجرد تخصص ماستر في المدرسة العليا للإعلام الآلي الموجودة وطنيا في ثلاث ولايات بالعاصمة وسيدي بلعباس وبجاية.

وشدد رئيس مخبر الذكاء الاصطناعي في جامعة ورقلة على أن المستقبل بالنسبة للطلبة الجدد الناجحين في البكالوريا سيكون لتخصص الذكاء الاصطناعي والذي تكلل بفتح مدرسة وطنية عليا وحتى الرياضيات والإعلام الآلي وهذا مقارنة بالتخصصات التقليدية، ولفت في السياق بأن العصر الحالي يتطلب معرفة هذا التخصص حتى بالنسبة للمهندس أو الطبيب وليس فقط للنخبة، لأنه عن طريق هذا التخصص يمكن فتح شركة خاصة لتطوير البرمجيات وبعيها على المستوى الوطني والعالمي والخروج من الدائرة الضيقة للعمل في الشركات الوطنية، فالذكاء الاصطناعي -حسبه- يساهم في مستقبل الفرد وبدل أن يشتغل كموظف عادي في شركة، يمكن أن يساهم في الاقتصاد الوطني من حيث تنويع الصادرات، وحتى الشركات الوطنية حاليا مثل سوناطراك تسعى لهذه الاختصاصات وخلق فرص عمل، ودعا في السياق الناجحين في البكالوريا للتخلص من النمط القديم للتفكير وهو الحصول على الشهادة من أجل التوظيف في شركة وطنية، في حين يمكن أن ينشئوا شركاتهم الخاصة مثل تجارب شركات “غوغل” و”أمازون” وفيسبوك” التي انطلقت من مجرد فكرة لمجموعة من الطلبة.

قرامز عبد الغني: المعرفة في تطور ومثل هذه التخصصات جد مطلوبة

وبدوره قال قرامز عبد الغني، الأستاذ بالمدرسة العليا للعلوم التطبيقية بالعاصمة، بأن توجه المتفوقين في شهادة البكالوريا نحو تخصصات الرياضيات والإعلامي الآلي والذكاء الاصطناعي يرجع بالدرجة الأولى إلى أن المعرفة في تطور ملحوظ وسريع، ولا سيما في الدول المتقدمة التي تشهد ثورة معلوماتية كبيرة وهي الآن في الاقتصاد الرابع، وأضحى الذكاء الاصطناعي جزءا لا يتجزأ منه، ولم يخف المتحدث بأن اختيار الطلبة النوابغ لهذه التخصصات يكمن لنيتهم في السفر للخارج لإيجاد البيئة الملائمة للبحث العلمي وتطوير قدراتهم، مشيرا إلى أن أغلب الطلبة في المدارس العليا يكملون الدراسات العليا في الخارج ومنهم حتى الذي لا يعود للجزائر.

مقالات ذات صلة