الجزائر
رأس بدوي ورئيس سلطة الانتخابات أوراق على الطاولة

السلطة والحراك.. المنعرج الأخير!

محمد مسلم
  • 5604
  • 8
ح.م

بعد أن نجحت السلطة في تجهيز التدابير القانونية والإجرائية المتعلقة بالانتخابات الرئاسية بسرعة البرق (قانوني الانتخابات والسلطة المعنية بتنظيمها)، تتجه الأنظار إلى ما ستفرزه الأيام القليلة المقبلة، على صعيد تهيئة الأجواء لإدخال الجزائريين في مناخ الانتخابات، الذي لا يزال محل رفض من قبل البعض.

وقد جاءت مصادقة مجلس الأمة، وفي يوم عطلة، على مشروعي القانونين المؤطرين للعملية الانتخابية، ليؤكد عزم السلطات على المضي بحزم في تنظيم الاستحقاق الرئاسي المؤجل، قبل نهاية السنة الجارية.

وعلى غير العادة، لم يتمتع أعضاء مجلس الأمة بعطلتهم الأسبوعية، وأجبروا على النزول إلى المبنى المحاذي لساحة بور سعيد، ليكملوا إجراءات ترسيم مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بنظام الانتخابات، والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وقد تم ذلك صبيحة أمس.

وقبل ذلك، شهدت نهاية الأسبوع نشاطا غير مسبوق للحكومة ورئاسة الدولة ومعهما قيادة المؤسسة العسكرية، وتمخض عن هذا النشاط تدابير وتحفيزات للجزائريين (رفع منحة المعوقين، استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، استحداث منحة خاصة بالتمدرس..)، مثلما صدرت إشارات وتلميحات من رئاسة الدولة ومن قيادة الجيش، بخصوص مصير حكومة نور الدين بدوي.

عبد القادر بن صالح وخلال ترؤسه مجلس الوزراء، ثمّن الجهود التي بذلها بدوي وفريقه الوزاري في “ظروف صعبة”، كما شكر نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، بدوي على الجهود التي بذلها على رأس الحكومة.

جل من تابع هذه التصريحات، أيقن أن أيام الوزير الأول على رأس الحكومة باتت معدودة، وأن هذه الأخيرة هي بمثابة ورقة بأيدي السلطة جاهزة للتضحية بها في غضون الساعات أو الأيام القليلة المقبلة، من أجل استرضاء الرافضين للعملية الانتخابية والمترددين بشأن التجاوب معها.

وإن كانت مسألة استمرار بن صالح على رأس الدولة، غير مطروحة للنقاش حاليا، طالما أن المجلس الدستوري أفتى بها في وقت سابق، عندما أكد بأن بن صالح هو من يسلم المشعل لمن سيفرزه صندوق الانتخابات الرئاسية الموعودة، إلا أن هناك الكثير من الأوراق لا تزال بحوزة السلطة، والتي يمكنها أن تخرجها في الوقت المناسب.

ومن بين هذه الأوراق، اختيار شخصية مقبولة شعبيا لخلافة بدوي على رأس الوزارة الأولى، إلى غاية انتخاب رئيس جديد، غير أن هذه الورقة تبقى محفوفة بالكثير من المحاذير، إذ من الصعوبة بمكان العثور على شخصية بالمواصفات التي يبحث عنها غالبية الجزائريين، وخاصة بعد أن ارتفع سقف التطلعات، إثر نجاح “الحراك الشعبي” في إسقاط حكم الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، وسجن الكثير من رموز العصابة، من السياسيين وأصحاب المال المنتفعين من دعم السلطة (الأوليغارشيا)، وبعض وجوه الدولة العميقة.

الورقة الأخرى وتبدو الأهم، وهي الشخصية التي يعهد لها برئاسة السلطة المستقلة للانتخابات، وهو أمر غاية في الأهمية والصعوبة في آن واحد، لأن الجميع وخاصة المعارضة، يعول كثيرا على هذه السلطة، من أجل تنظيم استحقاق رئاسي يختفي فيه الكلام عن التزوير والتراشق بتهم التلاعب بنتائج الانتخابات، ومن ثم فالوصول إلى شخصية قادرة على تحمل هذه المسؤولية، في ظرف كهذا يعتبر إنجازا، لكنه ليس مستحيلا.

مقالات ذات صلة