… السم ولو في الصين
يبدو أن بلادنا، لا تنفك دماملها تنفقئ لحظة بعد لحظة ليخرج صديدها صدئا مكتنزا بكل بكتيريات وفيروسات واقعنا الاقتصادي المتفيرس!.
الموضوع الذي طالعتنا عليه الشروق قبل أيام، حول “رجل العمايل” الصيني الذي يحجز “رجال عملات وعمايل وتعاملات” جزائريين (لا ننكر أن فيهم الكثير من النزهاء!)، حتى يدفعوا له ديونه، يفيد الكثير من الكلام المفيد وغير المفيد عن المستفيد.
ولأن المفيد، وغير المفيد، لم يعودا مفيدين، في وضع صار فيه المستفيد الأكبر هو الأفيد من كل فائدة، فإنه لم يعد بمقدورنا أن نفك رأس خيط الأبيض وخيطها الأسود من الأبيض!
فالانفتاح غير المدروس والمتسرع على السوق الحرة والتجارة العالمية، قد أربك المجتمع جملة وتفصيلا، وأربك الدولة والبلد برمته، لكون أن المربكين لها هم المستفيدون بلا فائدة، وغير المفيدين بأية فوائد، من أصحاب موتى الأفئدة! هؤلاء من باعوا شعبهم ورهنوا صحته وماله مقابل الثراء الفاحش وبدون رقيب .. والنتيجة: تسميم وتفقير شعب بأكمله من خلال “سياسة الاستوراد” الملعونة!
نمت لأجد نفسي“رجل عمايل” رهينة! تعاملت مع عملاء من الصين من نفس الصنف: مافيا تدير المصالح لمصلحة لا تصلح إلا لغير الصالح منهم: ولأني عرفت الطريق نحو“الاستوراد” من خلال دعم قوي الأكتاف في الجزائر، فقد صرت أحتكر جزء كبيرا من “مستوردات” البلاد من الألبسة والأفرشة والأدوات الكهرومنزلية! الصيني يقول لك: “إذا أنت تحدد النوعية، فأنا أحدد السعر وإذا أنت تحدد السعر، فأنا أحدد النوعية“! وهكذا، نحن بالطبع نحدد السعر لنشري رخيصا ونبيع غاليا، لكن أرخص من نفس السلعة بجودة عالية! وبعد عام، صار الجزائريون يتهافتون على“بورخسة“، ويشترون بطانيات مصنوعة من وبر الجرذان والقطط المذبوحة والكلاب، ويلبسون ثيابا محاكة ببقايا الثعابين والزواحف، ويشترون طباخات وسخانات وجيريكانات مصنوعة من حاويات النفايات والسموم، والتي سرعان من تنفجر أو في أحسن الأحوال تتوقف عن العمل بعد أشهر أو أيام، ربحت الملايير خاصة وأن البنوك كانت تسمح لي“كمستثمر” (في موت الناس ومرضهم) بتحويل العملة كوني رجل أعمال، أعمل ما شئت وأتعامل كيفما أردت (كوني أعمل تحت وصاية من هو أقدر على إفراغ البلاد من العملة بعملية واحدة!!). سممت مليون ونصف شاهد، وقتلت نصف العدد سرطانا وحساسية قاتلة ومضاعفات رئوية وانفجارات ومفرقعات وسخانات وعدادات كهربائية.. الحاصل قتلت ما لم تقتله العشرية السوداء والسنوات السبع الشداد أيام فرنسا بنت الكلب قاتلة العباد!..واليوم الحمد لله، دفعت الدولة ديوني وأطلق الصينيون سراحي لأعود إلى“الاستثمار..في النار” وأطلب السم ولو في الصين..
وأفيق وأنا أموء كالقط..بعدما نمت وأنا أقرأ الكتاب الأحمر وتاريخ “المسيرة الكبرى“.. لماووووو!