رياضة

الشوربة والزبادي

علاء صادق
  • 7428
  • 15

يقول المثل المصري الشعبي الساخر (الي تلسعه الشوربة.. ينفخ في الزبادي).. وهو يعنى أن الشخص الذي يحاول أن يحتسي الشوربة التي تأتي دائما ساخنة.. ويتعرض للألم من سخونة الشوربة يصبح حذرا من أي مشروب لاحق حتى أنه ينفخ لتبريد الزبادي الذي يأتي دائما باردا.

فى نهاية العشرينات من القرن الماضي شهدت مباراة في بطولة منطقة القاهرة لكرة القدم بين فريقي الأهلي والمختلط (الاسم القديم لنادي الزمالك) شغبا في ملعب النادي الثاني.. ولم يكن في الملعب آنذاك العدد الكافي من رجال البوليس وتفاقمت المعارك بين جماهير ولاعبي الفريقين وتعددت الإصابات ولم يكتمل اللقاء.

وأدرك المسئولون عن جهاز البوليس حجم التقصير الذي ارتكبوه بعدم توفير الحماية المناسبة للمباراة وعدم إرسال العدد الكافي من العساكر والضباط للمباراة.. وتفادوا الخطأ في المباراة التالية مباشرة بإرسال مائتي عسكري درك وضابط إلى ملعب السكة الحديد في جزيرة بدران فى قلب القاهرة لتأمين مباراة السكة والترسانة في نفس المسابقة.. وكانت المفاجأة أن عدد رجال البوليس في تلك المباراة كان أكثر من عدد المتفرجين الذين لم يصل عددهم إلى المائة بسبب نقص شعبية الفريقين.

الدرس الذي يتعلمه الجميع من الحادثة القديمة هو أن وقوع الخطأ الجسيم يوقظ صاحبه ولكن بعد فوات الأوان.. وتكون الترتيبات التالية بحجم أكبر جدا من الحاجة أو الضرورة.

الحادثة القديمة التي مر عليها تسعون عاما قفزت إلى ذهني فور قراءتي للأخبار الواردة عن حجم الاستعدادات الأمنية التي اتخذتها السلطات لتأمين مباراة منتخبي الجزائر ومالي في تصفيات كأس الأمم الإفريقية والمقرر إقامتها في ملعب مصطفى تشاكر في البليدة مساء الأربعاء المقبل.

الخبر المنشور عن تلك الاستعدادات في صحيفة الشروق أمس كان كالتالي (جندت المديرية العامة للأمن وقيادة الدرك أزيد من 5 آلاف شرطي ودركي ووحدات مجهزة بكل الوسائل والمعدات التي تحفظ النظام فضلا عن 4 طائرات هيلكوبتر و30 كاميرا مراقبة لتأمين المباراة التي ستجمع الفريق الوطني بنظيره المالي الأربعاء بملعب مصطفى تشاكر بمدينة البليدة.. وأكدت مصادر مسؤولة بالمديرية العامة للأمن الوطني لـ”الشروق” أن القيادة العليا لجهاز الشرطة تحت الإشراف المباشر للمدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل عملت على توفير كل الظروف الأمنية وتسخير كل الإمكانات اللازمة لإنجاح الإجراءات الأمنية، حيث تم بالمناسبة تسطير خطة أمنية يتم إطلاقها 24 ساعة قبل انطلاق المباراة، إذ تم تجنيد أزيد من 3 آلاف شرطي من مختلف الرتب منهم 15 وحدة جمهورية للأمن و5 وحدات للتدخل السريع و10 وحدات متنقلة للشرطة القضائية وفرقة الأنياب، كما خصصت طائرتان مروحيتان لتوفير السلامة الأمنية بمدينة البليدة من خلال الاستكشاف الجوي والاتصال المباشر مع الوحدات العملياتية.

وسترفق التعزيزات الأمنية بفرق الدراجات النارية التي تجوب كافة الطرقات تحسبا لأي طارئ إضافة إلى توفير تشكيل أمني في كل المدرجات وأعوان شرطة آخرين بالزي الرياضي يسهرون على تأمين أرضية الملعب.

ومن جهتها، فإن القيادة العليا للدرك الوطني سخرت أزيد من 2000 دركي للتأمين، حيث جندت كل الوحدات الإقليمية والتشكيلات التابعة للدرك الوطني زائد 3 سرايا لأمن الطرقات. وهي على التوالي زرالدة والحراش.

أما الشطر الثاني فيتعلق بتوسيع المخطط الأمني إلى الولايات المجاورة مع تسخير طائرتي هليكوبتر للدرك الوطني من أجل مراقبة شبكات الطرقات وتأمين حركة المواطنين والممتلكات مع مضاعفة تفتيش المركبات بكل أنواعها وكذا القطارات والتحقق من هوية المسافرين مع حجز كل الوسائل الممنوعة.

وحذرت قيادتا الشرطة والدرك قاصدي ملعب تشاكر بالبليدة من أي محاولة لإدخال المفرقعات أو أشياء محظورة إلى الملعب أو العنف داخل وخارج الملاعب لتفادي تكرار سيناريو تيزي وزو، كون رجال الأمن سيتولون تنفيذ الإجراءات القانونية وتطبق في حقهم عقوبات مشددة، كما سيتم منع القصر من الدخول إلى الملاعب).

انتهى الخبر، لكن ما قرأته من استعدادات مكثفة تشير إلى أننا بصدد حدث أكبر من مباراة كرة قدم سبق لمنتخب الجزائر خوض المئات مثلها على نفس الملعب وفى ظروف أصعب.. ولم ترتفع أبدا الكثافة الأمنية في أي منها إلى هذا المستوى ومرت جميعها وبلا استثناء بسلام تام.

الحقيقة أننا بحاجة لنصف تلك الاستعدادات الأمنية في عدد من المباريات المحلية الملتهبة والتي تحمل صفة المنافسات الحادة والصراعات القديمة والمواجهات الجماهيرية المثيرة.. واشتهرت دائما بأعمال الشغب.

مقالات ذات صلة