الشروق العربي
يخطفة السحرة لدمه النادر

“الطفل المزهور”… مفتاح كنوز الجن والدورادو المشعوذين

فاروق كداش
  • 30758
  • 10
ح.م

تركن سيارة بزجاج أسود يحجب الرؤية إلى جانب الرصيف، تترصد طفلا في السابعة من عمره، خرج بمفرده من المدرسة..
السائق يتجه نحو الطفل بخطوات متثاقلة حتى لا يلفت الانتباه من حوله، يخرج من جيبه 200 دينار ويقدمها للطفل، وقد حرص على تفحص كفه جيدا، كما طلب منه إخراج لسانه ‪آ‬ملا في أن يكون مفلوقا إلى نصفين. براءة الطفل دفعته إلى تصديقه، لكن وقبل ان يحاول المجرم تفحص لسانه، شعر الطفل بالخوف مما جعله يفلت من يده، ويلوذ بالفرار، إنها نهاية سعيدة لسيناريو متكرر لأطفال يتم اختطافهم لأسباب معينة، لكن هذه المرة السبب ليس انتقام زوج من زوجته أو لطلب فدية أو لتجارة الأعضاء، بل للحصول على دم “الطفل المزهور”.

من هو الطفل المزهور، ولماذا يحاول المشعوذون اختطافه؟ إنه لغز غامض نحاول فك طلاسمه، ففي الذاكرة الشعبية الجزائرية المزهور هو من لديه خط مستقيم، يقسم كفيه بشكل عرضي وفقط، لكن تبعة الشياطين يدركون أن هناك مواصفات اخرى يجب أن تتوفر في هذا الطفل النادر، فعيناه وكأن بهما حول ولها بريق خاص جدا، دمه فاتح اللون، وعلى مؤخرة شعره شكل “نخلة”.. والهدف سكب القليل من دمه للتقرب من المردة من الجن الذين يحرسون الكنوز.

السحر اليهودي

تسمية “المزهور” مشتقة من الزهر، وقد تكون للكلمة علاقة بكتاب «زوهر» الذي يعد من أهم كتب الإسرائيليات والتصوف اليهودية الذي تناول فلسفة «الكابالا» وهي من اخطر كتب السحر اليهودي، ويعرف كتاب زوهر بكتاب التنوير. ومهما يكن من أمر، فالمزهور في الثقافة الشعبية هو الشخص الذي يكون محظوظا إلى أقصى درجة، لأن جميع أمور الدنيا تكون ميسرة ومفتوحة أمامه، فقد اختاره الله من بين آلاف البشر ليحمل مشعل الحظ في دروب الحياة المتشعبة.. لكن نعمة الحظ هذه غالبا ما تتحول على صاحبها إلى نقمة، لأن الأشخاص المزهورين غالبا ما يلاحقهم شبح الموت في كل مكان فتكون صدمة الأسرة قوية حينما تكتشف بأن الله رزقها طفلا يحمل علامة أو علامات «الزهر»، لأن ذلك سينغص سعادتها ويكدر عيشها ويضاعف مسؤولياتها بشكل كبير في مراقبة وطرد كل التماسيح التي تتربص بطفلها وتهدد حياته.

أطفال على مذبح الجشع

سألنا أحد الأئمة في مدينة الرويبة وهو الشيخ سعيد الرحلي عن هذا الطفل المعجزة، فأخبرنا أن المشعوذين يستحضرون الجن بقطرات من دماء هؤلاء الأطفال، لأجل استخدامها في طقوس استدعاء ملوك الجن، ويتوجب تنفيذ العملية ذلك في فجر ليلة مقمرة وسط ترديد تعاويذ سحرية خاصة، مؤكدا أنه غالبا ما يتعرض المشعوذون – حسب الإمام – إلى أذية الجن لكونهم مسلمين ويرفضون تلبية طلباتهم، وحدث وأن تعرض أحد أعوانهم إلى “لطمة” جني.
من جهته، أرجع مختص علم الاجتماع، سمير طهاري، علاقة الظاهرة بالسحر الذي هو نوع من الموروثات الشعبية التي تنتقل من جيل لأخر، حيث يعتقد بعض الجهلة والجشعين أن كنوزا دفينة في جوف الأرض يحرصها الجان، وللحصول عليها يتوجب إحضار “الطفل المزهور” الذي يتميز عن بقية الأطفال بعلامات معينة، مشيرا إلى أنه يجب الحذر من هذه ا الظاهرة والمراقبة المستمرة لأطفالنا.

الحذر.. الحذر

الأطفال المزهورين مبحوث عنهم من قبل السحرة والمشعوذين من أجل تقديمهم قرابين للجن الذين يحرسون الكنز ليحظى المختطفون في النهاية بشتى أصناف الكنوز والجواهر. صفقة يسعد بها المجرمون على حساب تعاسة آباء وأهالي الأطفال المستهدفين بالخطف والتعذيب والقتل، فالحذر.. الحذر.

مقالات ذات صلة