-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطيبات.. للطيبين؟

الطيبات.. للطيبين؟

بالتأكيد، لم يقصد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أو الذين وزّعوا الحقائب الجميلة على مجموعة من الرجال والنساء، أن يتوافق اختيارهم مع أصحاب الأسماء الطيّبة، من طيب لوح وطيب بلعيز وطيب زيتوني، ولكنه بالتأكيد قصد أن يمنح هذا الطاقم، هذا اللطف الذي حقق لأول مرة في تاريخ الجزائر سبع نساء وزيرات، ورفع من أهمية هاته الحقائب التي كانت في السابق مقتصرة على الثقافة والتضامن، إلى السياحة والتربية والتعليم، ولكن من دون أن يصلن إلى الوزارات الحقيقية التي تصنع القرار، وتمتلك الثروة مثل المالية والمحروقات والخارجية والداخلية.

وسنكون طيبين جدا، لو ظننا بأن ما حدث، هو حسن نية من السلطة لأجل أن تغيّر ما بنفسها، فأحالت الذين عاشوا نصف العمر وزراء، إلى التقاعد في مناصب أخرى بعيدة عن الأضواء وقريبة من القرار، بعيدا عن توزيع المستحقات على من بحّوا أصواتهم في الحملة الانتخابية، وأعلنوا ولاءهم الأعمى للعهدة الرابعة، وسنكون مخطئين أيضا لو ظننا بأن النظام راض عن مساره فلم يغيّر شيئا، وبدا مستبدا كما كان طوال خمسين، عاما يفعل ما يريد، وهو يدرك بأن لا أحد يسأله ـ الآن ـ عن أفعاله.

الناس في الداخل وفي الخارج، يسألون دائما عن حقائب، يرون بأن لقب “معالي” يليق بها، دون بقية الوزارات، خاصة في الجزائر، حيث لا يمكن للرياضة أن تقوم ولا للتعليم العالي أن يقوم، ولا للفلاحة والصناعة أن تقوما ،ولا للسياحة والنقل أن قوما وغيرها من الوزارات، من دون وزارة الطاقة التي بقي حاملها هو نفسه السيد يوسف يوسفي، ولا يمكنها أن تتحرك من دون ميزانية تقرّها وزارة المالية، التي يحمل حقيبتها السيد محمد جلاب، ما يعني أن الوضع القائم مستمر ومستقر بالنسبة لأهم الوزارات، والتغيير هو لمسة ماكياج ناعمة، التقت فيها طيّبات الحكومة الجديدة بهؤلاء الطيّبين، الذين سيحملون حقائب وزارية، تسيّرها وزارتان اثنتان لا ثالث لهما، وكل الوزارات تسيّرها حقول حاسي مسعود.

ولا يمكن لأي وزير قديم أو جديد، مهما كانت عبقريته أن يغيّر _ على الأقل في بداية عهدته _ من هذا التقليد الموروث، الذي يتركز على استغلال الموارد المالية القادمة من ريع النفط فقط، لأجل دفع أجور إطارات الوزارة وعمال قطاعه وغرس مشاريع كبرى أو صغرى، لأنه يعلم بأن وزارة الأشغال العمومية أنجزت الطريق السيّار بملايير الدولارات القادمة من ريع النفط، ووزارة التعليم العالي غرست ستين جامعة وأضعافها من الإقامات الجامعية بريع النفط، ووزارة الرياضة باشرت إنجاز المركبات الرياضية بريع النفط، ووزارة الثقافة احتضنت عواصم الثقافة العربية والإسلامية بريع النفط، ووزارة النفط نفسها تمنح المرتبات وتنجز المقرات بريع النفط، لأجل ذلك مهما تغيّرت الأسماء والمشارب فالمشهد واحد، لأن التغيير الحقيقي هو أن نقدم وزارات تتفق جميعها على التحرّر من تبعية النفط، أو على الأقل جزئيا، كما هو الحال في كل بلاد العالم، بما فيها النفطية، مثل إيران والمكسيك والإمارات العربية المتحدة، وسيكون حينها التغيير الحقيقي، لأن المنظر الحالي يوحي بأن الحكومة فيها قرابة خمسة وثلاثين حقيبة، ولكنها جميعا فارغة إلا حقيبة واحدة مكدسة بأموال برائحة النفط .. فقط؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!