-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطيرانُ إلى الجزائر

الطيرانُ إلى الجزائر

ما قامت به الخطوطُ الجوية الجزائرية، نهاية الأسبوع، من إعلانها عن تخفيضات معتبرة في أسعار التذاكر، باتجاه عدة دول في العالم، خاصة تلك التي توجد فيها جالية جزائرية قوية، هو إعلان عن فتح أبواب الجزائر هذه الصائفة، لاستقبال الجزائريين المتواجدين في قارات العالم الخمس، والذين كانوا لا يتوقفون عن التنبيه إلى استحالة الطيران إلى المدن الجزائرية مباشرة، بسبب الغلاء الفاحش الذي حقق للخطوط الجوية الجزائرية في سنوات ماضية معادلة فريدة وبائسة من الأرقام القياسية، بالأثمان الأغلى، والخدمات الأقل جودة، فحدثت القطيعة مع جسر العبور إلى الجزائر، وتم اختيار خطوط أخرى خارجية قريبة، فمنحت للآخرين المال الوفير بالعملة الصعبة، والترويج للسياحة، وأبعدت عنا أبناءنا الذين صاروا يقتربون من البلاد بقلوبهم، ولا يدخلونها بأجسامهم.

تحصي أرقامٌ رسمية، ما لا يقلُّ عن ثمانية ملايين جزائري في الخارج، وهو رقمٌ يمثِّل سكان دول كبرى مثل النمسا، وأقوى من عدد سكان الدانمارك والنرويج، وقدوم هذا “الشعب” من الجزائريين، إلى البلاد، سيمنح الجو الاجتماعي والثقافي ويصنع حركية تجارية وسياحية ومالية، تكاد تعيش منها بعض دول البحر المتوسط، ومنها مصر على سبيل المثال، التي تجني سنويا من جاليتها في الخارج أكثر من ثلاثين مليار دولار من التحويلات بالعملة الصعبة، فضلا عن الجني المعنوي ورباط التواصل بين جزائريي الداخل والخارج.

يلاحظ الجزائريون وهم يتابعون مباريات كرة القدم في مختلف بلاد العالم، حمل الجزائريين لعلم بلادهم، حتى في مباريات لا تعني أي لاعب جزائري، ويلاحظون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ارتباط الجزائريين في أمريكا واستراليا وأوروبا والخليج العربي، بكل ما هو جزائري وتواصلهم وافتخارهم بجذورهم في المناسبات الدينية والوطنية، والذين زاروا الجزائر في شهر رمضان الماضي، وعاشوا الأجواء الروحية والتقليدية ترجموا مشاعرهم وافتخارهم بالروح التضامنية التي لمسوها في الجزائر، من خلال تغريداتهم والصور الجميلة التي نقلوها، وجاءت التخفيضات المعلنة لتحقق للبقية حلم العودة والعيش ولو لبعض الوقت في الجزائر العميقة، التي هي أشبه بالحضن المُنعش أو الدافئ في حرّ الصيف أو قرّ الشتاء.

أبانت بعض التجارب في عالم كرة القدم، بأننا قد نجد في نهر المهجر، ما لا نجده في بحارنا، ويمكننا بقليل من الاجتهاد أن نُنجح التجربة ذاتها في كل القطاعات، فلا يمكن أن نشخّص ضعف الدوري المحلي لكرة القدم، ونبحث عن العلاج لدى جاليتنا باللاعبين المحترفين، ونشخّص أيضا ضعف منظومتنا الصحية ولا نبحث عن العلاج لدى أكثر من ثمانية آلاف طبيب ممتهن في فرنسا فقط، بعضهم لا يزور الجزائر بسبب غلاء التذاكر، وإذا كنت مَهمّة رفع ما يدخل الجزائر من العملة الصعبة من تحويلات المهاجرين صعبة، وتتطلب ثورة بنكية بالخصوص، فإنها أيضا ليست مستحيلة، ومن سار على الدرب بالتأكيد سيصل في يوم ما، وقد يكون ذلك قريبا جدا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!