-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العرب والعالم: الطريق لم يتضح بعد!

العرب والعالم: الطريق لم يتضح بعد!

يبدو أن العرب لم يستفيدوا بالقدر الكافي، من تجاربهم الماضية لمعرفة طبيعة الطريق الذي ينبغي أن يسلكوه في علاقاتهم الدولية، رغم دروس الربيع العربي التي كَشفت عن مدى خضوعهم لمخططات الأجنبي، ورغم الاستقطاب الناتج عن الحرب الروسية الأوكرانية الأخيرة، ورغم بروز معالم النظام العالمي القادم بشكل أوضح مما كان عليه قبل اليوم…
رغم كل هذا يبدو أن صورة العالم في نظر القيادات العربية مازالت مُشَوَّشَة، مازال بها تَردُّد استراتيجي و تذبذب واضح في تقدير الموقف، يبدو أنه سيُكلِّف الجميع مزيدا من الخسائر سواء تعلق الأمر بالمكانة الدولية للمجموعة العربية، أو بثقلها الاستراتيجي في التوازنات والصراعات الدولية والمصالح المتبادلة بين الوحدات المكونة للنظام العالمي الحالي والمستقبلي…
ولا أظن أن مفهوم الأمين العام للجامعة العربية صائب في هذا المجال عندما تَحدَّث عن إمكانية نسج علاقات عربية عربية بمعزل عن القوى الدولية، ذلك أن مجموع الدول العربية ليست بالقدر الكافي من الانسجام والتجانس، لتتمكن من ذلك، كما هو الشأن بالنسبة للكتلتين الغربية بقيادة الولايات المتحدة أو الشرقية بقيادة الصين وروسيا…
وعليه فإن هذا الخلل الاستراتيجي في التعامل مع العلاقات الدولية الراهنة والمستقبلية ينبغي أن يُصحَّح إذا ما أرادت مجموعة الدول العربية بناء كتلة خاصة بها، تستطيع الدخول من خلالها إلى النظام العالمي القادم كفاعل ذي وزن ملائم لقدرات مجموع بلدانها وامكانياتهم البشرية والمادية.
وذلك غير ممكن في ظل بقاء تفاوت الأوضاع الداخلية العربية من حيث مستوى النمو والاستقرار السياسي تفاوتا كبيرا، وفي ظل غياب رؤية داخلية منسجمة لِمَا ستكون عليه مجموعة الدول العربية في المستقبل…
ولعل المطلوب الآن وعاجلا، ليس اعتماد أساليب دبلوماسية توحي بعدم الانحياز مثل دعوة زيلنسكي للقمة العربية، أو الاستمرار في طرح توافقات في المواقف بِصيغٍ تُرضي الجميع، إنما التفكير في أساليب توحيد الموقف الداخلي بعيدا عن العبارات الدبلوماسية العامة التي تَقبل أكثر من تفسير.
لقد أثبتت تجربة أكثر من نصف قرن من التعامل مع الشرق والغرب، أن الانقسام بين الشرق والغرب غير مُجدٍ، بل لن تَنتُج عنه سوى تجاذبات على شاكلة عرب أمريكا وعرب الاتحاد السوفياتي سابقا، وعليه فإن الخيار اليوم ينبغي أن يجيب عن سؤال كيف يمكن لمجموع الدول العربية أن تتحول إلى كتلة متجانسة ومُنسجمة، قبل أي أمر آخر …
وهذا لن يحدث دون طرح أسئلة الفروقات في مستوى المعيشة بين البلدان العربية وكيفية تقليصها تدريجيا، والفروقات في مستوى نصيب الفرد من الدخل الوطني، وفي القدرات المدنية والعسكرية لكل بلد… إذ لا يُعقَل أن يتم الحديث عن عمل عربي مشترك بين دولتين إحداهما في ذيل الترتيب عالميا، بل الأفقر على مستوى العالم، والأخرى الأغنى على الإطلاق، ولا يُعقَل أن يتم الحديث عن عمل عربي مُشترك وإحدى الدول تَنعم بالاستقرار التام والأخرى تنهشها الحرب الأهلية والانقسام، ولا يُعقَل أن يتم الحديث عن جامعة عربية وهناك من بين مواطنيها من يموت جوعا، ومَرضا، ومَن يتآمر على الآخر لِمزيد من الانقسام والاقتتال..
علينا جميعا أن نواجه هذه الحقائق كواقع في مؤتمراتنا القادمة على مستوى القمة، ونجد لها حلاّ، وبعدها ستتضح رؤيتنا ونعرف كيف نتعامل مع العالم…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!