جواهر
بسبب الحجر الصحي والذهنيات الذكورية المضطهدة

العنف ضد المرأة يزداد حدّة في شهر رمضان

كريمة خلاص
  • 2849
  • 17
الشروق أونلاين

يتواصل مسلسل تعنيف النساء في شهر رمضان، الذي يتزامن مع الحجر الصحي هذه السنة، وهو ما زاد من ضغط الجنس الذكوري وانفعاله لأتفه الأسباب، ليستقوي بذلك على المستضعفات من النساء، المتواجدات من حوله وتزداد حدته عن سائر الأيام.

قبيل أذان المغرب ترتفع أصوات العويل والصراخ من بعض البيوت التي تستنجد نساؤها من تجبر وطغيان أب أو أخ أو زوج قلب موازين البيت وأفسد فرحة إفطار الصائم على أفراد الأسرة جميعا، وأرعب أطفالها ومسنّيها.. والمبررات واهية وتافهة…

وتتسبب بطون الذكور وذهنياتهم المتحجرة في مجازر عائلية ومشاهد رعب دموية حول المرأة المعنفة.
وأكّدت علالي مريم، المختصة النفسية بمركز الإصغاء لشبكة وسيلة التي تختص في مرافقة ومساعدة النساء المعنفات استقبال حالات عديدة للمعنفات خلال فترة الحجر الصحي وشهر رمضان، وهي في العادة من الحالات التي تعود المركز على العمل معها، غير أن الحجر الصحي زاد حدتها وأججها، وعادة ما تتصل الضحايا خفية، تجنبا لمعرفة الأمر من قبل معنفيهم، الذين يكونون في الغالب من الآباء أو الأزواج، ويليهما بعد ذلك الإخوة.

وتحاول الفرق العاملة بمركز الإصغاء، حسب ما أكدته علالي، تقديم الدعم المعنوي والمرافقة القانونية الممكنة في مثل هذه الظروف، من خلال المختصين المتواجدين على مستوى الشبكة ومراكز الإصغاء بمختلف ولايات الوطن.
وتتراوح أعمار مختلف المعنفات ما بين 18 عاما وتصل إلى 55 عاما، حسب الاتصالات التي يستقبلها مركز إصغاء شبكة وسيلة. وتروي الضحايا قصصهن المأساوية التي يعانين منها في فترة الحجر الصحي، التي أطالت بقاء المعتدين عليهم في البيت بعد الإفطار، ما جعلهن أكثر عرضة لتعنيفهم، بسبب الاحتكاك المباشر بهم ومحاولة تفريغ شحنات القلق والتوتر فيهن.

وأفادت سمية صالحي، المناضلة النسوية، لـ”الشروق” بأن العنف ضد المرأة ليس ظاهرة مقتصرة على الجزائر فقط، بل هو عابر للقارات وموجود في كل دول العالم، حتى المتقدمة منها. وأضافت صالحي أن 15 امرأة قتلت منذ بداية السنة الجارية، 5 منهن في شهر رمضان، مؤكدة أن جميع الحقوقيين والمختصين والمناضلين دقوا ناقوس الخطر إزاء الظاهرة، لكن للأسف لم يتم الإصغاء لهم والتفاعل مع تنبيهاتهم وتحذيراتهم.

وتقول صالحي إن صمت السلطات وعدم تواصلها في هذا الملف أزّم الوضع وعقّده، فالعنف ضد المرأة لم يعد محل اهتمام السلطات الآن للأسف، رغم كونه قضية مجتمع.

واستطردت تقول إنّ العنف يأخذ مسارات طويلة وحلقات تبدأ بالشتم والسب ويتطور إلى الضرب والاعتداء الجسدي ليصل بعدها إلى ارتكاب جريمة القتل.

وتساءلت المناضلة النسوية عن سبب توقيف الخط الأخضر “1527”، المخصص في استقبال اتصالات النساء ضحايا العنف التابع لوزارة التضامن منذ مدة معتبرة، بعد أن كان يقدم إرشادات وتوجيهات ومرافقة للمرأة المعنفة، حيث لم يتبق الآن سوى مراكز إصغاء بعض الجمعيات تعد على الأصابع.

وبالحديث عن ارتفاع حدة العنف في رمضان وفترة الحجر، قالت صالحي إن الضغط الاجتماعي الذي تعيشه العائلة في فترة الحجر ضاعف حجم الانفعال والعنف الذي يترتب على ذلك، خاصة لمن فقدوا مناصب عملهم مؤقتا ودائما تتحمل المرأة تبعات ذلك، والسبب أيضا هو الهيمنة الذكورية والاضطهاد، وبعدها تأتي العوامل الأخرى مثل الإدمان على التدخين والقهوة أو المخدرات أو غيرها من الأسباب الظاهرية الأخرى.

ولا يزال العنف من الطابوهات في مجتمعنا وبقية المجتمعات، حيث تؤكد دراسة وردت في تقرير للأمم المتحدة أن 10 بالمائة فقط من المعنفات يصرحن بتعرضهن للعنف و40 بالمائة فقط يتحدثن عن ذلك مع الأقارب، وذلك ما يبرز ضرورة التحرك لتحسيس المرأة بأهمية تغيير واقعها، فرغم وجود القوانين إلا أنها تفتقد آليات المرافقة وميكانيزمات التطبيق مثل التكوين ومراكز الإيواء والرقم الأخضر وغيرها..

ودعت صالحي في الأخير جميع الفاعلين في المجتمع وكذلك السلطات إلى إقرار برامج توعوية وتربوية في مجال حقوق المرأة وتربية النشء، من خلال برامج مدرسية وإعلامية هادفة ترتقي بصورة المرأة في المجتمع، خاصة وسائل الإعلام التي يقع على عاتقها مسؤولية كبيرة في رفع الوعي المجتمعي بخطورة الظاهرة، لأن المرأة هي البنت والأخت والأم والزوجة.

مقالات ذات صلة