الجزائر
صدمة وغضب والمتضامنون يطالبون بالحساب

العياشي مات.. و”الحفرة” تفضح المسؤولين!

الشروق
  • 47441
  • 77

خيم الحزن والأسى، على منطقة أم الشمل ببلدية الحوامد جنوب المسيلة، وفي ربوع الولاية والوطن بعد ما تأكد الأحد، رسميا وفاة الشاب العياشي محجوبي العالق داخل ماسورة حديدية في باطن الأرض لمدة 6 أيام كاملة لا تزال لحد الآن محاولات إخراجه جارية.
خبر وفاة العياشي الذي نزل كالصاعقة على الجميع، بعدما كان البعض متمسكا ببصيص من الأمل في نجاة الضحية، الذي صنعت حادثة سقوطه ضجة إعلامية كبيرة، وتحولت إلى القضية رقم واحد طيلة ستة أيام بلياليها. إعلان الوفاة أعلن عنه نهار أمس، من قبل العقيد لعلاوي فاروق، مدير تنظيم وتنسيق الإسعافات بالمديرية العامة للحماية المدنية، في تصريح لممثلي وسائل الإعلام، الذين لم يبرحوا المنطقة لنقل أدق التفاصيل يوما بعد يوم وإعلام ملايين الجزائريين بكل المستجدات رغم الظروف الصعبة نتيجة العزلة والبعد وقلة الإمكانيات، وذلك بعد جهود مضاعفة من قبل فريق الإنقاذ التابع لوحدات الحماية المدنية التي سخرت ما يربو عن 86 فردا من أعوان وضباط وتجهيزات، تضاف إليهم آليات وعتاد تابع للخواص من جرافات وآلات حفر ورافعة وشاحنات والكثير من الوسائل المتاحة،على أمل إنقاذ حياة العياشي محجوبي الذي صنع الرأي العام الوطني بعد ما قضى آخر أيام حياته في بطن الأرض وداخل ماسورة حديدية في عمق الأرض على مسافة تفوق 30 مترا.
رحل العياشي أو عياش مثلما يحلو للكثيرين مناداته، إلى دار البقاء، وبذلك أسدل الستار على فصول قصة مأساوية تراجيدية، كان بطلها وضحيتها في آن واحد ابن أم الشمل التي لمت شمل الجزائريين وأبانت عن عجز كبير في إنقاذ روح بريئة شاءت الأقدار أن تقضي ساعات وأيام داخل ماسورة حديدية تحت درجة حرارة منخفضة دون أكل أو شرب وجسد نحيف عالق بطريقة شاقولية، تئن روحه وقلبه وتطلب النجدة وتستجدي والدته وشقيقه وأفراد عائلته الذين انفطرت قلوبهم من هول الفاجعة لولا الإيمان بقضاء الله وقدره ومواساة الآلاف من الجزائريين.
رحل العياشي الذي أبكى ملايين الجزائريين، وأسال دموعا وتسبب في حرقة قلب أم طاعنة في السن، لم يهدأ لها بال، إلا بالتنقل إلى عين المكان وإلقاء نظرة على الحفرة العملاقة التي يقبع فيها فلذة كبدها، رغم التعب والسهر والأسى، إلا أنها أصرت على التنقل ودعوة عياش إلى البقاء قويا وحيا وكأنها تمده بالطاقة والقوة والعزيمة، مثلما كانت له سندا ومعيلا في الصبى.
توفي عياش وترك أبا حزينا حائرا مفجوعا مكلوما برحيل ابن الشعب الذي التفت حوله كل أطياف المجتمع، وشغل بالهم وتفكيرهم ليلا ونهارا، وتوشحت بذلك مواقع التواصل الاجتماعي باللون الأسود حزنا على هذا الرحيل وهذه الصدمة، ودخل بذلك عياش، قلوب الكل دون رؤيته أو الحديث معه، بل بمجرد السماع بقصته الحزينة التي أبانت عن عجز كبير في إنقاذ الأرواح واعتبرها كثيرون انها انطلقت بطريقة خاطئة وغير صحيحة، وكانت تكون نتائجها إيجابية، لو توفرت الإمكانيات التقنية الضرورية.
رحل عياش وسيبقى دون شك راسخا في أذهان الجميع وستظل صوره محفوظة في قلوب الناس، رحل عياش الشاب البسيط المتواضع الذي لبى ذات يوم نداء واجب الخدمة الوطنية من أجل حماية وطنه والذود عن كل شبر من ترابه وحماية شعبه، ولم يجد في النهاية سوى أبناء جلدته، في محنته دون أن يدري، غادرنا اليوم من غير عودة، بعد ما عجز العشرات من أعوان الحماية المدنية عن إنقاذه رغم المجهودات المبذولة والتي لم تنقطع منذ الثلاثاء المشؤوم الذي ستتذكره الأجيال القادمة، ومنه انقطع كل شيء ماعدا صرخاته وأنينه الذي كان ينبعث من الماسورة الحديدية يستجدي والدته وشقيقه ووالده أنقذوني.. أنقذوني.. وداعا عياش.. سامحنا.. لم نتمكن من انقاذك!

مواطنون يستغربون الفشل في انتشاله
إنزال منقذ داخل البئر بالمقلوب كان سينقذ العياشي؟!

طغت قضية الشاب محجوب العياشي الذي توفي بعد ما سقط، داخل بئر ارتوازية بولاية المسيلة، على أهم الأحداث التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة، جراء الوقت الكبير الذي استغرقته عملية الإنقاذ في ظل نقص الخبرة وقلة الوسائل.
حيث أعاب في هذا الصدد رواد هذه المواقع، الطريقة التي تمت بها عملية الإنقاذ وبوسائل بسيطة رغم التقنيات التي وصل إليها العلم، ما يؤكد مرة أخرى بأن حياة الجزائري صارت رخيصة – يقول أحد المواطنين – مضيفا أنه في الوقت الذي يموت فيه الشباب في البحر وتحت الأرض، فإن مسؤولينا ظلوا منشغلين بالحديث عن أمور أخرى.
وأمام طريقة الإنقاذ، غير الناجعة التي باشرتها الحماية المدنية بأمل إنقاذ الشاب العياشي، من دون أدنى التجهيزات الملائمة بما في ذلك الكاميرا التي ستسمح بمعرفة الحالة الصحية للضحية ووضعيته، فقد تحول رواد مواقع التواصل الاجتماعي بدورهم إلى مختصين، مؤكدين في السياق، أنه لو تم إنزال عون إنقاذ نحيف البنية داخل البئر “بالمقلوب” من خلال تعليقه من رجليه لتم إنقاذ العياشي في ظرف قياسي، متسائلين في نفس الوقت “كيف لا يمكن إخراج العياشي من الفتحة التي دخل منها؟”.
وأشار أصحاب هذه الفكرة أنه صحيح أن فرق الإنقاذ قد حاولت إخراج العياشي من فتحة الأنبوب، لكنها لم تأخذ بالحسبان، بأن العياشي لا يمكنه التحرك داخل الأنبوب حتى يتمكن من لف الحبل حول جسده، فيما بإمكان الشخص الذي يتم إنزاله داخل البئر من القيام بذلك، وحتى إن كان المكان ضيقا فسيتمكن حتما من غرز الحبل بمعطف العياشي وبالتالي إخراجه في ظرف قياسي.
وقد بينت حادثة الشاب العياشي المؤلمة، مدى لامبالاة المسؤولين بحياة المواطنين وكذا مدى محدودية وسائل الحماية المدنية ليس فقط عند اندلاع حرائق الغابات، فيما وجه الشعب مرة أخرى صفعة حقيقية للحكومة، مجسدين بذالك شعار “من الشعب وإلى الشعب” على أرض الواقع بفضل تضامنهم.

صدمه خبر وفاته وطالبوا بعدم تشويه جثته
صفحات “الفايسبوك” تتوشح السواد حدادا على وفاة عياش محجوبي

خيمت أجواء من الحزن على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث توشحت صفحات “الفايسبوك” بالأسود دقائق بعد إعلان نبأ وفاة ابن ولاية المسيلة عياش محجوبي، الذي علق في بئر ارتوازية لمدة 6 أيام، ليلفظ أنفاسه في ظلام البئر ليزداد ترقب المواطنين وتضامنهم مع عائلته وذويه الذين فجعوا فيه في الوقت الذي كان أملهم كبيرا في خروجه حيا وسالما.
أثار إعلان مصالح الحماية المدنية خبر وفاة عياش محجوبي صدمة وسط المواطنين الذين كانوا يتساءلون طيلة 6 أيام كاملة، “كيف حال عياش؟”، “هل هو حي؟”، “هل أخرجت الحماية المدنية جثة عياش من البئر؟”.. وغيرها من الأسئلة، ليقطع خبر وفاته باب الإشاعات والأقاويل حول وضعه الصحي، ويدخل الفايسبوكيون في حداد حزنا على عياش الذي بكته أعين كل من سمع بقصته، وزادت من وجعهم وألمهم صراعه مع برودة الطبيعة وقساوتها والمياه والظلام والجوع، وأطلق متابعو قصة عياش حملة تضامنية كبيرة مع عائلته، مناشدين مصالح الحماية المدنية بذل كل ما في وسعها لإخراج جثته سالما وعدم تشويهها، فيكفيه ما لاقاه من عذاب خلال تواجده داخل البئر.
ومنذ اليوم الأول للحادثة اهتم الفايسبوكيون بقضية عياش فنشروا صورة للأنبوب الذي علق فيه، وتداولوا عبارات وتعليقات مطمئنة بعد قدوم مصالح الحماية المدنية على جناح السرعة للمكان وشروعها في محاولات إنقاذه وزودوه بالأكسجين، غير أن دخولهم في صراع مع الطبيعة وبرودة الطقس وارتفاع المياه وغيرها من العوامل ومرور الوقت جعل متابعي قضيته يفقدون الأمل في نجاته. وذكرتهم هذه الواقعة بحادثة أطفال الكهف في تايلاندا التي شغلت الرأي العام العالمي.
وأعلنت مئات الصفحات الفايسبوكية تضامنها وآلاف مرتادي الفضاء الأزرق تضامنهم التام والمطلق لابن ولاية المسيلة وعائلته، وجعلوا يوم الجمعة الماضية، فرصة للدعاء له بالنجاة من ظلمات البئر وتداولوا صورا للشاب وكذا للأنبوب الذي علق فيه مرفقة بأدعية وآيات من القرآن الكريم، ليحثوا الجميع على انتهاز اليوم المبارك عسى أن يستجيب الله لدعائهم بعد ما هزت صور والده المسن الرابض بالقرب من الأنبوب الذي علق فيه ابنه قلوب كل المواطنين لتزيدها مشاهد والدته وقدومها للمكان انفطارا ووجعا.
واستطاعت قضية عياش أن تشغل الرأي العام المحلي بأكمله وتسيطر على الأحداث بعد ما تحولت قضية إنقاذه الأكثر متابعة واهتماما، ودفعت بالعديد من المواطنين من ولايات مختلفة لزيارة موقع الحادث وتقديم الدعم والمساندة لذويه ولرجال الحماية المدنية الذين لم يدخروا أي جهد، واهتمت بالحادثة قنوات ومواقع دولية أيضا على غرار قناة “بي بي سي” التي خصصت تقريرا حول حادثة وقوع ابن ولاية المسيلة، في ماسورة بئر ارتوازية في قرية أم الشمل ببلدية الحوامد جنوب الولاية.
وبعد إعلان وفاة العياش رسميا، دعا الفايسبوكيون المواطنين للتعاون وجمع كل ما في وسعهم من مساعدات مادية وطعام للعائلة حتى تتمكن من إقامة جنازة تليق بابن ولاية المسيلة، كما عبر العديد من سكان الولايات الأخرى عن اعتزامهم التنقل لحضور الجنازة.

مقالات ذات صلة