-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الغرب يُخيف إفريقيا بالمجاعة.. وروسيا تقدم لها فرصة للتحرر!

الغرب يُخيف إفريقيا بالمجاعة.. وروسيا تقدم لها فرصة للتحرر!

يُخيف الغرب البلدان الإفريقية بالمجاعة إن استمرت العمليات العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. ويَنسى أنه هو سبب المجاعة. بل وينسى أنه هو مَن سيخاف على مستقبله إن طالت هذه الحرب مِن تَحرُّرٍ إفريقي جديد لن تصمد أوروبا أمامه كثيرا. بل هي الفرصة اليوم مواتية لهذا التحرر. لقد أصبح مستعجَلا أن يتم اليوم قبل الغد، وقد انشغلت أوروبا بأوكرانيا، وخافت أمريكا من روسيا…

إنها بالفعل فرصة الأفارقة التي لا تُعوَّض لِيدركوا كم هي ثمينة ثرواتهم الباطنية والبشرية. ألمانيا باتت ومازالت تتحكم في ثرواتهم تخاف أن ينقطع عنها الغاز الروسي فتتوقف مصانعها وتتجمد بيوتها بردا، وفرنسا تخشى أن تبيت في الظلام إذا ما انتفضت دول الساحل الإفريقي ضدها  بدعم روسي فلا يورانيوم مجانيا يصلها ولا طاقة ولا معادن ولا يد عاملة رخيصة. ولعلها ستفقد احتياطي الصرف الكبير الذي تفرض على الأفارقة وضعه في بنكها المركزي بموجب اتفاقيات مرحلة الاستعمار الجديد المتعلقة بالفرنك الإفريقي (FCFA) والمقدرة بنحو 500 مليار يورو… وقس على ذلك باقي الدول الأوربية والولايات المتحدة التي تُجُمِع كلها أن لا مستقبل لها دون القارة الإفريقية..

لذا ما فتئ الغرب يُخيف إفريقيا بالمجاعة القادمة إن استمرت الحرب في أوكرانيا، لكي تَصطف إلى جانبه وتمُدّه بما يحتاج من مواد أولية وطاقة متناسيا أنه السبب الرئيس في المجاعات والحروب والاستغلال الذي تعرفه. وهي خدعة أخرى ينبغي  الانتباه إليها لثلاثة أسباب على الأقل:

ـ الأول أن الدول الأكثر استهلاكا للقمح في القارة الإفريقية (مصر، الجزائر، نيجيريا)، عرفت مداخيلها زيادة معتبرة جراء الحرب في أوكرانيا مما سيُعوِّض الارتفاع في أسعار القمح والمواد الغذائية (مصر ارتفاع مداخيل قناة السويس، الجزائر ونيجريا، ارتفاع أسعار البترول)، فضلا عن كون أكبر احتياطات قمح في العالم توجد في الصين (أول منتج في العالم 134 مليون طن) والهند ثاني منتج في العالم (108 مليون طن)، روسيا (85 مليون طن) (60 مليون طن) وليست في أوروبا ولا حتى أمريكا (50 مليون طن).

ـ  الثاني أن الباحثين الغربيين أنفسهم يعتبرون القارة الإفريقية ليست كلها على درجة واحدة في مجال استهلاك الحبوب. ففي مقال نشرته مجلة (بدائل اقتصادية Alternatives économiques عدد ماي 2022)  تحت عنوان “مجاعة؟ أي مجاعة؟” أشار الباحث “نيكولا بريكاس” أن هناك 25 دولة إفريقية جنوب الصحراء (من بينها الكاميرون وتشاد وأوغندا، والموزمبيق…) يمثل القمح  فيها  أقل من 10 بالمائة من كمية الحريرات التي تستهلكها، وتوجد 15 دولة افريقية لا يُعتبر القمح  أساسيا في غذائها إذ يمثل ما بين 10 و33 بالمائة من نظامها الغذائي وبإمكانها تعويضه بحبوب محلية مثل (النيابي Niébéاللوبية الظفرية، السورغو، المانيوك (البفرة)، اليام Ignam… الخ)

ـ الثالث أن الحرب في أوكرانيا بيَّنت أكثر للأفارقة أهمية مواردهم الاقتصادية وكشفت هشاشة الدول الاستعمارية السابقة مثل فرنسا والنخب الموالية لها بعد طردها من مالي، كما كشفت لها إمكانية الاعتماد على حلفاء أقوى من الغرب ليس لديهم ماض استعماري أسود مع القارة سواء من خلال موجة الاستعباد الأمريكية أو موجات الاستغلال الفاحش والنهب الأوروبية فضلا عن التقتيل الجماعي والإبادة أثناء حروب استعادة الاستقلال (الجزائر أنموذجا).

إذا أضفنا إلى هذا، ما تقوم به الدول الغربية الآن في القارة من أعمال تخريبية من خلال رعايتها للجماعات الإرهابية واستخدامها كأدوات لزعزعة الاستقرار وفرض أنظمة عميلة، يتبين لنا بجلاء كم هي لعبة التخويف بالمجاعة مفضوحة، وكم هي الإمكانيات كبيرة لتكون المرحلة الحالية مرحلة انطلاقة نحو المستقبل  بتحالفات دولية جديدة بعيدا عن الهيمنة الغربية التي دامت لقرون دفعنا خلالها كأفارقة الثمن باهظا…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!