رياضة
تنصّلت من مسؤولياتها بدلا من إيجاد حلول لمحاربة عنف الملاعب

الفاف والرابطة تكرّسان العداء بين الجماهير

مسعود علال
  • 2277
  • 9
ح.م

كرّست الرابطة المحترفة لكرة القدم ومعها الاتحاد الجزائري للعبة سياستها بالهروب إلى الأمام واختيار الحلول السهلة في تسيير قطاع كرة القدم، بعد أن قررت الرابطة منع جماهير فريق شباب قسنطينة بالتنقل إلى العاصمة لحضور مواجهة مولودية الجزائر، وبالمثل بالنسبة إلى أنصار المولودية في مباراة الإياب، حيث لا يعد هذا القرار سوى تكريس للعداوة بين الجماهير، بما أن الحل الذي “اهتدت” إليه الهيئات الكروية ظرفي فقط لمجابهة العنف المتفشي في الملاعب الجزائرية.

كشفت الرابطة المحترفة في بيان لها أن “الطابع الخاص” الذي تكتسيه مباراة العميد و”السنافر” التي ستجري الإثنين بملعب 5 جويلية الأولمبي، هو ما دفعها إلى اتخاذ قرار منع تنقل جماهير الفريق القسنطيني إلى العاصمة، موضحة في ذات البيان أن الأحداث العنيفة التي كان ملعب الشهيد حملاوي بقسنطينة في الموسم الماضي خلال نصف نهائي الكأس بين شبيبة القبائل ومولودية الجزائر، جعلها تقترح على إدارتي المولودية والشباب برمجة لقائي الفريقين في البطولة من دون تنقل جماهيرهما إلى الملعب حفاظا على الأمن العام.

صحيح أن الأولويات في خضم الوضع الحالي تقتضي العمل على حماية الأرواح والممتلكات، ولكن الرابطة وبتزكية من الفاف تنصلت من مسؤولياتها واختارت حلا قد تكون عواقبه وخيمة على مستقبل الكرة الجزائرية التي ترزح أصلا تحت مشاكل لا حصر لها، لأن منع تنقل الأنصار في “المباريات الحساسة”، سيجعل هذا الحل يعمّم على الكثير من المواجهات الكبيرة لمختلف الأندية، وبالتالي يمكن أن يؤدّي إلى “تقسيم” الجماهير وحرمانها من الفرجة والإثارة وتفويت فرصة تحقيق مداخيل مالية هامة للأندية.

قيام الرابطة بمنع أنصار “السياسي” من حضور المباراة بملعب 5جويلية، قد يمنع فعلا حدوث أعمال عنف، لكنها هل ستقوم مثلا بمنع تنقل أنصار “السياسي” في كل المباريات التي ستجري بالعاصمة؟ علما بأن الأخيرة تملك نوادي أخرى تنشط في الرابطة الأولى على غرار اتحاد العاصمة، نصر حسين داي، نادي بارادو، شباب بلوزداد، فضلا عن القاعدة الجماهيرية الكبيرة التي تملكها المولودية في العاصمة وضواحيها، وإذا تحدثت الرابطة عن “مباريات ذات طابع خاص”، فإن هذا الأمر سيمتد إلى مباريات أخرى تجمع النوادي التي تملك قاعدة شعبية كبيرة على غرار وفاق سطيف ومولودية وهران وشبيبة القبائل، وقد يمتد ذلك أيضا إلى الرابطة الثانية وحتى الأقسام الدنيا.

الحقيقة أن هذا القرار، يثبت للمرة الألف عجز الهيئات الكروية عن التحكم في الوضع، وفشلها في إيجاد الحلول المناسبة، بسبب هشاشتها وضعفها في تسيير القطاع، خاصة أن الاتحادية على سبيل المثال، ارتكبت أخطاء تقديرية فادحة في الموسم الماضي بتعديلها قوانين كأس الجمهورية بعد أن ألزمت الأندية بداية من الدور ربع النهائي بضرورة استقبال منافسيها بملعب تتعدى سعته 20 ألف متفرج، دون أن تحتاط للعواقب الوخيمة التي أنتجها هذا القرار، كما أن التحقيق المفتوح منذ عدة أشهر لتحديد المسؤوليات والمتسببين في واقعة ملعب الشهيد حملاوي بين جماهير المولودية والشبيبة، لم تخرج نتائجه إلى النور ولم يتم اتخاذ أي إجراء وقائي أو قرار ردعي، خاصة أن أطرافا كثيرة تورطت في الحادثة على غرار إدارتي الشبيبة والمولودية وحتى شباب قسنطينة، فضلا عن لجنة كأس الجزائر ومعها الفاف. وظلت هذه الأطراف في سبات عميق ولم تلعب دورها في القيام بمبادرات صلح وتلطيف الأجواء بين مختلف الأطراف المتنازعة، واستغلال المناسبة للترويج للروح الرياضية ونبذ العنف، كما لم يتم تفعيل أي مقترح أو توصية، خرج بها منتدى تجديد الكرة الجزائرية “السمبوزيوم” في هذا الجانب حيث بقيت حبرا على ورق.

ولم تمنح الرابطة في اتخاذها لمثل هذا القرار أي سند قانوني أو حتى مبرر أمني واضح صادر عن السلطات المختصة، بل بالعكس خرقت إحدى مواد الدستور الجزائري التي تكفل حرية التنقل للأشخاص.

كما أن قرار الرابطة يشكك أيضا في قدرات أجهزة الأمن على تأمين المباريات والجماهير، وسيفتح ثغرات أخرى لاتخاذ نفس القرار مع مباريات أخرى في البطولة، لكن إلى متى؟؟

للأسف، فإن كرة القدم التي من المفروض أنها رياضة جامعة وشاملة، تحولت إلى وسيلة للتفرقة والعداوة بين أبناء الشعب الواحد دون أن تتحرك الهيئات المختصة لإيجاد الحلول وكبح “غول” عنف الملاعب الذي استفحل بشكل رهيب في السنوات الأخيرة.

مقالات ذات صلة