-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

القافلة تسرع

عمار يزلي
  • 808
  • 0
القافلة تسرع

الرهان على كسب معركة التغيير والإصلاح الشامل والذي يسمى في الأدبيات الإيديولوجية “الثورة”، يتطلب أكثر من جهد وسرعة ومرافقة وإشراف ومتابعة مستمرة وتصويب وتدقيق أثناء مسار القافلة. هذه الوظيفة هي وظيفة الجهاز التنفيذي الذي يقوم به مستلهما من التوجيه السياسي والمشروع التنموي الحكومي ضمن برنامج مُعَدٍّ ومحدَّدٍ ومخطط له سلفا في أجندة التأهيل الانتخابي حتى قبل الانتخابات.
البرنامج الرئاسي، مُعَدٌّ ومسطر إن لم يكن بالأحرف الدقيقة، فبالبنط العريض، منذ الحملة الانتخابية في نوفمبرـ ديسمبر 2019، متمثلا في الالتزامات الـ54 المعروفة. وعليه، فرئيس الجمهورية، الذي تعهَّد بتطبيق برنامجه عبر جهاز حكومي يترأسه وزيرٌ أول، خلال العهدة البرلمانية السابقة، لا يزال برنامجه يسير على قدم وساق باتجاه تطبيق كامل لبرنامجه حتى مع ما بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أفضت إلى شبه تكتُّل سياسي واصل العمل على نفس النهج مع الأخذ بعين الاعتبار حجم الأحزاب والكتل البرلمانية، لكن من دون تغيير في طبيعة الحكومة، وبقي رئيس الوزراء، رئيسا للجهاز التنفيذي عوض رئيس حكومة مختار من الحزب أو الكتلة ذات الأغلبية البرلمانية. معنى هذا أنه على الرئيس مواصلة الإصلاحات عبر برنامجه الشامل مع إشراك الشركاء السياسيين من أحزاب فائزة في الجهد الحكومي لمواصلة رهان التغيير.
وعليه، فالحكومة كجهاز تنفيذي لقرارات وبرنامج الرئيس، هي الأخرى تتطلب متابعة وتقييما دوريا من ناحية الأداء، لاسيما وأن الرئيس اختار أن يتعامل مع وجوه جديدة ويختبر كفاءات شبابية، قد لا يكون لها مسارٌ مهني سياسي كبير أو تجربة في المجال، لكن الكفاءة والنزاهة والنظافة والإيمان بالبرنامج الإصلاحي كان شرطا في اختيار كثير من الأسماء لتحميلها أوزار وزارات، الكل يعلم كيف ورثوها بعد 20 سنة كاملة من الترهُّل.
رئيس الجمهورية، كثيرا ما دافع على خياراته في اختيار أسماء جديدة مطعَّمة بأسماء قديمة بالطبع، وأكد ضرورةَ التعلم والاستفادة من التجربة حتى ولو أخطئوا، فالتصويب جاهز والمتابعة دائمة في مجالس الحكومة ومجلس الوزراء وعبر المتابعة الشخصية لرئيس الجمهورية. وعليه، فالتغيير والتجديد في الجهاز، أمرٌ ضروريٌّ وواجب، ولا يُفهم منه أن التغيير بالضرورة يكون عقابا أو توبيخا إلا في حالات قليلة عندما يكون هناك إخلالٌ بالأوامر أو تقاعسٌ أو ما شابه.
أكثر من ذلك، الوزراء أحيانا بحاجة إلى تدوير في قطاعات أخرى أكثر ضمانا لمَهمَّة القفز والسرعة والفعالية لربح الوقت، خاصة وأن وزارات بذلت جهودا ضخمة وإجهادا كبيرا بسبب العمل المتواصل ومع جميع القطاعات وقد لاحظنا ذلك خلال جائحة كوفيد 19 وما بعدها.
كل الوزارات مطلوبٌ منها أن تتغير على مستوى الوزراء دوريا. تبقى مسألة الأسباب التي أدت إلى تغيير هذا أو ذلك، فهذا يعود أصلا لتقييم الرئيس وللوزير الأول ووظيفتهما، دون أن نشطط في الأسباب والدوافع والخوض في ذلك أكثر مما يجب، ليس لكونه غير مباح، ولكن الأمر عادي وآلي أحيانا، لا يتطلب أي تبرير، ولا حتى “سجع كُهّان” منا، كون ذلك هو من طبيعة أعوان الدولة الذين هم أصلا وضعوا أنفسهم في خدمة الدولة وتحت الطلب حيثما عُـيِّنوا: اليوم هنا وغدا هناك، أما إهدار الوقت في التكهُّن والبحث عن التأويل، فهو لا يعدو أن يكون إهدارا للوقت وإرهاقا للعقول ومدعاة “للهدرة الفارغة”، تغترف من مياه عكرة عفّنتها بكتيريات الإنكار والتشويش على العمل الحقيقي، فالذئب يقول عن نفسه عندما يلتفت مرارا ليرى السلوقي خلفه يكاد يلحق به: “اللي تَتْلفْتَهْ، اجْريهْ”، ونحن لا وقت لنا لتضييع الوقت في الالتفات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!