جواهر
التحرش الجنسي ضد المرأة

القانون لا يردع الجرائم الأخلاقية خلف أبواب المكاتب

نادية شريف
  • 13591
  • 29
ح.م

كل النساء وممثلي المجتمع المدني هللوا لتعديل قانون العقوبات سنة 2004 الذي جاء فيه، لأول مرة، نص قانوني يجرّم التحرش الجنسي ضد المرأة في أماكن العمل بعد تنامي ظاهرة ابتزاز المرأة ومساومتها بأخلاقها وشرفها مقابل منصب عمل أو ترقية، لكن القانون حاليا وحسب رأي المختصين والمحامين لم يخفف هذا النوع من الجرائم “السرية”التي تحدث خلف أبواب المكاتب المغلقة في الادارات والمؤسسات وهي تصنف ضمن الجرائم “المثالية” التي يصعب تقديم أدلة الاثبات حولها، خاصة وأن التحرش الجنسي في القانون الجزائري يشترط فيه أن يكون ممارسا من طرف شخص له سلطة أو مسؤولية في العمل، أما ما يصدر من زملاء في العمل من تحرشات فهي ليست بجريمة لغياب النص القانوني حولها.

نساء مضطهدات معنفات نفسيا تخضعن لأبشع الضغوط، خاصة إذا كانت المرأة أرملة أو مطلقة، فإنها الأكثر استهدافا من قبل المتحرشين في أماكن العمل، ويقول المحامي ابراهيم بهلولي في هذا الشأن أن القانون موجود والتحرش كارثة، لكن هذا النوع من الجرائم يكاد يكون منعدم التداول في أروقة العدالة وأن القضايا المرفوعة التي تعد على الأصابع تقريبا ترفض لعدم استيفاء الشروط وأدلة الإثبات، فلم تتعدى القضايا المرفوعة سنويا مائة قضية فقط أغلبها لا يتم الحكم فيه لصالح المرأة، وتسقط القضايا في أول جلسة، ويقول إبراهيم بهلولي وهو محامي لدى المحكمة العليا أن مثل جرائم التحرش الجنسي تتم في السرية والكتمان لأن المتحرش يختار الزمان والمكان المناسبين لتنفيذ جريمته وغياب الشهود يجعل من دليل الاثبات غائبا والتلبس قليل وبالتالي تصبح القضية صعبة، إلا إذا كانت قضايا تحرش ثابتة برسالة قصيرة على هاتف خلوي، كما أن القانون لا يحمي الشهود في حالة الادلاء بشاهادات ضد المتحرشين، فيتعرضون في أغلب الأوقات إلى الفصل أو المتابعة في مجالس التاديب أو التحويلات القسرية أو التحويل أو حرمانهم من الترقية، كما أكدته لنا السّيدة رقية نصير رئيسة شبكة “وسيلة”للدفاع عن المرأة الطفل ضحية عنف أن الشهود في قضية تحرش مدير القناة الامازيغية ضد صحفية  تعرضوا الى أبشع العقوبات والمساءلات وقالت أن على مستوى خلية الإصغاء التابعة للشبكة يتلقون العديد من المكالمات لسيدات تعرّضن لمختلف أنواع التحرش، لكن أدلة الإثبات التي تمكنهن من متابعة المسؤولين قضائيا تكون غائبة ويرفض الزملاء في العمل الإدلاء بأية شهادة ضد مدرائهم.

وتشير بعض الدراسات الجامعية في الجزائر إلى أن إمرأة من بين عشرة نساء على الأقل يتعرضن للتحرش المتمثل في الملاطفات والمجاملات والنظرات، وحوالي 25 أمرأة من بين مائة سيدة موظفة تتعرض للتحرش من الدرجة الاولى كاستعمال السلطة الوظيفية من طرف المسؤول كورقة تهديد وضغط لقبول بعض المزايا “الجنسية” التي تبدأ بالتقبيل والملامسة و”الوطء”،مما يجعل الكثير من النساء إما يرضخن لابتزاز أو يتركن منصب العمل، لكن نادرا ما تلجأن للقضاء في قضية التحرش نظرا لصعوبة المعركة القضائية من جهة ونظرة المجتمع لها وتعرضها للنبذ من طرف العائلة والمحيط وتحميلها مسؤولية تعرضها للتحرش.

من يتحرش بمن؟

في جولة قصيرة إلى الشوارع سألنا بعض النساء والرجال عن ظاهرة التحرش فأجابنا الرجال بأنم يتعرضون للتحرش من طرف المرأة سواء في الشارع أو في أماكن العمل،”هناك نساء يوزعن المجاملات على المسؤولين ويقبلون صحبتهم إلى طاولات الشاي والغداء في الكافيتيريا والمطاعم، والأماكن العمومية، وفي أماكن العمل يتعرض الرجال إلى مغازلات من طرف النساء وخاصة الأوانس كأن تقول لمسؤولها “راك حطة”الطقم خرج عليك ،وتوضب ربطة عنقه “وتجلس أمامه بطريقة مثيرة وتنحنى على مكتبه وتخوض في مسائل عائلية خاصة وتحب أن تعرف علاقته بزوجته وأبنائه.. كلها تصرفات هي تحرش من نوع أخر الهدف من ورائها الحصول على ترقية  “هذا ما أجابنا شباب يعمل بإحدى المؤسسات الخاصة وهو مبتسم “نحن ضحية تحرش وليس العكس”

لكن هذه التصرفات لا تعتبر في نظر القانون الجزائري تحرشا جنسيا سواء صدرت من إمرأة أو من رجل.

مقالات ذات صلة