الرأي

القرضاوي “الإرهابي”

حسين لقرع
  • 6265
  • 41

يتعرّض الشيخ القرضاوي، وهو أحد أبرز روّاد الوسطية والاعتدال في العالم الإسلامي، لمحنةٍ قاسية؛ فبعد إدراجه على لوائح الشرطة الدولية في 2 نوفمبر الماضي بتهمٍ عديدة وجّهها إليه القضاءُ الانقلابي بمصر ومنها “التحريض على الإرهاب”، يدور هذه الأيام حديثٌ عن إمكانية تسليمه لمصر بعد أن “تصالحت” مع قطر مؤخراً.

كان يمكن أن يصبح القرضاوي بطلاً وطنياً وشيخَ العلماء والدعاة وتُعرض عليه الدنيا يغرف منها ما يشاء، لو أنه فقط ساير انقلاب 3  جويلية 2013، ودعمه وأضفى عليه شرعية دينية زائفة كما فعلالإمامُ الأكبرشيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب، وكذا مفتي مصر السابق علي جمعة الذي قال مخاطباً الجيش المصري: “اضرب في المليانالتي تعني الترخيص له بإبادة المتظاهرين السلميين الرافضين للانقلاب دون أن يتقي اللهَ في دماء إخوانه.. ولكن الشيخ القرضاوي أبى إلا الوقوف مع الحق، والصّدع به دون أن يخشى في الله لومة لائم، والجهر بكلمة حق عند سلطان جائر، فأدان الانقلابَ الدموي دون تردّد ودعا الشعب المصري إلى التمسّك بالشرعية والصبر على ما يتعرّض له يومياً من قمع واضطهاد وتنكيل لإخضاعه للأمر الواقع، ولذلك ناله من الأذى ما ناله، فشنّ عليه إعلاميو الحقد والفتنة في مصر حملة تشويهٍ سافرة، وشنّعوا عليه، وكانوا أوّلَ من لفق له تهمةالتحريض على الإرهابثم تبعهم القضاءُ الانقلابي، ووجّه إليه تهماً ثقيلة وكان وراء صدور مذكّرة توقيف دولية في حقه، وهم يروّجون هذه الأيام لإمكانية تسليمه، ويحرّضون النظام الانقلابي على مواصلة الضغط على قطر والإصرار على تسليمه ومئات الإخوان معه، كشرط لتطبيع العلاقات معها بشكل كامل.

كان المفترض أن تصدر مذكرات التوقيف، المحلية والدولية، في حق الانقلابيين جميعاً؛ فقد ارتكبوا منذ 3 جويلية إلى حدّ الساعة جرائمَ كثيرة ضد الإنسانية وثّقتها المنظماتُ الحقوقية الدولية، وفي مقدّمتها مذبحتارابعة العدويةوالنهضة، اللتان قتل فيهما آلافُ المتظاهرين السلميين في يوم واحد بالرصاص الحيّ، لكن القضاء المصري لم يرَ جرائم الانقلابيين، كما لم ترَها المحكمة الجنائية الدولية المسيَّسة، ولذلك يعيش مرتكبو المجازر أحراراً طلقاء ينعمون بخيرات مصر، في حين يزجّ بالأحرار الرافضين للظلم والانقلاب وراء القضبان بتهمٍ ملفقة سخيفة ومنهاالتحريض على الإرهابللقرضاوي، وتهمالإرهاب والتخابر مع حماس وسرقة لحوم الدواجن من سجن النطرون؟للرئيس مرسيأليست هذه قمة البغي والجبروت وقمة الإسفاف والابتذال أيضاً؟

ماذا بقي من معايير أخلاقية في هذا العالم إذا أصبح الانقلابيون مرتكبو المذابح في حق المتظاهرين الأبرياء أبطالاً وزعماء، في حين يُتّهم أصحابُ الحق المغتصَب والعلماءُ والدعاة بالإرهاب ويُسجنون أو يُطارَدون في كل مكان وتُحضّر لهم المشانق؟

 

لقد انتقدنا الشيخ القرضاوي على بعض مواقفه من قضايا الأمة وما يعصف بها من فتنٍ مُنتنة، ولكننا الآن نشدّ على يديه تضامناً وهو يتعرّض لمحنة مطاردة الأنتربول له ظلماً وعدواناً، ولا نختلف معه في نصرة الحقّ وأهله في مصر وغزة المحاصَرة من النظام الانقلابي المتآمر مع العدوّ، فاصبر يا شيخ فلعلّ الله يجعل لك ولكل المظلومين بهذا البلد مخرجاً..  

مقالات ذات صلة