اقتصاد
خبراء وأخصائيون يحذرون من "فخّ المديونية" عبر ندوة "الشروق":

القرض الاستهلاكي يحتاج إلى “فتوى”.. والجزائريون غرقوا في الديون

الشروق أونلاين
  • 17055
  • 60
مراد غرمول
جانب من الندوة

طالب خبراء وأخصائيون بتأجيل إطلاق القرض الاستهلاكي إلى غاية صدور فتوى رسمية عن وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى يؤكد من خلالها مشروعية لجوء المواطنين إلى هذا الخيار لاقتناء سيارة “سامبول” وغيرها من المنتجات بالتقسيط من عدمه، في وقت اعترف مسؤولون بنكيون بأن المتابعات الناتجة عن عجز مواطنين عن تسديد أقساط القرض الاستهلاكي في صيغته القديمة لا تزال متواصلة منذ سنة 2009، ولو أن عددهم اليوم أصبح قليلا، محذّرين بالإجماع من مخافة الوقوع في فخ المديونية.

 

ممثل جمعية البنوك والمؤسسات المالية رحالي الهواري:

“لدينا ضمانات لاسترجاع أموالنا من الزبائن.. ولن نقع في خطأ 2009”

قال ممثل جمعية البنوك والمؤسسات المالية رحالي الهواري أن القرض الاستهلاكي في صيغته الجديدة التي من المنتظر أن تكون متوفرة بالبنوك خلال أيام، يختلف بشكل كبير من حيث آليات الحماية وضمان التسديد عن القرض الاستهلاكي المجمّد سنة 2009، مشيرا إلى أن مركزية المخاطر هذه المرة قادرة على تأمين البنوك من مخاطر عدم التزام المواطنين والمؤسسات ومختلف الهيئات من تسديد الأقساط المفروضة عليهم  .

وأوضح المتحدث خلال تدخله بمنتدى جريدة “الشروق” أن البنوك ستكون لها سلطة التقدير والفصل في وضعية كل مواطن، وإذا ما كان هذا الأخير قادرا على تسديد القرض والاستفادة منه أم لا، مشيرا إلى أنها ستأخذ بعين الاعتبار راتبه الشهري، والأقساط التي يسددها وحجم الفائدة وطبيعة العمل الذي يشغله وكذا خضوعه لمختلف أشكال الضمان الاجتماعي، مشددا على أنه لا يمكن تحديد أجر مسقف للقول بأن هذا المواطن يستطيع الاستفادة من قرض استهلاكي والآخر لا  .

وشدّد رحالي على أن ذلك سيختلف حسب طبيعة المنتوج الذي سيتم اقتناؤه عبر القرض، مشيرا إلى أن من يقتني السامبول ليس كمن يقترض لاقتناء أثاث أو مطبخ مجهز، كما اعتبر أن غياب مركزية مخاطر للعائلات خلال السنوات الماضية واقتصارها فقط على المؤسسات، كان وراء فشل الطبعة الأولى من القرض الاستهلاكي، الذي تم تجميده سنة 2009، مشددا على أن عددا من الجزائريين لم يسددوا مستحقات البنوك لحد يومنا الحاضر ولا يزالون متابعون.

ونفى المتحدث إمكانية إلزام أي مؤسسة معنية بالقرض الاستهلاكي الزبون بالتعامل مع بنك محدد على خلاف بنك آخر، مشيرا إلى أن كافة البنوك معنية بالعملية، وأن كل بنك سيحدد طريقته في تسديد القرض وأن المنافسة ستكون مفتوحة أمام الجميع، في حين أوضح أنه قد يتم مستقبلا توسيع هذه القروض إلى خدمات العلاج والتعليم على غرار ما هو متعامل به في الخارج، مثمنا دور البنوك في تطور المؤسسات الاقتصادية في الجزائر.

 

المؤسسات المعنية مطالبة بتقديم حصيلة سنوية.. خليفة:

لا تطلقوا القرض حتى تمنح وزارة الشؤون الدينية الضوء الأخضر

وجه النائب أحمد خليفة وعضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني نداءً إلى وزارة الشؤون الدينية للتدخل والفصل النهائي في القرض الاستهلاكي الذي ربط نجاحه بمنح مصالح محمد عيسي الضوء الأخضر للجزائريين الذين لا يزالون متخوفين من الإقدام عليه من عدمه بسبب الفوائد الربوية.

واعتبر النائب خلال تدخله بمنتدى جريدة “الشروق” أن علماء الدين لهم دور كبير في توجيه الشعب وتوضيح ماهية القرض الاستهلاكي الذي طرحته الحكومة، لأن نجاح هذا القرض حسب –ضيف- “الشروق” مقترن بالأساس بهذه النقطة التي تعتبر حساسة لدى المواطن الجزائري، لذلك وجب إشراك وزارة الشؤون الدينية كغيرها من الوزارات في مناقشة هذا الملف قبل طرحه.

وأعطى النائب بالبرلمان وجهة نظر الحكومة في الوقت الراهن والتي دفعتها للعودة إلى القرض الاستهلاكي بعدما تم إلغاؤه سنة 2009 بحجة أن المنتجات الأجنبية تغوّلت واكتسحت السوق الوطنية، واستفادت منه على حساب الإنتاج المحلي، مضيفا أن الدولة قد تفطنت لكون هذا القرض لن يقدم الجديد للاقتصاد الوطني، وحصر عضو لجنة المالية بالبرلمان شروط إنجاح القرض الاستهلاكي في مجموعة من النقاط قال إنها سبيل في نجاحه، من خلال دعوة المؤسسات المعنية بهذا القرض للمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي، فضلا عن تقديم حصيلة سنوية لما قدمته هذه المؤسسات للاقتصاد الوطني من زيادة في عدد العمال ورفع مستوى العمل وتقديم نوعية جيدة للمنتجات التي يجب أن تكون جزائرية بنسبة مائة بالمائة، وفي حال فشلت في تحقيق ذلك تسحب من القائمة المعنية بالقرض الاستهلاكي.

كما طالب النائب بإصلاح المنظومة البنكية التي اعتبرها أحد أساليب نجاح القرض الاستهلاكي لاسيما وأنها لا تزال تعتمد على النظام القديم وهي لا تتماشى مع التطورات الاقتصادية والاجتماعية الحاصلة في المجتمع، داعيا في نفس الوقت الحكومة إلى إعادة النظر في قضية فتح البنوك للخواص الجزائريين.

 

الخبير الاقتصادي عبد القادر بريش:

العائلات ستقع في فخ المديونية.. ومركزية المخاطر ليست كافية

حذر الخبير الاقتصادي وأستاذ المدرسة العليا للتجارة بريش عبد القادر من إمكانية وقوع العائلات الجزائرية في فخ الاستدانة والعجز عن تسديد الأقساط، في حين تحدث عن ضعف التحصيل على مستوى البنوك إذا ما تم اعتماد القرض الاستهلاكي دون الأخذ بعين الاعتبار نصائح الخبراء والأخصائيين.

وقال الأستاذ بريش أن القرض الاستهلاكي يعتمد على جمع المدخرات وتقديم القروض ويندرج ضمن السياسة التجارية للبنك وتنويع محفظة توظيفاته ضمن ما يعرف بالتجزئة المصرفية، ويتحدد حسب العلاقة بين الفرد والزبون والقدرة على التسديد والضمانات، إلا أنه في الجزائر تحوّل حسبه إلى سياسة حكومية نظرا للظروف التي مرّ بها الاقتصاد الوطني وبهدف تشجيع الإنتاج الوطني وتقليص الواردات.

واعتبر المتحدث أنه لنجاح القرض الاستهلاكي يجب طرح الأدوات المالية اللازمة والابتعاد عن القروض الربوية التي تعتبر السبب الأول في عزوف العائلات الجزائرية عن البنوك وتقديم خدمات مصرفية إسلامية، مشيرا إلى أن المشكلة ليست في الاستهلاك وإنما في غياب منتوج وطني وخلق القيمة المضافة من طرف المؤسسات الجزائرية، داعيا إلى عصرنة النظام المصرفي وإدخال الأدوات الحديثة للبنوك ومسايرة البنوك الأجنبية وتسهيل الوصول للخدمات البنكية وتعبئة الادخار.

وشدّد بريش على أنه حتى مركزية المخاطر لن تقي الجزائريين من خطر الاستدانة والوقوع في فخ العجز عن التسديد، لأن أغلب ديون العائلات ليست مسجلة لدى البنوك داعيا البنوك إلى تقديم توضيحات أكبر في مجال القرض الاستهلاكي لاسيما فيما يتعلق بسعر الفائدة، مشددا على أنه يجب أن تتوفر كافة الضمانات لتمكين المواطن من الاستفادة من القرض دون أن يقع في مشاكل أكبر من ذلك.

 

عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني أم السعد بن تركي:

“لسنا في الثمانينيات …لنفرض منتوجنا على الجزائري”

حذّرت عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني أم السعد بن تركي من الشروع في اعتماد القرض الاستهلاكي في الجزائر قبل رسم خارطة الطريق بشكل مناسب، مشيرة إلى أن الجزائريين اليوم ليسوا أنفسهم جزائريي الثمانينيات الذين كان يتم إقناعهم بشراء أي منتوج دون مناقشة.

وأوضحت المتحدثة أن القرض الاستهلاكي جاء وسط ظروف صعبة لا تنبئ بالخير، وهو ما يجعل قائمة المنتجات المعنية بالقرض محصورة، مشددة على أنه كان يجب أن تشمل فقط المنتجات المصنعة في الجزائر وليست تلك المركبة أو المجمعة لأنها لا تحمل صفة المنتوج الجزائري، داعية إلى فتح أسواق في الخارج لترويج المنتجات الجزائرية وليس الاكتفاء ببيعها بالتقسيط في الجزائر.

وتحدثت بن تركي عن فئة الجزائريين المتواجدين خارج النطاق الرسمي أو أولئك الناشطين في الأسواق الموازية، مشددة على أن هؤلاء أيضا كان يجب إيجاد الصيغة المناسبة التي تقيهم حرج الإقصاء من هذا القرض، كما دعت إلى إدماج خدمات مالية إسلامية في البنوك، مؤكدة على أن الفائدة الربوية محرمة من طرف جميع علماء الدين، ولا يمكن اللجوء إلى القرض الاستهلاكي لتمريرها على أنها مباحة.

ودعت بن تركي إلى رفع قائمة المنتجات المعنية بالقرض الاستهلاكي وعدم جعلها محصورة فقط في السلع والمنتجات، وإنما أيضا الخدمات ويتعلق الأمر بالدرجة الأولى بالعلاج، حيث يضطر عدد كبير من الجزائريين للاقتراض للسفر للعلاج في الخارج.

وشددت المتحدثة على أن السيارة وإذا كانت سلعة كمالية بإمكان الجزائري أن يستغني عنها، فهنالك خدمات أخرى لا يمكن تجاوزها، كان يجب إدراجها في قائمة الفروع والقطاعات المعنية بهذا القرض الذي قالت إنه متواجد عبر كافة بقاع العالم.

 

قال إن المستهلك يطالب بإلغاء الفائدة الربوية.. قصوري:

نريد قروضا للزواج والعلاج والتعليم.. بدل السامبول

 دعت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك على لسان ناطقها سمير قصوري الحكومة إلى منح قروض استهلاكية لتمويل مشاريع الزواج والعلاج والتعليم

بدل مجرد قروض لاقتناء سيارة أو أثاث، شرط أن تكون هذه الأخيرة لا تتضمن فوائد ربوية مثل تلك التي اعتمدتها الحكومة في قروض “لأونساج“.

وعبرت المنظمة عن موقفها من القرض الاستهلاكي الذي قالت إنها ترفضه بالصيغة التي جاء بها، خاصة وأن عددا كبيرا من الجزائريين رفضوه مبدئيا بسبب معتقداتهم الدينية، لذلك وجب على وزارة الشؤون الدينية تقديم موقفها بهذه القضية خاصة وأنها محل لغط كبير، وأضاف لقصوري أن المنظمة هي في الأساس ليست ضد القرض الاستهلاكي من ناحية دعم المنتوج المحلي، غير أن المستهلكين كانوا يرغبون أن تكون من دون فائدة كتلك التي قدمتها الحكومة في قروض السابقة لوكالة “أونساج”، وطالب ممثل المنظمة الذي نزل ضيفا على منتدى جريدة “الشروق” الحكومة بتحديد قائمة المنتجات الوطنية المعنية بالقرض، فضلا عن مسـألة إقصاء شريحة كبيرة من المواطنين من القرض بحجة أنهم مصنفون ضمن فئة البطالين، لذلك تم تقديم مقترح يرجى أن توافق الحكومة عليه وهو مطبق في عديد الدول الأجنبية، كما دعا إلى إمكانية منح القرض لشخص بطال شرط أن يقدم هذا الأخير كضامن له شخص طبيعي، أو أن يقدم خدمة عمومية مقابل القرض.

وأضاف رئيس المنظمة سمير لقصوري أن المستهلك الجزائري في الوقت الراهن لا يفرق بين القرض الاستهلاكي والبيع بالتقسيط، لذلك هو يعتقد أن الجانب الديني والفتوى الشرعية واجبة في هذه القضية لأنه لا يريد التورط في ما يتنافى مع معتقداته الدينية، مشددا في نفس الوقت على أهمية أن تلغى جميع الأعباء المالية في هذه القروض، وأن يكون المنتوج 100 من المائة جزائري.

 

رئيس جمعية التجار الجزائريين الحاج الطاهر بولنوار:

“نطالب بشطب المنتجات المركبة من قائمة القرض الاستهلاكي”

دعا رئيس الجمعية الوطنية للتجار الجزائريين الحاج الطاهر بولنوار الحكومة إلى شطب المنتجات المركبة والتي لا تصل فيها نسبة الإدماج الوطني إلى 40 من المائة من قائمة السلع والبضائع المعنية بالقرض الاستهلاكي، لأنها، حسبه، تخدم الإنتاج الأجنبي على حساب المحلي.

وقال بولنوار على هامش تدخله بمنتدى جريدة “الشروق” إن القرض الاستهلاكي يجب أن يشمل فقط المنتجات المحلية، مشددا على أن بعض المنتجات لا يتم إلا تعبئتها في علب في الجزائر لتحمل بعد ذلك وسم صنع في الجزائر وتستفيد من القرض، وهو ما قال إنه لا يخدم المصلحة الاقتصادية الوطنية، في حين طالب المستهلك الجزائري بالتحلي بثقافة القرض التي لا تزال غائبة وهو ما يجعله في غالب الأحيان ضحية المديونية المفرطة، حيث يلجأ هذا الأخير لاقتناء سلع تفوق قدرته الشرائية لعدة سنوات، وبالرغم من ذلك يغامر بزج نفسه في مشاكل هو في غنى عنها.

وشدّد بولنوار على ضرورة محاسبة المؤسسات الجزائرية بعد مرور سنة من استفادتها من القرض ويطرح لها السؤال “ماذا قدمت للاقتصاد الجزائري والإنتاج الوطني وهل رفعت نسبة الإدماج والتوظيف والإنتاج؟” وهو ما قال إنه يجب أن يكون معيارا فاصلا في الملف، مشيرا إلى أنه لا يمكن منح امتيازات لشركات أجنبية لا تخدم إلا مصالحها لتقوم في الأخير بتحويل الأموال إلى الخارج أمام مرأى السلطات الجزائرية.

وطالب بولنوار بتأجيل إدراج سامبول الجزائرية في القرض الاستهلاكي في المرحلة الراهنة، واشتراط عليها الشروع في تصنيع قطع الغيار محليا، وهذا في إطار تشجيعها على تقديم الجديد.

مقالات ذات صلة