الجزائر
هاجموا زغماتي ورفعوا 4 مطالب

القضاة في إضراب مفتوح بداية من الأحد

بديع بغدادي
  • 12321
  • 28
أرشيف

أعلنت النقابة الوطنية للقضاة، السبت، عن دخولها في إضراب مفتوح اعتبارًا من صباح الأحد، و”تعليق القضاة لكافة أنشطتهم” إلى إشعار آخر، ردًا على ما سمته النقابة التي يقودها يسعد مبروك “عدم استجابة الجهات المعنية للمطالب المشروعة”.

في بيان عاجل توّج اجتماعًا استثنائيًا، قالت نقابة القضاة إنّ “الامتناع عن العمل القضائي برمته سيبدأ اعتبارًا من غد الأحد”، وبرّروا الخطوة بـ”تجاهل السلطات للقضاة”، و”انتهاء الأجلين الأصلي والإضافي، مقابل ممارسة الجهة الأخرى سياسة التسويف وربح الوقت”، على حد ما ورد في البيان.

وفي أعقاب أكبر حركة للقضاة قبل 48 ساعة، أبدى القضاة في بيان حصل عليه “الشروق أون لاين”، “تذمرهم” و”سخطهم”، مشدّدين أنّ “ركوبهم قطار التصعيد” من أجل “استرجاع استقلاليتهم”.

وانتقدت النقابة ما سمتها “نية مبيّتة للسلطة التنفيذية في عدم تكريس مقومات استقلالية القضاء، وضربها عرض الحائط لهذا المطلب المعبّر عنه من طرف الشعب والقضاء معًا”، مثلما ورد في البيان.

واستهجنت النقابة “تعدي وزارة العدل على صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء الذي يمثل هرم استقلالية السلطة القضائية، والتفرّد بإعداد الحركة السنوية للقضاة في غرف مغلقة، مستغلة الدور الشكلي الذي يقوم به المجلس منذ سنوات، والذي صادق على حركة بهذا الحجم مسّت حوالي 3 آلاف قاض في وقت قياسي لا يتعدى الساعة من الزمن، ويكرّس هيمنة الجهاز التنفيذي على السلطة”، بحسب تعبيره.

يوم أسود

اعتبرت النقابة التي يرأسها “يسعد مبروك”، “ما حدث يوم 24 أكتوبر الجاري (الخميس)، يومًا أسودًا في تاريخ القضاء الجزائري، هدفه ضرب وكسر هياكل النقابة الوطنية للقضاة، بنقل أكثر من ثلثي أعضاء مجلسها الوطني ومكتبها التنفيذي الذين يتمتعون بشرعية انتخابية كاملة غير منقوصة”.

وهاجمت النقابة، ما قام به وزير العدل بلقاسم زغماتي، وقالت: “إنّ التسويق الإعلامي للحركة على أنّها تدخل في إطار حملة مكافحة الفساد، فيه الكثير من المغالطات على اعتبار أنّ المشكلة أعمق، لأنّ الجميع يعلم أنّ المشكل في عدم استقلالية القضاء من حيث النصوص والواقع، ومن غير المعقول معالجة هذا المشكل بمجزرة طالت القضاة وعائلاتهم بعملية تدوير عشوائية وانتقامية غير مدروسة، دوسًا على حق القضاة في الاستقرار اجتماعيًا والمكفول دستوريًا وفي المواثيق الدولية التي صادقت عليها الجزائر بموجب المادتين 26 و68 من القانون الأساسي للقضاء، وهو ما يُضاف إلى سلسلة المشاكل التي يعانونها مهنيًا واجتماعيًا.

تجميد نتائج الحركة وإشراك النقابة والكفّ عن التعالي”

تبعًا لما تقدّم، أشارت النقابة إلى أنّ مجلسها الوطني “قرّر توقيف العمل القضائي برمته بداية من تاريخ الأحد 27 أكتوبر الجاري، إلى غاية الاستجابة للمطالب”.

وجرى تحديد المطالب في: الشروع فورًا في مراجعة النصوص القانونية الحالية التي تكرّس هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، تجميد نتائج الحركة السنوية إلى غاية إعادة دراستها بصورة قانونية وموضوعية من طرف المجلس الأعلى للقضاء بعد استرجاعه صلاحياته المسلوبة كاملة غير منقوصة، وبإشراك النقابة الوطنية للقضاة، الفصل في المطالب المهنية والاجتماعية التي سبق تقديمها يومي 26 جوان و21 سبتمبر من السنة الجارية.
وإضافة إلى المطالب الثلاثة، تضمن بيان القضاة: “دعوة وزير العدل إلى الكفّ عن تعامله المتعالي مع القضاة وممثليهم، وتذكيره بأنّ القضاة ليسوا قطيعًا يُساق بهذه المهانة، والادعاء بتطهير القضاء وتصنيف قضاته بصورة مشينة، ينطوي على نرجسية مَرَضية يتعيّن علاجها”، على حد تعبير نقابة يسعد مبروك.

وانتهى البيان إلى التنويه بـ”تكليف أعضاء المجلس الوطني للنقابة بمتابعة تنفيذ مقتضيات البيان على مستوى مختلف الجهات القضائية، وإبلاغ المكتب التنفيذي بكل تطور يخصّ ذلك”.

وعيد على خلفية “مساومات”

سبق للقضاة أن كشفوا في سبتمبر الأخير، عن تعرضهم إلى “مساومات”، وذكرت نقابة قضاة الجزائر أنّها “اتخذت قرار التصعيد بالطرق المتفق عليها كوسيلة وحيدة لتحقيق موجبات الاستقلالية بشقيها القانوني والمادي”.

وطالبت النقابة، بـ”ضرورة تعجيل السلطات الإعلان عن الحركة السنوية للقضاة، ودونما تأخير”، مشيرة إلى وجود “مساومات وتطاول بضع جهات على سمعة القضاة والقضاء”.

وأبرزت نقابة القضاة “نيتها في التصدي بالوسائل القانونية جميعًا ضدّ أي مساس بالسلطة القضائية ومنتسبيها، مهما كان نوعه أو مصدره”، في وعيد أعقب الانتقادات الكثيرة التي أطلقها معارضون وفعاليات محلية غداة أوامر إيداع عشرات الناشطين في الأسابيع الأخيرة.

وتضمّن البيان إشارة قوية إلى “الامتعاض الشديد لقضاة الجمهورية كافة من الوضع المزري الذي يعيشه القضاء في الجزائر”، كما جرى إبراز “استمرار تجاهل مساعي التكريس الفعلي لاستقلالية القضاء، انسجامًا مع الدستور الذي ينصّ على مبدأ الفصل بين السلطات”.

وشرحت النقابة أنّه “خلافًا لما يتم التسويق له لدى الرأي العام الوطني، فالنصوص الحالية تكرّس هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء، وهو ما يتجلى في القانون الأساس للقضاء، والقانون المتعلق بتشكيل المجلس الأعلى للقضاء وعمله وصلاحياته”.

وربط القضاة إنجاح رهان استقلالية القضاء بـ”التعديل الفوري للإطار القانوني المتعلق بالسلطة القضائية” و”إرساء قطيعة مع النصوص التي تتيح اغتصاب صلاحياتها لصالح السلطة التنفيذية”.

وعلى مدار الأشهر السبع الماضية، ظلّ القضاة يطالبون باستقلالية القضاء، وحتمية تجسيد مبدأ “الفصل بين السلطات”، كما ركّزوا على أنّهم ”لن يتلقوا أوامر بعد اليوم من نظام أكل خيرات البلاد”.

وركّز القضاة على أنّ مرحلة ما بعد حراك 22 فيفري، تنتصر لعنوان كبير “استقلال السلطة القضائية”، بعيدًا عن “عهد السلوكات البالية التي جعلت القاضي أداة في يد السلطة التنفيذية يأتمر بأمرها ويلبي رغباتها”، على حد تعبيرهم.

وتابعوا: “المسيرة المباركة للقضاة والحاملة لهدف واحد وحيد استقلال السلطة القضائية“، مشيرين إلى أنّ ”هذا الاستقلال لا نراه امتيازًا للقضاة، بل امتيازًا للمواطنين كي ينعموا بقضاءٍ مستقلٍ محايدٍ كفؤ ونزيه”.

رسائل مشفّرة

حرصت نقابة القضاة في بيان سابق على بعث 3 رسائل مشفرة، حيث شددت على رفضها الأوامر، كما أكدت على انتفاء أي ضمانة لها من خارج دائرة السلطة القضائية، وطالبت بإجراءات تكرّس استقلاليتها التامة.

ومن موقع قوة كـ”ممثل رسمي لمنتسبي السلطة القضائية”، أبرزت النقابة “لا نتحرك بالإيعاز”، و”نرفض التعامل معنا كجهاز يتعامل بالأوامر تارة وبالاستدعاء تارة أخرى”.

وتابعت: “نتمسك بحقنا الدستوري المُطالب به شعبياً .. إننا سلطة مستقلة تباشر مهامها وفق مبدأي الشرعية والمساواة، وبمنهج قوامه التجرد وغايته الإنصاف”.

وطمأنت النقابة: “القضاة يقفون على مسافة واحدة من جميع أطياف المجتمع، ويدعون الجميع إلى وضع الثقة الواجبة فيهم دون وصاية أو ضغط”.

وشدّدت النقابة على أنّ :”الضمانة والحماية الوحيدة للعدالة والقضاة لا تتأتى من أي جهة خارجة عن دائرة السلطة القضائية، بل تتجسّد بجملة من الإجراءات تكرّس الاستقلالية التامة للقضاة، انطلاقاً من مراجعة القوانين وإعادة النظر في الهياكل التي تنظّم عمل القاضي ومساره المهني”.

تغيير الهياكل والقوانين

أبرز بيان القضاة أنّه “لا يمكن الكلام عن عدالة مستقلة تتمتع بالحماية، في ظلّ القوانين والهياكل الحالية التي تنظّم المسار المهني للقاضي، والتي ثبت عدم جدواها”، وأكدت نقابة القضاة: “النداء بحرية الجزائر الجديدة، يستوجب لزاماً المناداة بحرية واستقلالية القضاء، وتخليصه من كل المعوقات المادية والبشرية”.

وتوعّدت النقابة أنّها “ستعمل على تقديم السند المادي والمعنوي للقضاة، والوقوف في وجه كل من يحاول المساس باعتبارهم واستقلاليتهم، سواء تصريحاً أو تلميحاً، أو بأي تصرف مادي آخر، ويكون ذلك بالتأسّس طرفاً مدنياً ضدّ هؤلاء”.

وانتهت نقابة القضاة إلى تجديد عزمها على “المساهمة الفعّالة في إخراج البلاد من أزمتها والسير بها إلى برّ الأمان، بمعية الشعب صاحب السيادة، في إطار مؤسساته الدستورية التي تعبّر عن إرادته الحرة”.

يُشار إلى أنّه غداة انتخابه في 27 أفريل الماضي، تعهّد يسعد مبروك بالعمل على تجسيد رهان استقلالية القضاء.

مقالات ذات صلة