الجزائر
انتهازيون استغلوا الظرف ورفعوا أسعارها

الكوليرا تحدث ندرة في المياه المعدنية وترفع أسعارها

زهيرة مجراب
  • 4399
  • 29
أرشيف

نفدت المياه المعدنية من المحلات التجارية سريعا في ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، فمباشرة بعد ما أعلنت وزارة الصحة تسجيل حالات إصابة بـ”الكوليرا”، استبدل المواطنون مياه الحنفيات بالمياه المعدنية خشية إصابتهم بالمرض، وهو ما تسبب في أزمة وندرة حادة على مستوى السوق.
أصاب الإعلان عن عودة أحد أشهر أمراض الفقر وهو “الكوليرا” المواطنين بحالة ذعر وخوف شديدين، فالمرض القاتل المرتبط في أذهانهم بالقرون السابقة لم يعد له وجود سوى في بعض الدول الفقيرة التي تعاني الحروب، إلا أنه عاود الظهور مجددا في 2018. مما دفع بجموع المواطنين الحائرين للبحث عن سبل الوقاية منه وأولها اجتناب شرب مياه الحنفيات.
وخلال جولة قمنا بها في شوارع العاصمة، مساء الخميس وصبيحة الجمعة، شاهدنا بعض المواطنين يسيرون في الطرقات يحملون المياه المعدنية، بعد ما تحوّلت هذه الأخيرة لسلعة نادرة، والكثيرون يستوقفونهم للاستفسار عن المحل الذي اقتنوها منه. دخلنا أحد المحلات وطلبنا من البائع منحنا قارورة مياه معدنية، فأكد لنا نفاد الكمية من محله من قارورات لتر ونصف ولترين والقارورات الصغيرة، جميعها بيعت أمس، وهو الآن بانتظار البضاعة الجديدة، مؤكدا لنا أنه منذ افتتاح المحل صبيحة امس والزبائن يتوافدون الواحد تلو الآخر للبحث عن الماء.
في حين أوضح صاحب محل بأنه لم يسبق له بيع المياه المعدنية بكميات كبيرة مثلما حدث معه أمس، فحتى في حال انقطاع مياه الحنفيات كانت نسبة قليلة فقط من تشتري الماء، لكن “فوبيا الكوليرا” التي اجتاحت العاصمة، دفعتهم لشراء المياه المعدنية بكميات هائلة حتى العائلات الكبيرة والكثيرة الأفراد أقدمت على شرائه، وأضاف المتحدث بأن محله كان يحتوي على قرابة 60 معلب قارورة مياه معدنية بيعت جميعها في ظرف 3 ساعات، أي في فترة زمنية قياسية ولم يجد سبيلا لجلب بضاعة جديدة وتلبية الطلبات الكبيرة المتتالية لزبائنه.
أما إحدى السيدات كانت متواجدة بالمحل، سمعتنا نبحث عن المياه المعدنية فوجهتنا للمحل الذي اشترت منه، وعند وصولنا لهذا الأخير، تفاجأنا بالعدد الهائل للمواطنين وقد أقبلوا على شراء 12 و18 قارورة من الحجم الكبير، وعند اقترابنا منهم أطلعونا عن خوفهم الكبير من الإصابة بالمرض المميت، فمياه الحنفيات غير موثوق فيها، واستطرد أحد المواطنين قائلا بأنه لاحظ منذ فترة وجود رائحة غريبة في المياه تشبه رائحة التراب، لذا توقف عن شربه، ولما سمع بالكوليرا أيقن صحة شكوكه ومخاوفه. في حين طالب محدثونا بضرورة تحليل مياه الحنفيات ومعاقبة المسئولين عن التلاعب بصحة المواطنين وسلامتهم، فمثل هذه الحادثة لابد أن يحاسب فاعلوها ولا تمر مرور الكرام، بينما ذكرت لنا عجوز مسنة بأن هذا المرض كان منتشرا خلال الاستعمار، فليس من المعقول أن يعود الآن.
وما صدمنا خلال جولتنا هو انتهاز العديد من التجار الطلب على المياه المعدنية لرفع الأسعار، فبعد ما كان سعر 6 قارورات “فار دو” بـ160 و170 دج حسب العلامة التجارية، رفع السماسرة الأسعار لـ200 دج، منتهزين الندرة الحادة وكثرة الطلب لجني الأرباح. كما أصبح الحصول على دلو مياه معدنية سعته 5 لترات، يستدعي معرفة جيدة بصاحب المحل “واسطة” للحصول عليه نظرا لأنه أقل ثمنا مقارنة بالقارورات.
وفي الوقت الذي هرولت فيه جموع المواطنين صوب المحلات التجارية لشراء المياه المعدنية، وجدت فئة أخرى ممن أنهكتهم مصاريف العيد والزيادات في أسعار الخضر والفواكه التي سبقته، أنفسهم مرغمين على العودة للطرق التقليدية لتعقيم الماء الشروب وذلك بغليه وتركه ليبرد وتعقيمه بقطرة ماء جافيل.
من جهتها، أطلقت المنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، دعت من خلالها أصحاب المؤسسات المنتجة للمياه المعدنية لتخفيض الأسعار، كي يتمكن السواد الأعظم من المواطنين من شرائها والوقاية من الإصابة بالمرض، وهي الفرصة مثلما وصفتها المنظمة لهذه الشركات لإثبات حسها المدني. وهي ذات الدعوة التي وجهها الكثير من المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مناشدين أصحاب هذه المؤسسات بتزويد المحلات التجارية بكميات إضافية ومراقبة الأسعار لقطع الطريق أمام الانتهازيين.

مقالات ذات صلة