الجزائر
يكتفون بالتوزيع على الزوار تمر المدينة وماء زمزم

“الكوليرا” تُرعب حجاج البويرة وتُرغمهم على مقاطعة تنظيم الولائم!

فاطمة عكوش
  • 690
  • 2
ح.م

قررت لأول مرة عائلات العشرات من حجاج ولاية البويرة مقاطعة تنظيم الولائم وإطعام الزوار، وهذا لتفادي انتشار داء الكوليرا، وبالمقابل قرر الحجاج توزيع الأموال التي تصرف في الإطعام على العائلات المعوزة تزامنا مع الدخول المدرسي، خاصة وأن المبالغ التي تصرف في الإطعام أكثر بكثير من مبلغ مصاريف أداء فريضة الحج.

لم يمر خبر انتشار وباء الكوليرا الفتاك بردا وسلاما على مواطني ولاية البويرة، والذين أجبروا في أقل من أسبوع على تغيير النمط الحياتي والغذائي والتجاوب بتلقائية مع نصائح الأطباء وأهل الاختصاص، حيث فضّل أغلبيتهم تفادي حضور الأعراس والامتناع عن تناول الأكل بالمطاعم ومقاطعة شراء الخضر والفواكه المشكوك فيها، ولتفادي إزعاج الزوار وخوفا من تعرضهم لأي مكروه خاصة مع ارتفاع حمى الكوليرا وتناقض تصريحات الجهات الرسمية، قررت عائلات الحجاج مقاطعة تنظيم الولائم والوعدات، رغم أنهم حضروا العجول والخرفان لذبحها، وسيكتفي زوار حجاج البويرة الذين يعودون هذا الأسبوع إلى أرض الوطن بتناول تمر المدينة وشرب ماء زمزم، وارتشاف القهوة والشاي بالمقروط، فيما يتم تحويل المبالغ التي تصرف في الولائم للعائلات المعوزة على شكل إعانات مالية أو مواد غذائية أو ملابس وحتى الأدوات المدرسية، وهو ما استحسنه محمد سعودي أمام مسجد أبي هريرة بمشدالة، والذي قال في اتصال “بالشروق” إن إلغاء الولائم والتصدق بأموالها للأيتام والفقراء تصرف صائب، خاصة وأن هذه الولائم لم ترد في الشرع بل فيها ما هو منهي شرعا للتكلف والإفساد التي فيها.

عادة تتهيأ العائلات لاستقبال الحجاج بعد أدائهم للركن الخامس، خاصة وأن عودة الحجاج ونجاح رحلة الحج تكون دائما محل احتفال واحتفاء لمكانتها ورمزيتها وللقدسية التي ينظر بها الجزائريون للحج، ويحرص الجميع على زيارة الحاج والاستمتاع بسماع تفاصيل رحلته إلى البقاع المقدسة، وذلك من باب التشجيع على الطاعة.

وتختلف مظاهر الاستقبال والاحتفال بعودة الحجاج من منطقة لأخرى، فبقرى السحاريج بضواحي مشدالة تقوم عادة عائلة الحاج بالتعاون مع السكان بتنظيف وتزيين القرية التي يوجد فيها منزله وترتيبه وصنع بعض الأطباق التقليدية المخصصة لتلك المناسبات احتفاء بعودة الوالد والوالدة اللذين ذهبا لأداء فريضة الحج، حيث يتسارع الأهل والجيران والأحباب ليهنئوه بما أنعم الله عليه من أداء للركن الخامس وعودته خاليا من الذنوب، وعادة ما تبدأ الاحتفالات وتبادل التهاني لمن لديهم حاج مباشرة بعد عودته من البقاع المقدسة، حيث تكتفي العائلات بتقديم التمور ومياه زمزم، ومباشرة بعد وصول الحجاج إلى قراهم تبدأ مراسم الاستقبال بالتهنئة والزغاريد وبعض الأناشيد التي تعبر عن فرحتهم بعودته، كما يفرح الصغار والكبار بالهدايا التي يحملها الحجاج عند عودتهم، خاصة وأن الحجاج يحرصون بمجرد انتهاء أدائهم مناسك الحج، على اقتناء الهدايا لإهدائها للأهل والأقارب والجيران، وتتخذ هذه الهدايا أشكالا مختلفة من ماء زمزم، وهو أحد رموز الحج لدى الجميع، إلى تمور العجوة الشهيرة، إضافة إلى السبحات والسجادات والأثواب والمصاحف وغيرها.

وكثيرا ما تلجأ بعض العائلات بالبويرة إلى استقبال حجاجها بتلقائية بالطبل والمزمار والزغاريد والرقص، لأن حسبهم سفر الحاج وأداءه للحج وعودته سالما من النعم التي يحق له ولأهله أن يفرحوا بها وإظهار الفرح يكون بالإطعام والزيارة وإقامة الأفراح، رغم أن أئمة المساجد يستنكرون ما يقوم به البعض من استقبال الحاج بالطبل والمزمار والبندير، كونه لا ينسجم مع المعاني التي يحملها الحج، ويطلبونهم باستقبالهم “بالأذكار” كونها من بين العادات الحميدة الموجودة بعدة مناطق، يستحسن بقاؤها لأنها تذكر بأصل هذا الركن العظيم، وفيها أيضا حث على الطاعة.

مقالات ذات صلة