الشروق العربي
من الحدائق والشواطئ إلى الفضاء الافتراضي

اللقاءات الغرامية في زمن كورونا

نسيبة علال
  • 5035
  • 15
ح.م

أدى غلق قاعات الشاي، ومنع التجوال بالشواطئ والحدائق العمومية بسبب كورونا، إلى غياب ظاهرة اللقاءات الغرامية.. فقد انتقل هذا النوع من المواعيد التي تجمع العشاق، من فضاءات الواقع إلى الفضاءات الافتراضية، وهذا لم يمنع كوارث اللقاءات الغرامية من الحدوث، بل أزم الوضع أكثر.

 عادة ما كنا نسمع عن حوادث الاعتداءات والتحرشات، التي تنجر عن اللقاءات الغرامية في الأماكن العمومية، والشواطئ والغابات، وحتى القاعات المغلقة. ومع قدوم أزمة كورونا، وسن الحكومة تدابير صارمة تمنع التجوال بحرية في هذه الأماكن، اختفت الشكاوى التي تتقدم بها غالبا الفتيات المغرر بهن، من جهة أخرى راحت مصالح أمن الجريمة الإلكترونية تسجل أرقاما مهولة لتظلمات وتهديدات بالفضح، وابتزاز وتشهير، والعديد من المشاكل الأخرى التي خلفها بقاء الشباب في المنازل، خلف هواتفهم وحواسيبهم المزودة بالإنترنت، التي تسمح لهم بالتواصل المباشر والسريع مع الطرف الآخر، صوتا وصورة، وتسجيل ذلك أيضا، لاستخدامه لأغراض قد لا تكون نبيلة.

هددته بفضيحة أمام زوجته

عبد الرؤوف، شاب ثلاثيني، يعمل أستاذا بالثانوية، دخل في علاقة غرامية مع زميلة له جديدة في العمل، على أساس أنه أعزب، هذا قبل أن يتم تسريح عمال قطاع التربية مخافة انتشار عدوى كورونا في المؤسسات. كان عبد الرؤوف يلتقي زميلته اللطيفة للدردشة داخل قاعة شاي بمحاذاة الثانوية، ولكنهما أصبحا مجبرين على الحديث عبر الإنترنت.. وتواصلت سلسلة أكاذيبه، حتى اكتشفت خليلته أمر زواجه صدفة من زميلتها، ولرد اعتبارها خاصة أمام زملائها في العمل، الذين لطالما تعجبوا من علاقتهما المشبوهة، نسجت الفتاة جميع المحادثات طيلة أشهر، والصور التي أرسلها عبد الرؤوف ومقاطع الفيديو والتسجيلات، على قرص مضغوط وطالبته بالتقدم لخطبتها، أو إرسال الأدلة إلى عائلته وزوجته. ورغم أن نية صديقته هذه كانت رفض العريس الخائن، إلا أنها ضغطت عليه بأسلوبها، ولم تنفع حجج زوال الوباء في إلغاء قرارها وكبح جماح غضبها.

نشر صوري في مجموعة رجالية

تعترف الكثير من الفتيات بوقوعهن في شراك الكلام المعسول والرومنسية الزائفة، خاصة في المراحل التي يشعرن فيها بالفراغ العاطفي، ولا يكون هناك ما يشغل أوقاتهن.. آمال، 21 سنة، طالبة جامعية من بومرداس، تعرفت على شاب أربعيني، منذ سنتين، تلتقيه فيهما يوميا وبصفة دورية، يقضيان وقتا في الكورنيش أو في التسوق والمطاعم الفاخرة، لكن ملامح علاقتهما تغيرت بعد كرونا، حسب ما روته الفتاة للشروق العربي، تقول: “منعني والدي من الخروج، لأنني وحيدته، ويخشى علي من المرض، فأصبحت أكلم صديقي السابق عبر الفيديو، وأرسل إليه صورا كثيرة حتى لا يطالبني باللقاءات المعتادة..” لكن، على ما يبدو، فإن الشاب كان كلما رفضت آمال لقاءه، وتحججت، أصر أكثر، فقد أصبح يهددها بمختلف الوسائل حتى تخرج في موعد معه، تضيف آمال: “لما استنزفت جميع مبرراتي وأغلقت الهاتف، نفذ تهديداته ونشر صوري وحساباتي على المواقع، ورقم هاتفي وعنواني، وترك لي رسالة قبل أن يغير رقمه، (سأجعلك تبحثين عني من تلقاء ذاتك)..”، ما كان على آمال فعلا هو محاولة الوصول إليه بشتى السبل لحذف منشوراته، وانتهى بها الأمر برفع دعوى قضائية ضده.

يشير الخبراء في علم النفس وحتى في القضايا الاجتماعية، إلى أن العنف الظاهر عبر مواقع الإنترنت مؤخرا بين طرفين يقيمان علاقة غرامية، الذي يسجل وتيرة تصاعدية مخيفة، نابع عن إحساس أحد الطرفين بحقه في عيش قصصه الغرامية بالشكل المعتاد دون أدنى شعور بالمسؤولية الاجتماعية، وإمكانية نقل أو تلقي العدوى.. وهو ما يدفعه أيضا إلى القيام بتصرفات طائشة، كإجبار الطرف الآخر على البقاء متصلا به صوتا وصورة طوال الوقت، أو استعمال التقنية للتهديد والابتزاز.

مقالات ذات صلة