-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المدنَّس في القدس المقدَّس

عمار يزلي
  • 424
  • 0
المدنَّس في القدس المقدَّس

86 سنة تمر اليوم، وفلسطين والقدس في أوج التوهج النضالي ضد الاحتلال المغتصِب لفسطين، تمر 86 سنة بأيامها ولياليها وشهورها وأعوامها على أول انتفاضة شعبية فلسطينية ضد الانتداب البريطاني الذي كرس الوجود الصهيوني اليوم في فلسطين المحتلة. انتفاضة بدأت بسلسلة إضرابات استمرت أكثر من ستة أشهر، من 19 أبريل إلى أكتوبر 1936، قبل أن تتحول إلى ما سمِّيت بعدها بـ”الثورة الكبرى”.

يصادف اليوم ذاك اليوم، والقدس اليوم في عز شهر الصيام والاعتكاف، تعرف أنكر المنكرات أمام تنكُّر العالم لحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم على أرضهم التاريخية وعاصمتها القدس الشريف. يصادف ذكرى الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الانتداب والبيع تحت الطاولة وفوقها لأرض بشعبها لشتات قوميةٍ جُمعت من كل الأصقاع في شكل هجرات منظمة من طرف الحركة الصهيونية: بيع الغرب أمس لأرض فلسطين وبيع بعض العرب البقية اليوم لأرض غير معروضة أبدا للبيع.

86 سنة تمر على ثورة الأرض والشعب، وسط صمت القبور لمجلس الأمن والقوى العظمى التي تتصارع على أوكرانيا دون غيرها، ولا صوت يعلو اليوم فوق صوت كييف.. لا اليمن ولا ليبيا ولا العراق ولا سورية ولا الصومال ولا الوضع في إفريقيا..

فلسطين التي تعاني مرارة الاحتلال وهمجيته، وتعاني التدنيس في بيت هو بيت المقدس وقدس الأقداس، حيث وصل الحدُّ بالمحتل إلى حد استباحة حرمة المسجد وتدنيسه واعتقال وضرب وقمع المصلين شيوخا وشبابا وأطفالا، نساءً وذكرانا، فجرا، أمام عدسات الكاميرات، ولا ردّ فعل غربيّ، ولا حركة ولا قول شافٍ ولا حتى كلام كاف من العواصم المنكبّة على أنوفها تتصيد مزيدا من العقوبات على روسيا وضخ مزيد من السلاح حتى آخر أوكراني. كل هذا وسط وضع عربي وإسلامي مترد نتيجة الوهن السياسي الذي أنجب الهرولة نحو التطبيع.

لجنة القدس التي يترأسها “أمير المؤمنين” باتت سامدة صامتة صمت القبور، إن لم تكن تعين المحتلّ في الخفاء وفي العلن. لجنة لم تعد تحمي أحدا غير نفسها بنفس السيف المسلط على رقاب الفلسطينيين: سيف الكيان المحتل. لجنة صارت تُتَّخذ كمظلة لحماية المعتدي لا المعتدى عليه: في غزة وفي القدس وفي كل شبر اليوم في أرض فلسطين. الانتفاضة قائمة اليوم، كما قامت بالأمس وكما قامت قبل 86 سنة، والتهويد الذي بدأ مع توقيع اتفاقية العار الخارجي لوزيري خارجية فرنسا “بيكو” والبريطاني “سايكس”، لمنح من لا يملك لمن لا يستحق، لا يزال إلى اليوم هو نفس التهويد وأكثر.. وهذه الدول لا زالت إلى اليوم هي عينها بمعية الغرب عموما، تصمت وتغضّ الطرف وتتواطأ مع بقية دول الغرب، أمام حقوق إنسان مهدورة بدت لهم روسيا فقط من يدوس عليها، وتناسى وتعامى الجميع على الدوس على كل الحقوق، بما فيها حقوق الإنسان والطفل والمرأة والقانون الدولي والأعراف والدين والحريات الفردية والجماعية وحرية التنقل والتبادل والإقامة والسفر.. في فلسطين والعراق واليمن وإيران… كل هذه الحريات بدت وكأن شعب فلسطين لا يستحقها ولم يُخلق ليحصل عليها، بل يستحق مزيدا من الهوان والحصار والقمع والتنكيل، وهذا يضمنه حقوق الإنسان عند الغرب الكائل بعدة مكاييل.

تعود الانتفاضة ويعود أطفال الحجارة وتعود دماء العنفوان الفلسطيني لجبابرة الأمس ليخرج من تحت الرماد كعنقاء الأساطير، فالشعب الفلسطيني أسطورة، وهذا الجيل بالذات، سيُكتب له أن يسطّر بدمه الأساطير التي لم يكتب منها إلى حد الآن إلا أسطُرها الأولى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!