جواهر

المرأة المستوردة

حامد الإدريسي
  • 749
  • 2
ح.م

آه يا جدتي..
إن هذه المرأة المستوردة لا تعيش على القيم التي عاشت عليها جدتها، يجب أن يكون هذا واضحا جدا، فحين كانت جدتها في سنها، – وجدّتها لم تتعرض لهذا الغزو العلماني – كانت ترى أن حياتها هي في أسرتها، وأن طموحها يدور حول البيت والأبناء والزوج، وأن أهدافها التي يجب أن تحققها في هذه الحياة، هي أن تكون ربة بيت متميزة بإتقانها كل ما يحتاجه البيت حتى فن الخياطة، وأن تتعلم من أمها أساليب التبعّل وفن إدارة الخلاف مع الزوج بل فن إدارة الزوج، وكل ما يتعلق بالبرمجة العصبية له ولأمه ولأهل بيته كافة، وكذا كل فنون التواصل التي تنفعها في إدارة المجالس واللقاءات، وما ينبغي قوله وما لا ينبغي قوله وما يفهم من حركات العين ونبسات الشفاه، مما يدرّس اليوم في علم التواصل الحديث، كما تتعلم منها كل ما يتعلق بعلم الاقتصاد الأسري وكيف تستطيع أن تقيم أود الأسرة بأقل التكاليف، كما تتعلم منها فنون الطب الشعبي والعلاجات الأولية للجروح والكدمات والأمراض المتكررة، فتجد في مطبخها عدّة الطبخ وعدة العلاج وعدة الضيافة، فحين تستجمع الفتاة هذه الفنون كلها، يكون هدف آخر من أهدافها المرسومة سلفا قد تحقق بالموازاة مع ذلك، ألا وهو نقاء الصفحة وبياض الاسم بحيث لا توسم بنقيصة ولا تتهم بجريرة، فهذا من أهم أهدافها التي تسعى للحفاظ عليها في مسار حياتها، كي تكون لالاّتي ومولاتي بالتعبير المحلي، وتستحق الزوج المناسب ذا المكانة العالية والسمعة العظيمة، وهنا يتلاشى دور الجمال إلى حد كبير، وتكون قيمة المرأة ليس فقط في جمالها وسعة عينيها.
هذا ما كانت تفكر فيه جدتها، وهذا ما سارت عليه، وهكذا ربت ثمانية أبناء، وربما عشرة، كلهم مهندسون وأطباء ودكاترة ومعلمون، وكلهم أسوياء محترمون عظماء.
أما فتاتنا التي نتحدث عنها، فقد وجدت لائحة أخرى من الأهداف، وقائمة أخرى من التحديات، وقيما أخرى توجه مسار حياتها.

مقالات ذات صلة