جواهر
وجهات نظر

المرأة والإسلام

سناء الشعلان
  • 1312
  • 5
ح.م

المرأة كيان له رؤيته ومداركه وحاجاته وآماله المتباينة والمختلفة وفق معطيات ظروفه وزمنه ومتغيرات حياته ووجوده وأولوياته؛ ولذلك فأولويات المرأة ونظراتها في تنشئة الأجيال تختلف وتتباين، ولكن على المرأة، وهي المعوّل الأوّل عليه في التربية وتوجيه دفّة الأهداف ،أن تجعل من العدل والمساواة والحرّية والتحضّر والسّلام والعلم والارتقاء أهدافاً رئيسية ومركزية في خطتها الإنسانيّة في تربية الأجيال، وبخلاف ذلك،سيكون دورها سلبي، وستتعرقل أو تتشوه أو تحيد عن هدفها السّامي مسيرة الأجيال.
وكي نفهم أدوات المرأة المسلمة التربوية علينا ابتداءً ً أن نتدبّر حقوق المرأة في الإسلام، ونتعرّف عليها عبر الإسلام نفسه لا عبر آراء المفترين كي نرى أيّة حقوق وأيّ رقيّ قد وهب الإسلام المرأة، الحقيقة يجب أن يكون السّؤال : هل ستتمكّن الإنسانية في يوم من أن تهب المرأة حقوقها كما وهبها الإسلام حقوقها؟
والجواب يبقى بالتأكيد رهين الوقائع والمعطيات، ويبقى الإسلام هو الأرض الرحبة والعادلة التي تعطي المرأة كلّ الحقوق التي عليها أن تطالب بها بكلّ قوة وشجاعة، لا أن تبحث عنها بغباء رعناء في أرض الغرباء وديانات الآخرين ودساتير الأعداء.
وعلى المرأة أن تجاهر بالطلب بحقوقها، وعليها أوّلاً أن تحدّد مطالبها، وتنظّمها، ثم تضع آلية وتنتخب أدوات ونساءً ليقمن بدور الرّيادة والتمثيل وتقعيد الحقوق ، ورسم خطط الوصو ل إليها بعيداً عن كلّ الأضواء الحارقة التي هي في حقيقتها ليست أكثر من شرك يضعه الرّجل من أجل استعباد المرأة بأشكال جديدة تحت أغطية التّحرر والفجور وإشباع الرّغبات بكلّ الطّرق البهيمي
ومن أهم أشكال اضطلاع المرأة بهذا الدّور أن تقوم باستبعاد الرّجل الرّجعي الذّكوري السّلطوي الذي بات يعتقد أنّه بذكائه ودهائه يستطيع أن يدجّن المرأة من جديد بسياسة العصا والجزرة عبر لبوس التحضّر الذي يلبسه ليخفي تحته أبويته السّلطوية التي تشتهي استعباد المرأة بكلّ الأشكال والصّور.
وقد يقول قائل إنّ المرأة قد نالت كافة حقوقها، وقد انتهى الأمر. أعتقد أنّ هذا الحكم يحتاج إلى إعادة نظر ، فإن كان المقصود به أنّ المرأة قد نالت بعضاً من حقوقها بعد كفاح مرير وحرمان طويل، فهذا صحيح، وإن كان المقصود به أنّ المرأة قد أثبت أهليتها وقدرتها في المهمات التي أُنتزعت انتزاعاً مهمة الاضطلاع بها، فهذا صحيح أيضاً، أمّا إن كان المقصود هو أنّ المرأة قد نالت غاية ما تريد وتتمنّى، وقد آن لها أن تركن إلى السكون، فهذا غير صحيح،فالمرأة في المجمل في هذا العالم لا تزال منقوصة الحقوق بشكل أو آخر، ولا تزال حتى في عقر معاقل الحرية المزعومة تتعرّض لأبشع أنواع الاستغلال وأقذرها، لذلك يبدو أنّ الحرب والرحلة لا تزالان طويلتين أمام المرأة.ومن المبكّر للغاية أن نحكم على هذه التجربة الاستثنائية.
وقد تطرح الكثير من القضايا غير المهمة،فقط من أجل إجهاض تجربة نضال المرأة أو تضليها،فيطرح البعض مثلاً قضية الموضة وملابس المرأة ومظهرحا الخاص، وهذا القضاياشخصية للغاية، وذاتية، يجب أن لا تُقتحم أو تُطرق، مادامت حرّية المرأة في هذا الشأن لم تصبح نوعاً من التعهير، وهي يجب أن تنحّى عن النقاش بنفس القوّة التي يصمّم البعض من المشكوك في أهدافهم وإخلاصهم ونواياهم في طرحها، فمن المريب أن يصمّم البعض على أن يجعل هذه القضية هي مركز حريّة المرأة، وجوهر تفعيل إنسانيتها، علماً بأنّ هذه القضية شكلية تماماً، ولا تشكّل من بعيد أو قريب أداة للحرّية .
وللمرأة أن تحتار شكل عنايتها بإنسانيتها كامرأة دون أيّ تدخّل أو إملاء أو اقتراح، فالمرأة العظيمة عبر التاريخ لم تكن امرأة حفلات وصالونات ولاهثة وراء آخر صرعات الموضة ، بل كانت امرأة متعلّمة سامية الأخلاق، عظيمة الإرادة والأهداف والشكيمة.

مقالات ذات صلة