الجزائر
خبراء في الهندسة والعمران يؤكدون:

المشاريع العمرانية الجديدة.. مراقد وليست سكنات

وهيبة سليماني
  • 4206
  • 5
ح.م

عرفت الجزائر في الآونة الأخيرة مشاريع سكنية كبرى وتشييد مدن عصرية جديدة، وفي مقابل ذلك تسعى للحفاظ على المواقع الأثرية والتراث الإنساني، من خلال إعادة ترميم البنايات القديمة، غير أن الكثير من المختصين في العمران، والهندسة المعمارية، والتصاميم الفنية، يرون أن عمليات الترميم والبناء لا تصاحبها رؤية شاملة مستقبلية جمالية ولا اقتصادية، مما قد يجعل الجزائر بعيدة عن فنيات العمران العصري التي تراعي حياة المواطن وراحته النفسية والترفيهية، وتضمن التطور الاقتصادي والسياحي.
في هذا السياق، أكد آكلي عمروش، مهندس معماري، وخبير في العمران، وصاحب مؤسسة البديل العمراني للنشر والتوزيع، أن المدن الجديدة التي شيّدتها الجزائر مؤخرا ضمن مشاريع عدل و”آل بي بي”، والترقوي المدعم، لم تراع جماليات المحيط ولا الراحة النفسية لساكنيها، من خلال التصاميم ولا هندسة البناء، وهي مشاريع حسبه، جاءت استعجالية لحل مشكل آني دون نظرة بعيدة تصل على الأقل إلى 20سنة.
وقال آكلي، إن الايطاليين معجبون بالعمران القديم لولاية الجزائر، ولكنهم أعابوا على غياب فنيات العمران في المشاريع السكنية الجديدة، حيث رغم اتساع مساحة الجزائر، حسبهم، وتنوع عاداتها وتقاليدها وخصوصية كل منطقة، إلا أن العمران لا يخدم الجانب الإنساني ولا يحمل هذه الخصوصيات.
ومن جهته، أعاب حليم فايدي، مهندس معماري ومصمم غياب جماليات العمران والمحيط في المشاريع السكنية الجديدة في الجزائر، معلقا “أول خطوة ناجحة ولكن مسيرة فاشلة” ويقصد أن السكن حلم تحقق في بلادنا، غير أنه أهمل مشروع فني جمالي واقتصادي، لا يستثمر في السياحة مستقبلا.
وأوضح، أن أبسط الأشياء في المدن الجديدة المشيّدة مثل مدينة عين الله بدالي إبراهيم غرب العاصمة، لم يتم استشارة المختصين في العمران ولا في التصميم الفني، حولها، مثل الإنارة والأرصفة، وقال إن الأضواء فوق العمارات تزعج السكان، مضيفا “هناك إهمال.. ينبغي أن نفهم أنه يوجد فرق بين التقليد والتقليد”.
ويقصد من خلال ذلك، حليم فايدي، أن خصوصيات طابع العمران لا يحمل الثقافة التراثية ولا خصوصية المناطق في الجزائر.
وفي ذات الصدد، دعت السيدة ليلى معمري، مصممة متخرجة من مدرسة الفنون الجميلة، خلال ورشات الجمال بالمتحف الوطني “ماما” للفن العصري بالجزائر الوسطى، إلى استشارة المصممين في فن العمران، وجماليات المحيط، في مشاريع السكن والترميم، وقالت إن والي العاصمة زوخ، لم يستدعهم في عدة لقاءات خاصة بالسكن وترميم المواقع على مستوى العاصمة، حيث أعابت على طريقة تصميم مدينة سيدي عبد الله الجديدة، من ناحية الإنارة والأرصفة، مضيفة 15 دفعة من المصممين تخرج من مدرسة الفنون الجميلة لم يتم الأخذ بخبرتها في المشاريع السكنية الجديدة.

.. ترميمات المواقع الأثرية لم تراع الجانب الاقتصادي
وخلال الورشات التي احتضنها متحف”ماما”، والتي حضرها خبراء إيطاليون، تم التطرق إلى المواقع الأثرية والمصنفة بعضها في التراث الإنساني، والتي تسعى الجزائر إلى ترميمها والحفاظ عليها، حيث أكد كل من الخبراء الجزائريين والايطاليين، أن عمليات الترميم لم تأخذ بعين الاعتبار الجانب الاقتصادي والسياحي لهذه المواقع، وقال آكلي عمروش، مهندس معماري، وخبير في العمران إن 28 موقعا في الصحراء و21موقعا في الشمال بينها 5 ضمن التراث الإنساني العالمي، لم يحضر لها مشروع مسبق يضمن الحياة والحركة الاقتصادية والسياحية في هذه المواقع.
ويرى حليم فايدي، مهندس معماري ومصمم أن تهديم السكنات في مدينة القصبة يعتبر جريمة، وأن ترميمها لم يبدأ بتتبع خطة محكمة ومشروع برؤية بُعدية فنية، حيث رفض ترحيل سكان القصبة، موضحا أنه على الدولة الجزائرية أن تستثمر في سكان هذه المدينة كما تستثمر في بناياتها، أي تكوينهم للحفاظ عليها، ولاستقطاب السياح، مبديا تخوّفه من بعض ساكنيها الجدد الذين يفتقدون للوعي وفن المحيط.
ومن جهتهم، أكد الخبراء الايطاليون أن العمران في الجزائر لا يزال بعيدا عن فنيات العمران العصري، وقال أحدهم إن ترحيل سكان الأحياء القصديرية، كان عشوائيا، وحل استعجالي ستظهر عواقبه مع الوقت.

مقالات ذات صلة