رياضة
ماجر حلقة جديدة تطوى من مسلسل "البريكولاج" والسرعة في التغيير

المنتخب الوطني غارق في الارتجالية والترقيع بمدربين مغمورين وطواقم مؤقتة

صالح سعودي
  • 3927
  • 7
ح.م

 سدّدت “الفاف”‘ مجددا فاتورة جديدة من البريكولاج وإعادة الترقيع الناجم عن سوء اختيار المدربين والسرعة في التغيير، وهذا بعد إقالة المدرب رابح ماجر الذي أشرف على المنتخب الوطني لمدة 8 أشهر، قبل أن تتم إقالته بحجة سوء النتائج ومبررات أخرى، وإذا كانت الجماهير الجزائرية قد عارضت تعيين ماجر منذ البداية، إلا أن القرار النهائي كشف مجددا عن المزاجية التي لا تزال تسود قرارات “الفاف”، سواء في عهد روراوة أو في فترة خليفته زطشي.

تسير الاتحادية الجزائرية نحو فتح حلقة جديدة من حلقات البحث عن المدرب الأنسب للإشراف على المنتخب الوطني، وهذا موازاة مع إقالة المدرب رابح ماجر، موازاة مع إخفاقاته الودية منذ مطلع العام الجاري، ناهيك عن دخوله في مشاكل مع بعض اللاعبين، وغياب التنسيق والتواصل مع مساعديه، وهو الأمر الذي يعيد إلى الواجهة خرجات القائمين على الهيئات الكروية، بخصوص معايير تعيين المدربين ومبررات إنهاء مهامهم، ما جعل المنتخب الوطني يحطم الرقم القياسي في عدد التقنيين الذين يشرفون على عارضته الفنية، بدليل أن فترة زطشي وروراوة التي تمتد إلى مطلع الألفية استهلكت أكثر من 20 مدربا، نصفهم لم يمكث أقل من 6 أشهر.

زطشي لم يحفظ درس ألكاراز وكرّر الخطأ مع ماجر

ويبدو ان الرئيس الحالي لـ”الفاف” خير الدين زطشي لم يحفظ درس المدرب الاسباني الكاراز الذي كانت حصيلته سلبية على جميع الأصعدة، بدليل أنه لم يحصل على أي نقطة في تصفيات المونديال، والأكثر من هذا فقد حصل على 20 مليار سنتيم كتعويض مقابل إقالته خريف العام الماضي، ليتم الاستنجاد بالمدرب رابح ماجر الذي عارضت الجماهير الكروية قدومه، وبمرور الوقت اثبت فشله من الناحية الفنية، موازاة مع توالي الهزائم في المباريات الودية، في الوقت الذي لم يخض أي مباراة رسمية، ما جعل حمى الانتقادات والضغوط في تصاعد، ليتم التضحية به، قرار وصفه البعض بأنه تحصيل حاصل، بسبب غياب الإقناع وتضارب تصريحاته، ناهيك عن خرجاته المثيرة للجدل مع الصحافيين وبعض اللاعبين، بشكل أسال الكثير من الحبر، وخلف موجة من الاستياء.

رحلة البحث عن مدرب جديد وهاجس سوء الاختيار يلاحق الجميع

وتوجد هيئة “الفاف” أمام ضغط كبير، في ظل حتمية البحث عن مدرب جديد يتولى شؤون “الخضر” خلفا لرابح ماجر وطاقمه الفني الذي تمت إقالته رسميا بحر هذا الأسبوع، وهو الأمر الذي يجعل زطشي أمام اختبار من نوع خاص، ما يطرح الكثير من التساؤلات حول مدى إمكانية نجاحه في الاختيار هذه المرة، وهذا قياسا بإخفاقاته السابقة، والبداية بصفقة الكاراز التي كانت فاشلة فنيا وكلفت الخزينة غاليا من الناحية المادية، كما أن صفقة ماجر لم تكن أفضل حال، بدليل تسوية مستحقاته وفق ما هو متفق عليه، في وقت لم يتم اختباره في المواعيد الرسمية، وإذا كان محيط “الفاف” يتداول عدة أسماء بارزة، وفق المقترحات المقدمة، على غرار رونار، وخاليلوزيتش وحتى غوركوف وأسماء أخرى أشرفت على منتخبات في مونديال روسيا، إلا أن الجهات المعنية ستكون أمام الإشكال المالي الذي قد يحول دون انتداب مدرب كبير من حيث الاسم في الساحة الكروية والعالمية، ناهيك عن موجة التخوفات المتصاعدة بسبب عائق اللغة، في ظل دعوة البعض إلى تفادي سيناريو رايفاتش، ما جعل زطشي يؤكد على مراعاة إتقان المدرب الجديد للفرنسية كشرط لانتدابه على رأس العارضة الفنية “الخضر”.

19 مدربا خلال 18 عاما تكرّس سياسة الهروب إلى الأمام

ومن بين الجوانب التي أثارت الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، هو غياب الاستقرار على العارضة الفنية على مدار السنوات الأخيرة، وهو ما يؤكد بأن القائمين على “الفاف” لم يحفظوا الدرس، بدليل تكرار نفس الأخطاء وعدم أخذ العبرة من سوء الاختيارات التي وقعوا فيها منذ مطلع الألفية الحالية، والكلام هنا ينطبق على فترة الرئيس السابق لـ”الفاف” روراوة والرئيس الحالي خير الدين زطشي، فباستثناء رابح سعدان وخاليلوزيتش اللذان مكثا مدة 3 سنوات، ما سمح لهما بتأهيل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم لمرتين متتاليتين، إلا أن حوالي 11 مدربا لم يعمروا على رأس “الخضر” إلا 6 أشهر، في الوقت الذي سجلنا مكوث مدربين آخرين مدة تقترب من العام، وسط موجة من البريكولاج وإعادة الترقيع على وقع تواصل سياسة الهروب إلى الأمام التي باتت السمة السائدة لدى القائمين على الكرة الجزائرية.

11 مدربا لم يصمدوا 6 أشهر في “الخضر”

وتشير لغة الأرقام على طغيان منطق الطواقم الفنية المؤقتة التي تحولت إلى أمر عادي بمرور الوقت، خاصة في ظل اللجوء إليها في كل مرة، بدليل أن 11 مدربا اشتغلوا مع المنتخب الوطني لمدة لم تتجاوز 6 أشهر، والكلام ينطبق مع ناصر سنجاق مطلع الألفية، حين أشرف على المنتخب الوطني لمدة 4 أشهر فقط، موازاة مع “كان 2000″، والكلام ينطبق على جداوي الذي عمل لمدة 3 أشهر فقط (من ماي  إلى جويلية 2000)، قبل ان يواصل المهمة لمدة 5 أشهر بمعية الروماني رادوليشكو، كما تولى زوبا وكرمالي المهمة لمدة 4 أشهر منتصف 2001، والبلجيكي ليكنس خلال النصف الأول من العام 2003، فيما كلف رشيد شرادي مؤقتا لمدة شهرين بعد “كان 2004″، و4 أشهر فقط للبلجيكي الآخر وسايج في ذات العام (من ماي 2004 إلى سبتمبر 2004)، وكان الدور لنبيل نغيز ومنصوري لمدة شهرين موازاة مع استقالة غوركوف، بعد ما كلف بالإشراف على مباراة السيشل جوان 2016، أما رايفاتش فقد تمت إقالته بعد 4 أشهر من تعيينه بضغط من اللاعبين، عقب التعادل المسجل أمام الكاميرون في افتتاح تصفيات مونديال روسيا، ليخلفه ليكنس لمدة 3 أشهر، موازاة مع قيادة المنتخب الوطني في “كان 2017″، وسار على نفس الخطى الاسباني الكاراز الذي بقي رصيده فارغا طيلة 6 أشهر، لكن حقيبته امتلأت في النهاية بـ20 مليار سنتيم كتعويض عن قرار الإقالة.

7 تقنيين لم يدم تواجدهم سنة واحدة على رأس “الخضر”

وفي السياق ذاته، نسجل خلال 18 سنة الأخيرة تداول 7 مدربين لم يدم صمودهم سنة واحدة، والبداية برابح ماجر الذي عمل مدة 10 أشهر بين جويلية 2001 وربيع 2002، ليتكرر ذات السيناريو هذه المرة، حيث غادر بعد 8 أشهر فقط، وفي السياق ذاته اشتغل حميد زوبا لمدة 8 أشهر من ماي 2002 إلى جانفي 2003، و7 أشهر بالنسبة للمدرب رابح سعدان (من جويلية 2003 إلى فيفري 2004)، موازاة مع قيادته لـ”الخضر” في كان 2004، أما علي فرقاني فقد مكث في ثاني تجربة له مع “الخضر” مدة 9 أشهر، كان ذلك من سبتمبر 2004 إلى جوان 2005، و11 شهرا بالنسبة للمدرب إيغيل مزيان، وذلك من جوان 2005 إلى ماي 2006، أما عبد الحق بن شيخة فجرب حظه هو الآخر، ومكث مدة 9 أشهر فقط بسبب إخفاقه في التأهل إلى نهائيات “كان 2012، حيث عمل من سبتمبر 2010 إلى جوان 2011، وهي نماذج تؤكد بأن “الفاف” لم تحفظ الدروس، ولم تستوعب الأخطاء المرتكبة في السنوات الأخيرة، سواء في عهد محمد روراوة والذين سبقوه على رأس “الفاف”، أو خلال عهدة الرئيس الحالي زطشي الذي وقع بدوره أسير التغيير من اجل التغيير بسبب عدم ضبط معايير الاختيار، ما كلف خزينة “الفاف” 20 مليار سنتيم نظير فسخ العقد مع المدرب السابق الكاراز.

سعدان وخليلوزيتش أعادا البسمة بعد 3 سنوات صمود

في المقابل، صنع المدرب رابح سعدان الاستثناء مؤقتا رفقة البوسني خليلوزيتش، فالأول أعاد المنتخب الوطني إلى واجهة المونديال بعد 24 سنة من الغياب، ناهيك عن التأهل إلى نصف نهائي “كان 2010″، في حين تمكن البوسني خليلوزيتش من تأهيل “الخضر” إلى الدور الثاني من مونديال 2014 بالبرازيل، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الكرة الجزائرية، وقد تحققت هذه الإنجازات بفضل مكوث الثنائي المذكور مدة 3 سنوات على رأس “الخضر”، حيث أن في شهر أكتوبر 2007 عاد شيخ المدربين رابح سعدان إلى بيت “الخضر”، وعرف كيف يتجاوز عقبات تصفيات الكان والمونديال بنجاح، وساهم بذلك في إعادة “الخضر” إلى كأس العالم، من بوابة مونديال جنوب إفريقيا، وأوصل زملاء عنتر يحيى إلى نصف نهائي “كان 2010″، قبل أن يرغم على الاستقالة عقب التعادل المسجل في تشاكر أمام تنزانيا لحساب افتتاح تصفيات “كان 2011″، ليتم اللجوء مجددا إلى المرحلة الانتقالية عقب التعاقد مع المدرب عبد الحق بن شيخة من سبتمبر 2010 إلى جوان 2011، هذا الأخير عجز عن كسب الرهان في التصفيات المتبقية من “الكان”، خاصة بعد خسارته القاسية في إفريقيا الوسطى، وانهزامه برباعية في المغرب، ما جعل “الفاف” تنتدب البوسني وحيد خليلوزيتش شهر جوان 2011، هذا الأخير عرف كيف يعيد “الخضر” إلى أجواء نهائيات “الكان” في نسخة 2013، ولو أنه فشل في المرور إلى الدور الثاني، لكن ثقة هيئة روراوة مكنته من التألق في تصفيات ونهائيات كأس العالم بالبرازيل، بعد مروره إلى الدور الثاني، حدث ذلك بعد تجاوز هزيمة الافتتاح أمام بلجيكا، إثر الفوز أمام كوريا الجنوبية والتعادل أمام روسيا، وأداء مباراة كبيرة في الدور الثاني أمام بطل العالم منتخب ألمانيا الذي أرغم على المرور إلى الشوطين الإضافيين.

غوركوف فشل في تعبيد طريق خليلوزتش وخسر محبة الجماهير

وكان المدرب الفرنسي غوركوف في موقع جيد لمواصلة السير على خطى البوسني خليلوزيتش، وهذا باعتراف هذا الأخير الذي أكد منذ توليه لمهامه شهر جويلية 2014 على ضرورة تعبيد الطريق، ورغم تألقه في تصفيات “كان 2015″، إلا أنه فشل في تحقيق الهدف المسطر في النهائيات، بعد ما خرج من بوابة الدور ربع النهائي أمام كوت ديفوار، في وقت كانت “الفاف” تراهن على الوصول إلى المربع الذهبي، وبمرور الوقت تأزمت علاقته مع الجماهير الجزائرية والمحيط المقرب لـ”الفاف”، ما اضطره إلى رمي المنشفة شهر ماي 2016، بعد مسيرة دامت حوالي سنتين، تاركا مكانه للصربي رايفاتش الذي تمت إقالته بعد 4 أشهر مقابل 80 ألف دولار كتعويض، حدث ذلك بعد التعادل المسجل في ملعب تشاكر أمام الكاميرون لحساب افتتاح تصفيات مونديال روسيا، ليدخل المنتخب الوطني مجددا في متاهات المرحلة الانتقالية والطواقم الفنية شبه المؤقتة، والبداية مع البلجيكي ليكنس الذي أشرف على “الخضر” في “كان 2017” الذي غادره من الدور الأول، ليخلفه الكاراز الذي خسر الرهان من البداية، ووصولا إلى ماجر الذي غرق في الهزائم الودية التي عجلت برحيله بعد موجة من الانتقادات والضغوط، ما جعله يقع أسير سيناريوهات مماثلة وقعت له بعد إقالته في 1995 و1999 وفي العام 2002 بعد ودية بلجيكا.

مدة مكوث مدربي “الخضر” في عهد روراوة وزطشي

3 سنوات

أقل من عامين

أقل من عام

أقل من 6 أشهر

أهم الإنجازات والنكسات التي عهد روراوة وزطشي

مقالات ذات صلة