الجزائر
بعد أشهر من تواجده في‮ ‬المستشفى

الناجي‮ ‬الوحيد من سقوط الطائرة العسكرية‮ ‬يعود إلى عائلته بالشلف‮ ‬

الشروق أونلاين
  • 26470
  • 34
الشروق
نمير جلول الناجي الوحيد من حادثة الطائرة

زارت‮ “‬الشروق‮” ‬الناجي‮ ‬الوحيد،‮ ‬نمير‮ ‬جلول في‮ ‬بيته بسيدي‮ ‬عيسى ضواحي‮ ‬بلدية توقريت في‮ ‬الشلف لحظة وصوله،‮ ‬فوجدناه‮ ‬يجلس على كرسي‮ ‬مسند للحائط وبجواره عكازاتاه الحديديتان،‮ ‬فرحب بنا كثيرا وعلامات التعب وأثار العمليات الجراحية بادية على كامل جسده ووجهه وعنقه ورجليه وما خفي‮ ‬تحت الملابس أكثر،‮ ‬فخصته المصالح الاستشفائية بـ29‮ ‬يوما راحة لاسترجاع قوته وسد حاجته من العلاج النفسي‮ ‬ورفع معنوياته من خلال تواجده بين أصدقائه وأقاربه،‮ ‬بعدما شفي‮ ‬تماما من جراحه،‮ ‬وتوقفه عن تعاطي‮ ‬الأدوية حسبه،‮ ‬قبل دخول رمضان،‮ ‬ويتلقى حاليا تأهيلا حركيا،‮ ‬حيث‮ ‬يعرف جلول صعوبة في‮ ‬النطق قد‮ ‬يسترجعها من خلال الجو العائلي‮ ‬الذي‮ ‬يجده بين أهله وزملائه،‮ ‬بحيث تميز فور وصوله بالعفوية والرغبة الكبيرة في‮ ‬التأمل والتحدث لزواره الذين حولوا بيته إلى شبه عرس كبير،‮ ‬بعض النسوة ورفقائه وأقاربه دخلوا عليه وأعينهم تذرف دمعا،‮ ‬ويتأملون في‮ ‬وجهه قبل معانقته ودعواتهم له بالشفاء‮.‬

جلول‮ “‬الحمد لله أنا بخير‮”‬

‭”‬الحمد لله أنا بخير وأبلغ‮ ‬سلامي‮ ‬لكل الأصدقاء والشعب الجزائري،‮ ‬ولم أنس أي‮ ‬واحد،‮ ‬ولن أنسى تضامن الشعب الجزائري‮ ‬معي،‮ ‬فقد تلقيت أحسن التكفل بالمستشفى وبالمناسبة أزف سلامي‮ ‬لكل الأطباء والممرضين وعمال المستشفى العسكري،‮ ‬وأطلب الصبر لذوي‮ ‬رفقائي‮ ‬الشهداء وعن لحظة سقوط الطائرة‮ “‬يقف ويتنهد قليلا ويقول‮: “‬تلك اللحظة عبارة عن حلم أسود ومعجزة،‮ ‬لقد شاهدت انفجار الطائرة أمام عيني‮.. ‬وقع كل شيء في‮ ‬لحظة ارتطمت الطائرة بجناحها بجبل فرطاس،‮ ‬وكنت أجلس في‮ ‬الخلف قرب النافذة،‮ ‬وعند اصطدام الجناح بسطح الأرض ظهرت فتحة كبيرة فقفزت منها بكل عفوية،‮ ‬وعند وصولي‮ ‬إلى سطح الأرض الذي‮ ‬لم‮ ‬يكن بعيدا،‮ ‬بقيت واقفا بين الصخور وسط الثلج والضباب،‮ ‬فتأملت حينها المشهد،‮ ‬واشتعلت الطائرة وانفجرت وشاهدت تناثر الجثث والأشلاء على سطح الجبل،‮ ‬ثم أغمي‮ ‬علي‮ ‬ولم أستفق من‮ ‬غيبوبتي‮ ‬إلا بعد فترة طويلة،‮ ‬واليوم الحمد لله،‮ ‬تحسنت صحتي‮ ‬وأنا بخير،‮ ‬وصمت كل أيام رمضان من اليوم الأول،‮ ‬وبعد خروجي‮ ‬من المستشفى،‮ ‬تم نقلي‮ ‬برفقة عائلتي‮ ‬على متن طائرة خاصة من قسنطينة إلى المطار العسكري‮ ‬بالشلف‮”.‬

الأم فاطمة‮: ‬أحمد الله على نجاة ولدي

‭”‬الحمد لله،‮ ‬لازمت ابني‮ ‬منذ فيفري‮ ‬الفارط ومكثت معه طيلة‮  ‬6‮ ‬أشهر ونصف تقريبا،‮ ‬واليوم وبعد عودته كأنه ولد من جديد،‮ ‬أتذكر أول نظرة لي‮ ‬إليه بالمستشفى،‮ ‬لم أتعرف عليه،‮ ‬وفقدت الأمل،‮ ‬ولم تبق عندي‮ ‬ذرة في‮ ‬عودته للحياة،‮ ‬وطلب مني‮ ‬الأطباء أن أتحمل النتيجة‮: ‬حياته أو موته،‮ ‬ثلاثة أشهر لم أذق طعم النوم،‮ ‬لكن ابني‮ ‬كالوردة ذبل ثم عاد للحياة،‮ ‬وذلك بفضل دعاء‮ ‬40‮ ‬مليون جزائري‮ ‬له بالشفاء،‮ ‬ثم بفضل الطاقم الطبي‮ ‬للمستشفى العسكري‮ ‬بقسنطينة،‮ ‬الذين منحوني‮ ‬كل الثقة،‮ ‬ولم أشعر بالغربة وكأنني‮ ‬في‮ ‬بيتي،‮ ‬وأقدم شكري‮ ‬لكل الأطباء،‮ ‬وخاصة سكان ولاية قسنطينة،‮ ‬وبمناسبة ليلة القدر والعيد،‮ ‬أطلب الصبر لذوي‮ ‬الضحايا،‮ ‬وان‮ ‬يدخل أبناؤهم الجنة‮”. ‬

الأب عيسى‮:‬

‭”‬ستة أشهر من المعاناة”

‬زرته ست مرات،‮ ‬كل مرة تكلفني‮ ‬حوالي‮ ‬مليونين سنتيم،‮ ‬حقا رئيس بلدية توقريت منحني‮ ‬سيارة في‮ ‬المرة الأولى،‮ ‬تنقلت بها إلى قسنطينة،‮ ‬وما بعدها بقية أتحمل أعباء وتكاليف التنقل،‮ ‬لأن رئيس البلدية وعدني‮ ‬بمنحني‮ ‬السيارة لكنه اشترط علي‮ ‬إرجاعها في‮ ‬يومها،‮ ‬وهذه الفكرة لا تساعدني،‮ ‬لأنني‮ ‬أضطر للمبيت في‮ ‬فندق خاص بالزوار‮ ‬يتكفلون بهم مجانا،‮ ‬فزيارتي‮ ‬الأولى والثانية فقدت فيهما كليا الأمل في‮ ‬عودة ابني‮ ‬للحياة،‮ ‬حتى الثالثة،‮ ‬أين فتح عينيه عاد إلي‮ ‬الأمل،‮ ‬وذلك بفضل سهر أطباء المستشفى وعزيمتهم وقدرة الله التي‮ ‬كانت الأقوى،‮ ‬ودعاء الشعب الجزائري‮ ‬له‭.‬‮ ‬وبخصوص المرحومين فقد ماتوا شهداء،‮ ‬وأرجو الله أن‮ ‬يدخلهم جناته،‮ ‬ويقوي‮ ‬صبر أهلهم،‮ ‬فانه حقا شعور قوي‮ ‬لقضائهم هذا العيد بدونهم،‮ ‬ولكن الله سيعوضهم عنهم خيرا في‮ ‬الدنيا والآخرة‮”.‬

مقالات ذات صلة