الرأي

الوسخ من الإيمان؟

عمار يزلي
  • 5496
  • 0

هناك عدة مبادرات وحملات تدعو إليها وتقوم بها بعض الفعاليات المجتمعية، مشكورة إن لم تكن “مقعورة”، أي بدون خلفيات سياسية أو مصلحية. العمل المجتمعي ضروري بل وواجب، وبدون مجاملات ولا تعاملات مظهرية تظاهراتية.

الحملة ضد “البصاق”، من المفروض أن تحمل أكثر من مدلول بفعل “الحمالي” من الأوساخ وقلة الذوق بالبصق والثفل والتنخم والتمخط في الشارع وفي الساحات وعلى مرأى من العام والخاص! هذا الشأن كان ساري المفعول في كثير من الدول الأوربية، والغرامة كانت السبيل الوحيد لإيقاف مثل هذه السلوكيات في إسبانيا أيام فرانكو وفي باقي دول أوروبا. فلقد أصبحت شوارعنا ومدننا بأسرها لا تكاد تجد فيها مكانا جميلا لا يمكن أن تبصق فيه، مما ساعد على زيادة إنتاج البصاق، مما قد يؤدي إلى انهيار سعر البرميل منه إلى أقل من دينار!

نمت على هذا الهم الإضافي من بقية همومنا التي لا تنتهي، لأجد نفسي مواطنا “صالحا”، قررت أن أحافظ على البيئة وشروط الصحة والمواطنة.

خرجت صباحا، فوجدت قمامة بيتي مشتتة على طول الشارع! لم أفهم السبب! فأنا أعلم أني قد قمت بصناعة سلة من حديد ألصقتها بالأرض وبالجدار الخارجي للبيت لكي أرمي فيها الأوساخ، حتى يسهل على شاحنة البلدية أن تنقل ما فيها. تساءلت، فقيل لي: هكذا، يفعلون كل يوم أصحاب “الكاميو”! إنهم يجمعون الأكياس في مكان واحد ثم تأتي الشاحنة لتجمع الجميع. لكن القطط تكون قد فعلت فعلتها، فيقوم العمال برمي الأكياس من بعيد: النصف في الشاحنة والبقية في الشارع! قلت لأصحاب الشاحنة غدا: لا أريد أن أبصق، ولكن أنتم ترغموني على البصاق، كيف تقومون بهذا وأنا قد منعت القطط من تمزيق أكياس قمامتي بهذه السلة الحديدية، وأنتم تخرجون الزبالة،  تضعونها على الطريق ثم تلوحون بها من بعيد فتشتتون شملها في الشارع؟ أنتم تجمعون النفايات أم أنتم شركة نشر وتوزيع الأوساخ؟ بصقوا ثم انصرفوا.

لم أرد، رغم أني كنت أريد أن “أرد” (أتقيأ، يعني!)، فلم أفعل، فبصقت وراءهم وأكملت طريقي إلى أن وصلت إلى مقر البلدية. وجدت أمة من الناس “يزقون” و”يبزقون”! الصراخ والعويل، والدفال والبصاق والكفير والعياذ بالله! السبب: البلدية لم تنقل الأوساخ من أسبوع! قلت لهم في خاطري:.. نحن أكثر من بيروت في الروث!

عندها، بحثث عن مكان أبصق فيه فلم أجد أوسخ من سحنة كبير موظفي الزبالة الذي كان كونجي ودخل وراح خو الآخر يبصق ويشتم الناس من حوله! بصقت وتواصل البصاق العام عليه إلى أن تدخلت الشرطة لفض اعتصام الحملة الوطنية للبصاق على المتسببين في البصاق.

وأستيقظ وقد بصقت في وجه زوجتي على الصورة إلى جوار سريري.

مقالات ذات صلة