العالم
رئيس الجمعية الدينية لمسجد مارسيليا عبد الرحمان غول لـ"الشروق"

اليمين المتطرف في فرنسا استغل النقاب وأئمتنا الرافضون الوقوف للنشيد أخطأوا

الشروق أونلاين
  • 6565
  • 10
رئيس الجمعية الدينية لمسجد مارسيليا عبد الرحمان غول

يتحدث الإمام عبد الرحمان غول، الذي انتخب مؤخرا على رأس الجمعية الدينية لأكبر مسجد سيدشن في أوروبا بمدينة مارسييا، عن أزمة الهوية في فرنسا ومشاكل الجالية ومدى تمثيل المسلمين في المؤسسات والبلديات، وكيف استغل اليمين المتطرف النقاش حول النقاب والبرقع من اجل استغلاله سياسيا، كما رد “حادثة” الأئمة الذين رفضوا الوقوف للنشيد الوطني وتحية العلم، بتذكيرهم بأصل الهلال الموجود في اغلب الرايات الوطنية لكثير من البلدان الإسلامية والتي تعود إلى عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

يتواصل النقاش العام حول الهوية والنقاب في فرنسا، هل دخلت الجالية المسلمة الجزائرية في النقاش وما موقعها من كل هذا الحراك الذي يحمل بصمات سياسية؟

 

مما لاشك فيه أن الموضوعين سواء النقاب أو موضوع الهوية قد شد انتباه الكثيرين من أبناء الجالية الجزائرية المسلمة وذلك لكون النقاب أو البرقع ليس بالنسبة لي مشكلة دينية مادام القرآن بين أيدينا والسنة معنا ونحن ندين لله بالوسطية ونكره التشدد والغلو في الدين في مثل هذه البلاد، وان حل هذه المشكلة يكون بيداغوجيا وليس عن طريق القانون وهذا دور الأئمة والدعاة والمرشدين وهذه الإجابة إجابة رجل دين يعيش إسلامه في بيئة لائكية، أما موضوع الهوية فليس هناك تناقض بين الهوية في معناه الوطنى (سيتوايا) والهوية الدينية المسلمة لكل مواطن، فبإمكاني أن أكون مواطنا مسلما مئة بالمائة وفرنسي دون أي مشكلة،علما أن الإسلام دين يتعدى الحدود والأوطان فهو دين عالمي وحب الوطن من الإيمان.

إلا أن هناك شيئا مهما لا بد من الوقوف عنده عندما تثار مثل هذه الموضوعات فهذا يعني أن وراءها أهداف سياسية مقصودة من أهمها إبعاد الرأي العام عن أهم المشاكل الحقيقية التي تمس المواطن (كالعمل والسكن والمواضيع الاجتماعية) زائد هذه النية السيئة المبيتة فعندما دافع آباؤنا وأجدادنا عن فرنسا في جبهات القتال لم يسألوا يومها عن هويتهم واليوم وبمجرد الاهتمام بشؤونهم وبما يجرى من حولهم يطرح عليهم هذا الموضوع المفبرك لكسب أصوات اليمين المتطرف المعروف بعدائه للمسلمين وإخراجهم من دائرة الحوار السياسي. 

 

يزيد عدد الجزائريين من المهاجرين المقيمين بفرنسا عن 3 ملايين، هل يشكل هؤلاء قوة ضغط واقتراح سياسيين، أم أنها عصا في يد السلطة تستغلها فرنسا في الانتخابات؟

يجب الاعتراف أن المسلمين بصفة عامة والجزائريين بصفة خاصة في فرنسا فهموا قواعد اللعبة السياسية ولهم مناصب اقتصادية واجتماعية تمكنهم من دخول هذا العراك السياسي، فبعد ما كانت أغلب أصوات الجالية في سنوات الثمانينيات لليسار حتى أنه أصبح يحسبها حكرا له انقلبت الآية منذ 5 سنوات فأصبح المواطن الجزائري المسلم الفرنسي يختار القائمة السياسية حسب مصالحه السياسية وموقعه الاجتماعي الاقتصادي ضد يمين متطرف جعل من الجالية هدفه السياسي لتحصيل أكبر عدد من الناخبين العنصريين، ولما لاحظ أن جزءا كبيرا من المهاجرين أصبحوا مواطنين فرنسيين أضاف إلى خطابه السياسي المتطرف كلمة “مهاجرين مسلمين”.  

 

ما معدل معتنقي الإسلام من الفرنسيين والأجانب في السنة، وأي دور يلعبه المسجد في فرنسا، خاصة وان الجيل الثالث من المهاجرين تائه ويشكو أزمة هوية عميقة؟

للمسجد دور كبير في هذه الديار عكس كثير من المؤسسات التي ينفق عليها  الكثير من المال العام، فالمسجد يعلم ويربي، يأخذ بأيدي الكثير من الحائرين وينتشل الضائعين أحياء وأمواتا ويطعم الجائعين في رمضان، لكن مشكلة المساجد اليوم هو افتقارها إلى أئمة يحسنون اللغة الفرنسية حتى يتمكنوا من الإجابة عن كل الانشغالات التي يعاني منها أبناء الجيل الثالث بما فيها موضوع الهوية وأزمة لانفصال عن الوطن بعد تقصير من الآباء أو بعض الأحيان تفريط كامل في المسؤولية ليبقى المسجد بالنسبة لهم الأمل الوحيد الذي بإمكانه الإجابة عن كل انشغالاتهم، الأمر الذي صعب دور المسجد ومهمته في كثير من الأحيان.

الاعتناق الحقيقي قليل وهذا يأتي من ذوي الثقافات العالية، أما البقية الباقية فهم أصناف منهم من أجل الزواج بمسلمة وهم الكثرة الغالبة وحتى إن كانوا مخلصين فليس هناك متابعة ميدانية لهم، إضافة إلى غربة الدين عند الفتاة المسلمة في حد ذاتها، ومنهم الذين يعتنقون الإسلام بهدف الحصول على عمل في البلدان الإسلامية.

 

في فرنسا يمين متطرف يكره الإسلام والمسلمين، ويسار يستغل المهاجرين لأغراض سياسية، ما مصير المسلمين في ظل هذا الصراع القائم والذي هو سياسي أكثر منه إيديولوجي؟ هل استطعتم التموقع داخل المجالس البلدية من خلال الانتخابات، خاصة وان عدد المنتخبين المحليين من الجزائريين يزيد سنة بعد أخرى؟

إن مستقبل الجالية الجزائرية المسلمة هو بين أيديها، فكلما سجلوا أنفسهم في القوائم الانتخابية وكلما شاركوا في الانتخابات وترشحوا للمناصب السياسية ليؤكدوا موقعهم في المجتمع الفرنسي ويخدمهم في ذلك ثقلهم التعدادي المتزايد، علما أن هذا الأمر مازال في طوره الأول البدائي وأمامنا عشرون سنة، أي ما يعادل ثلاثة انتخابات قادمة لكي يبدأ التقارب إن لم أقل المنافسة في الوزن الانتخابي والسياسي الفاعل كما يقول العلامة ابن خلدون (يجب ثلاثة أجيال لتكوين دولة قائمة)، وهي مدة ليست بالبعيدة، والدستور والقانون في فرنسا يضمن لكل واحد حق الترشح والانتخاب، وما علينا إلا العمل ومن سار على الدرب وصل، علما أن المشكل الحالي يكمن في أبناء الجالية أنفسهم والقائمين بشؤونهم من الجهات المسؤولة من عدم توعية وتعريف بالواجبات وكما يقولون من لا يعرف واجبه ضاع حقه.  

 

في الجزائر، رفض مجموعة من الأئمة الوقوف للنشيد الوطني، بدعوى أن الوقوف للنشيد بدعة، ما رأيكم في هذا الموضوع؟

هذا تصرف لا يستند إلى أي دليل شرعي، ولا يقوم على حجة، ولكنه محض التعصب والتقليد للغير، ومن باب التشدد والتطرف الذي تعاني الأمة من ويلاته، والذي يحتم على أهل العلم والمتصدين للفتوى عندنا الوقوف لمثل هؤلاء الذين يحاولون زرع الفتنة والمساس برموز الدولة التي أجمعت العقول السليمة والفطر القويمة على وجوب الولاء للوطن والدولة، علما أن لكل دولة رموزا، ولغة تخاطب تمثل وحدة الشعب ووحدة الوطن والانتماء إليه، ألم تكن لرسول الله راية؟، ألم يكن مع النبي أمثال حسان بن ثابت شاعر الرسول؟ من أين جاء الهلال الذي نجده في مختلف رايات البلدان الإسلامية؟.. إن التمسك بحب الوطن والاعتزاز به من علامة الإيمان.

مقالات ذات صلة