الشروق العربي

ان الله لا يضيعنا

الشروق أونلاين
  • 4739
  • 6

حاتم الأصم من كبار الصالحين ، حنّ قلبه للحج في سنة من السنوات ولا يمتلك نفقة الحج ، ولايجوز سفره بل لا يجب الحج دون أن يضع نفقة الأبناء دون أن يرضوا

 فلما أقبل الموعد رأته ابنته حزينا باكيا وكان في البنت صلاح..

  فقالت له : ما يبكيك يا أبتاه؟

 قال : الحج أقبل.

 قالت : ومالك لا تحج؟

 فقال : النفقة.

 قالت : يرزقك الله.

 قال : ونفقتكم؟

 قالت : يرزقنا الله.

 قال : لكن الأمر إلى أمك.

 ذهبت البنت لتذكر أمها..

 وفي النهاية قالت له الأم والأبناء : اذهب إلى الحج وسيرزقنا الله.

 فترك لهم نفقة 3 أيام ، وذهب هو إلى الحج وليس معه ما يكفيه من المال ، فكان يمشي خلف القافلة ،

وفي أول الطريق لسعت عقرب رئيس القافلة ، فسألوا من يقرأ عليه ويداويه ، فوجدوا حاتم ، فقرأ عليه فعافاه الله من ساعته.

 فقال رئيس القافلة : نفقة الذهاب والإياب عليّ.

 فقال : اللهم هذا تدبيرك لي فأرني تدبيرك لأهل بيتي.

 مرت الأيام الثلاثة ، وانتهت النفقة عند الأبناء ، وبدأ الجوع يقرص عليهم ، فبدؤوا بلوم البنت ، والبنت تضحك!

 فقالوا : ما يضحكك والجوع يوشك أن يقضي علينا؟!

 فقالت : أبونا هذا رزاق أم آكل رزق؟

 فقالوا : آكل رزق ؛ وإنما الرزاق هو الله.

 فقالت : ذهب آكل الرزق وبقي الرزاق.

 وهي تكلمهم وإذا بالباب يقرع ،

 فقالوا : من بالباب؟

 فقال الطارق : إن أمير المؤمنين يستسقيكم.

 فملأت القربة بالماء ، وشرب الخليفة فوجد حلاوة بالماء لم يعهدها!

 فقال : من أين أتيتم بالماء؟

 قالوا : من بيت حاتم.

 فقال : نادوه لأجازيه

 فقالوا : هو في الحج.

 فخلع أمير المؤمنين منطقه-وهي حزام من القماش الفاخر المرصع بالجواهر- ، وقال : هذه لهم.

 ثم قال : من كان له عليّ يد-بمعنى«من يحبني»-

 فخلع كل الوزراء والتجار منطقهم لهم ،

 فتكومت المناطق فاشتراها أحد التجار بمال ملأ البيت ذهباً يكفيهم حتى الموت ، وأعاد المناطق إليهم .

 فاشتروا الطعام وهم يضحكون فبكت البنت!

 فقالت لها الأم : أمرك عجيب يا ابنتي ؛ كنا نبكي من الجوع وأنت تضحكين ، أما وقد فرج الله علينا فمالك تبكين؟!

 قالت البنت : هذا المخلوق الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا «الخليفة» نظر إلينا نظرة عطف أغنتنا إلى الموت ، فكيف بمالك الملك!

 إنها الثقة بالله . إنها الثقة بالرزاق ذو القوة المتين. إنها قوة الإيمان وقوة التوكل على الله .فسبحان الله أين نحن من ذلك .

 حين اختارك الله لطريق هدايته ليس لأنك مميز أو لطاعةٍ منك ، بل هي رحمة منه شملتك ، قد ينزعها منك في أي لحظة،

 لذلك لا تغتر بعملك ولا بعبادتك ولا تنظر باستصغار لمن ضل عن سبيله فلولا رحمة الله بك لكنت مكانه..

مقالات ذات صلة