الرأي

اِعْتِدَاءَان: خارجي وداخلي

لقد اهتزّ الجزائريون وحُقَّ لهم أن يهتزوا-، وغضبوا -وحُقَّ لهم أن يغضبوا- للفَعْلَة الشنعاء التي فعلها بعض سُفهاء المغرب وأرَاذله وسَفلَته من اعتداء وَقِحٍ على رمز من رموز الجزائر وهو العلم الوطني.

إنّ الثمن الذي دفعه الجزائريون في سبيل مبادئهم ورموزهم كبير جدًا، سواء من حيث النوع، حيث استشهد في سبيلها أحرار هم الأحرار، وحرائرُ هُنَّ الحرائر؛ أو من حيث الكم، حيث جاوز عدد شهدائنا في معركتنا الأخيرة ضدّ الطغاة الصليبيين الفرنسيين مليونًا ونصفًا أو يزيدون.

لو كان أولئك السِّفْلة على شيء من الخلق الكريم والأصل الشريف لَقَبَضوا أيديهم النجسة عن أن تمتد إلى ذلك الرمز -العلم- الذي دُفِع في سبيله ما دُفِع من طاهر الدماء، وكريم الرجال، وغزير الأموال… ولكن “الناس معادن” كما قال أشرفهم وأنبلهم -صلّى الله عليه وسلّم- وتصرفاتهم هي التي تنبئ عن معادنهم، وتُعلِم عما في نفوسهم…

وأعود إلى الجزائريين الذين استفزهم ما فعله شَرَاذِمَةُ المغاربة، وكان ردّ فعلهم هو تعليق علمهم الجميل في شرفات المنازل وعلى السيارات… وأسألهم: لماذا لا نثور ولا نغضب لاعتداء آخر يقع على رمز من رموزنا لا يقلّ قداسة عن العلم إن لم يفقها، وما هذا الرمز إلا اللغة الوطنية؟

إنّني أعتبر “الجزائريين” الذين اعتدوا ويعتدون على اللغة الوطنية-الرسمية أكثر جُرمًا من أولئك المغاربة الأراذل… وذلك لأنّ أولئك المغاربة “أوْحى” إليهم أكابِرُهُم الذين أضلوهم ووَسْوَسُوا في صدورهم أنْ يتخذوا الجزائر والجزائريين عدوًا؛ بينما الذين يعتدون في الجزائر على اللغة العربية (الوطنية-الرسمية) هم “جزائريون وطنيّون”؛ بل يزعمون أنّهم أكثر جزائرية ووطنية، ولأنّ المغاربة الذين اعتدوا على العلم الجزائري تصرّفوا -كما قلت- بوحي كبرائهم، ولكن الذين يعتدون على اللغة العربية (الوطنية-الرسمية) يفعلون ذلك بإرادتهم، وليسوا مكرهين أو مضطرين حتى يُعْذروا، ويُغضَّ الطرْفُ عن جريمتهم… ولأنّ المغاربة الذين أساءوا السُّوآى هم من “سَقْط المتاع” بينما المعتدون على اللغة العربية (الوطنية-الرسمية) يحسبون أنفسهم من “عِلْيَتِنا” وأنّهم لم يُخلق مثلهم في البلاد، وكثير منهم يتوّلون أعلى المسئوليات ويحتلّون أكبر المناصب في مؤسسات الدولة الجزائرية، ويتكلّمون بها -باسمنا- في المحافل الدولية، وفي مؤسسات عدّونا (البرلمان الفرنسي مثلا).

إنّ اللغة العربية -لو كنّا نعقل- أكثر قداسة من العلم الوطني، وذلك لأسباب منها:

 أنّها لغة ديننا الحنيف، وكتاب ربّنا المجيد.

أنّها وعاء تراثنا الفكري والأدبي منذ خطبة طارق بن زياد إلى الآن (14 قرنا).

– أنها اللغة التي اتخذها أسلافنا لسانًا رسميا للدول التي أنشأوها، بينما هذا العلم هو حديث العهد، وقد زعم بعضهم أنّ فرنسية شيوعية، تروتسكية (زوجة ميصالي) هي التي صنعته، وعدد أعلامنا هو بعدد دولنا، بينما ليس لنا منذ مجيء الإسلام إلا لغة واحدة، عكس الذين ادعوا أنّ للجزائريين “لغات”.

وأنّها اللغة التي نتواصل بها مع ما يقرب من 300 مليون من العرب هم مجالنا الحيوي، بمن فيهم المغاربة، ومع أكثر من مليار من المسلمين.

مقالات ذات صلة