الجزائر
سفير الجزائر بإيطاليا عبد الحميد سنوسي بريكسي لـ"الشروق":

بابا الفاتيكان سيزور الجزائر لتطويب رهبان تيبحيرين

الطاهر حليسي
  • 1814
  • 6
أرشيف
سفير الجزائر بإيطاليا عبد الحميد سنوسي بريكسي

يتحدث في هذا الحوار سفير الجزائر بروما، عبد الحميد سنوسي بريكسي، لـ”الشروق”، عن العلاقات بين الجزائر وإيطاليا، وكذا البعد التاريخي بين البلدين، والزيارة المرتقبة لبابا الفاتيكان إلى الجزائر.

كيف هو واقع الكفاءات الجزائرية في إيطاليا؟

توجد بإيطاليا نخبة مهمة من الكفاءات الجزائرية في مختلف الميادين الثقافية والفنية والرياضية والاقتصادية التي يمكنها أن تمنح للبلاد صورة تحمل على الفخر والاعتزاز بالانتماء للبلاد. منذ سنتين شرعنا في معرفة أماكن تواجد هؤلاء ووظائفهم ضمن استراتيجية لجمعهم وترقية نشاطهم وتشجيعهم للتعريف بهم لبعضهم البعض تمهيدا لتعريفهم للجانب الإيطالي ومن ثم الإسهام في تعزيز وتقوية العلاقات الجزائرية الإيطالية.
وأؤكد لكم بناء على تجربة، شرعنا في التعرف على هؤلاء وزيارتهم طيلة السنتين الماضيتين، أن هناك جالية ممتازة قوامها نخبة تملك مؤهلات عالية في شتى المجالات، وعلى سبيل المثال لا الحصر يعيش هنا في إيطاليا اثنا عشر فنانا تشكيليا ونحاتا من الطراز الفني العالي، على غرار الفنان عبد القادر هوامل الذي عرف ساعة مجد ثم فترة ضياع وقد قمنا بنفض الغبار عليه وإعادته للأضواء من خلال تنظيم معرض له طيلة شهر كامل بنابولي التي احتضنت السنة الماضية الشهر الجزائري وكان شهرا حافلا بالنشاطات الثقافية والاقتصادية والندوات. مشكلة هذه الجالية أنها مشتتة نوعا ما.. هناك أيضا جزائريون يشتغلون في المراكز الثقافية والمراكز الإسلامية وقد زرت أحدهم ويدعى عبد القادر مكري بمدينة فابري وهو شخصية مندمجة جدا في المجتمع الإيطالي ويحظى بتقدير واحترام السلطات المحلية للمدينة ورئيس البلدية يزوره ويجتمع معه بالنظر لما يحظى به من مصداقية.

كيف يمكن تعزيز العلاقات الجزائرية الإيطالية عبر هذه الجالية؟

هذا ممكن جدا لسبب وجيه كان من بين أهدافنا طيلة عامين، التعريف بالقصة الحقيقية للعلاقات الجزائرية الإيطالية، لدينا تاريخ تبادل غني على مدار 20 قرنا من الزمن بين البلدين، فبلدنا قدم شخصيات عظيمة مثل سان أوغسطين، وأبوليوس المداوروشي، والقديس سان زينون المنحدر من شرشال، وزينون هذا هو أول أرشيدوق افريقي بأوروبا ولو ذهبت لفيرونا لوجدت أن أهم كنيسة بهذه المدينة تحمل اسمه، لدينا من الجانب الإيطالي قصة الأسير ألدينو بيتشيني الذي أسرته البحرية الجزائرية ثم تبناه أميرال جزائري وعلمه ورباه وأدخله الإسلام ليصبح بعد سنوات حاكم الجزائر المعروف بالباشا علي بتشين، وهذه قصة إنسانية رائعة تحول فيها أسير إيطالي لسلطان الجزائر. لا ننسى أيضا قصة ليوناردو فيوبيناتشي نجل قنصل غني ينحدر من بيزا ومثل بلاده ببجاية وهو الشخص الذي زار بجاية المزدهرة بين القرنين الحادي عشر والثاني عشر وتعلم في جامعتها ومنها أخذ الأرقام العربية وحملها إلى إيطاليا وكامل أوروبا.
..هنالك اتفاقيات موقعة بين الجزائر المتميزة باستقلالية خاصة في العهد العثماني مع ممالك جنوة وصقلية والبندقية، بات مفروضا التعريف بالتاريخ المشترك بين البلدين ونحن نسعى لإقامة برامج بيداغوجية مشتركة تمكن الجزائريين من معرفة أن تواجدهم هنا هو محصلة تاريخ طويل وحافل، كما يدفع الإيطاليين لإدراك أن الجزائر هي الشريك الأكثر انسجاما مع إيطاليا.. وهناك لجان مشتركة عالية المستوى على مختلف الأصعدة، لأن إيطاليا الزبون الأول للجزائر في الطاقة. وحتى العلاقات الاقتصادية لها تاريخ طويل فالجزائر صدرت في السابق القمح للإمبراطورية الرومانية، كما صدرت منتج الطاقة عبر مادة الشمع المصنعة من بجاية وأيضا الرخام الجيد الملون المنتج في بوحنيفية.
وحاليا تم التوقيع منذ فترة على اتفاقية مهمة في مجال تزويد ايطاليا بالمحروقات، كما تشجع الجزائر الإيطاليين بالاستثمار في الجزائر بدل التجارة.

أعلن مؤخرا عن زيارة مرتقبة لبابا الفاتيكان للجزائر، هل من معلومات حول الزيارة؟

أولا لست مؤهلا لإعطاء تفاصيل دقيقة عن الملف، لأني لست سفيرا معتمدا لدى الفاتيكان، فالسفير الجزائري المعتمد لديه مقره بجنيف السويسرية، كما أن القانون الفاتيكاني يمنع أن يكون السفير لدى إيطاليا والفاتيكان معا، لكن كل المؤشرات تدفع نحو زيارة تاريخية لبابا الفاتيكان الحالي للجزائر خلال نهاية السنة الجارية وتحديدا في السداسي الثاني من سنة 2018، للقيام بقداس التطويب لرهبان تيبحيرين المغتالين خلال العشرية السوداء.
لقد عبرت الجزائر عن موافقتها على الطلب الدي تقدم به الفاتيكان، لأن الجزائر بلد يؤمن بالتقارب والحوار والتشارك، ضف إليه أن بلدنا لا يملك مشكلة مع الديانات الأخرى، فقد وهبت للمسيحية القديس سان أوغسطين وأمه سانت مونيك والقديس زينون وغيرهم كثير، فليست هناك مشكلة على الإطلاق. لقد جاء مونسينيير تيسييه لإيطاليا قبل شهر لإلقاء محاضرة حول رهبان تيبحيرين واغتنمت فرصة قدومه وطلبت من رسامة ايطالية من البندقية مختصة في الخط العربي، أن ترسم لي سان أوغسطين والأمير عبد القادر في لوحة واحدة، وعرضت الصورة لأدلل على أن لا مشكلة لدينا، لأننا ندافع عن الأمير عبد القادر وعبد الحميد بن باديس وسان أوغسطين والكاهنة ويوغرطة وتينهينان وماسينيسا، لأنهم جزء من تاريخ الجزائر الممتد عبر العصور.
كل المعطيات تؤكد أن الزيارة مهمة ويجب أن تولى باهتمام ووفاق وترحيب الجزائريين بها، لأنها تحمل طابعا إنسانيا ومتسامحا ويقدم صورة إيجابية عن وطننا، حيث لم يسبق لبابا أن زار الجزائر من قبل، كما أنها أول عملية تطويب يقوم بها البابا في بلد إسلامي وثاني بلد عربي بعد جمهورية لبنان التي لها طابع مسيحي وهذا أمر مفيد وإيجابي للغاية.

مقالات ذات صلة